شعار( أنا أوّلاً ) : جغرافي ، أم سياسي ، أم فلسفي ، أم خُلقي ، أم مَصيري ..؟

الإنسان - في نظر نفسه - محورُ الكون ! وأهمّية الأشخاص والأشياء ، لديه ، يَحكُم عليها ، من خلال قربها منه ، أو بُعدها عنه !

هو- في نظر نفسه-: أهمّ من أخيه.. وأولادُه أهمّ ، من أولاد أخيه.. وبيتُه أهمّ، من بيت أخيه !

أبوه : أهمّ من عمّه .. وإخوتُه أهمّ من أعمامه .. وأولاد أخيه أهمّ ، من أولاد عمّه !

وأقاربه : أهمّ من الأصدقاء .. والأصدقاء أهمّ ، من المعارف ! وكلّ هذا ، في حدود ، ماهو متعارَف عليه ، بين الناس ، باستثناء حالات قليلة ، لا يقاس عليها !

لكن ؛ هل يَثبت هذا الترتيب ، في الحالات كلّها ؟

أفلا يشكّل السياجُ ، أحياناً ، من الأقارب البعيدين ، حصناً للبيت ، ومَن يجاوره ، من الأقارب الأدنَين ، الذين يشكّلون حصناً للبيت ، وللأسرة التي فيه ؟

أليست القبيلة ، حصناً للعشيرة ، في حين أن العشيرة ، حصن للاسرة ؟

أفلا يجازف المرء ، بالتضحية بنفسه - وهي أقرب المخلوقات إليه - ليُنقذ أحد أبنائه ، من الهلاك ، غرقاً في الماء ، أو احتراقاً بالنار؟

أفلا يحمل المرء سلاحه، ويجازف بحياته ، وحياة أبنائه ، في قتال، يحمي فيه ، أعمامه ، وأبناء عمومته؟

أفلا يجازف المرء ، في التضحية بحياته ، وحياة أبنائه ، دفاعاً عن وطن ، يقيم فيه ؛ فيحمي هذا الوطنَ ، الذي يقيم فيه ، معه ، أناس كثيرون ، من أقارب له ، وأصدقاء ، وغرباء عنه، وعن قبيلته ، كلّها ؟

أليس المجتمع ، الذي يعيش فيه المرء مع، أسرته، هو السفينة، التي تحدّث عنها النبيّ الكريم:

مَثَلُ القائم على حدود الله ، والواقع فيها ، كمَثل قوم استهَموا على سفينة ؛ فأصاب بعضُهم أعلاها ، وبعضهم أسفلَها ، فكان الذين في أسفلها، إذا استقَوا من الماء ، مرّوا على مَن فوقَهم، فقالوا : لو أنا خَرقنا ، في نصيبنا خرقاً ، ولم نُؤذِ مَن فوقَنا ! فإن تركوهم وما أرادوا ، هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم ،  نجَوا ، ونجَوا ، جميعاً!

والسؤال ، هنا ، هو: هل يطبّق كلّ قطر عربي ، شعارَه : ( أنا أوّلاً) ، بصرف النظر، عن ارتباطه بالآخرين ، والخطر الذي يأتيه ، من ضعفهم ، أو من مصائبهم ؛ فيؤكَل الجميع ، بأيدي أعدائهم ، تحت هذا الشعار.. أو يهلك ، تحته ، الجميع ، بالكوارث الطبيعية ، والأزمات: المالية والسياسية والأمنية .. وغيرها ، دون أن يساعد أحدها الآخر؟

وسوم: العدد 842