بزوغ الفجر
بالرغم من كل ما يكيده العدو ضدنا، والمآسي التي تحل بساحتنا، والتآمر الذي يستهدف تحطيم كياننا، وتبديد قدراتنا وطاقاتنا، فإن الآمال المشرقة تغمر حياتنا وتملأ قلوبنا وتشع في آفاقنا، فهذي فلسطين البطولة والتضحية والفداء تحبط كل المناورات والمؤامرات وتلغي كل المخططات التي دأب العدو – بدعم من القوى الكبرى في العالم – على تنفيذها منذ أكثر من أربعين عاماً لطمس الهوية الفلسطينية، وتهويد القدس، وإبادة الشعب العربي في فلسطين وزرع المستعمرات في أرجاء الأقصى المبارك، وإذا بالعالم كله يفاجأ بجيل يسخر من السلاح الثقيل ويستخف بالمذابح والجرائم التي يرتكبها الصهاينة فوق كل شبر من فلسطين، فإذا بشولتز يهرع كالمسعور إلى عواصم العرب خشية أن تكون هذه الانتفاضة المذهلة بداية النهاية للنهضة الكبرى على طريق التحرير والتطهير للوطن العربي بأسره.
وهذا هو الجيش العراقي بفيالقه وفرقه وألويته وأفواجه التي يحمل كل واحد منها اسم قائد من قادة الفتح العظام، أمثال حمزة والفاروق وشرحبيل، والقعقاع والمثنى وسعد، والحسين، وقوات الله أكبر، هذا الجيش يسجل كل يوم نصراً يزفه إلى العرب والمسلمين في بيانات معطرة بآيات الكتاب العزيز لتذكر كل فرد في هذه الأمة أن سر قوتنا يكمن في إيماننا وأن النصر بيد الله يؤتيه من يشاء وهو العزيز الحكيم.
وعندما تكالبت قوى البغي والعدوان على جنوب السودان وزحفت على المدن الحدودية لتحتلها واحد بعد أخرى ظناً منها أنها بدعم من اليسار واليمين وشراذم التعصب تنفرد بالسودان لتقتطع جنوبه عن شماله وتقضم أرضه الخضراء وسهوله الفيحاء جزءاً جزءاً فإذا بالأشقاء يهبون لنجدة الأخ الجريح وتخليصه من بين براثن الوحوش الضارية، وإذا بجسر جوي يحمل سلاح العراقيين إلى إخوتهم أبناء السودان، وإذا بالمدد السعودي والمصري يتواصل نجدة وعوناً وسلاحاً إلى الخرطوم مما جعل المتمردين يتجرعون كأس العار والهزيمة مترعاً. أو ليس هذا برهاناً ساطعاً على أن أمتنا تحفها العناية الإلهية وتحفظها رعاية الله؟
فهل يجوز بعد ذلك لأي فرد منا أن يدع اليأس يتسرب إلى نفسه وهو يرى المحن تكشر عن أنيابها والكوارث عن أنيابها والكوارث تترى على أرضنا؟
أم أن ذلك يكون باعثاً على إفراغ الجهد وشحذ العزيمة ومواجهة الأعداء لإحباط كيدهم والعمل على دحرهم بعزيمة الرجال وصبر المجاهدين؟ فهل يجتمع بعد هذا كله الإيمان واليأس في قلوب المؤمنين؟ وهل يجوز لأي فرد من هذه الأمة التي شرفها الله بحمل رسالة لإسلام وتبليغها للعالمين أن يفارق الرجاء فؤاده وابتسامة الأمل محياه؟!
لا مكان لليأس في القلوب التي يملأها الإيمان ويغمرها الأنس واليقين. وصدق الله العظيم "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل".
وسوم: العدد 831