العمل السياسي ، يتمّ ضمن أنساق .. فما النسق ، الذي تعمل في إطاره : محلّياً وإقليمياً ودولياً ؟
هنا حزمة من الأسئلة ، يجب أن يطرحها ، كلّ قائد حزبي ، على نفسه ، قبل أن يباشر عمله السياسي ، ضمن حزبه .. وقبل أن يباشر الحزبُ عمله السياسي ، ضمن نسق دولته القائم ! والخطأ في التصوّر، قد يسبّب كارثة للحزب ، أو لقيادته .. أيّاً كان الحزب ، وأيّاً كان انتماؤه الفكري ، وأيّاً كانت قوّته ، ضمن نسق دولته ! إلاّ أن يكون الحزب ، أقوى من الدولة ؛ فعنئذ يأخذ التفكير السياسي منحىً آخر، شاذّاً ، عن التفكير السياسي ، الطبيعي المعهود !
ولا بدّ ، قبل ذلك ، من تعريف النسق السياسي .. ونورد ، هنا ، أحد التعريفات ، كما أورده بعض المختصّين :
يُعتبر المُنتظَم السياسي ، من بين المفاهيم الأساسية ، في علم السياسة ! والمنتظم هو: مجموعة من العناصر، المادّية وغير المادّية ، التي تترابط بينها ، بشكل ، يجعلها تؤلف كلاّ منسجما ومنظّماً! فهو، بهذا المعنى : نسق متماسك ومترابط ، بشكل يجعله مميّزاً ، عن باقي الأنساق والمنتظمات.!
ومن الأسئلة ، التي يجب أن يطرحها القائد الحزبي ، على نفسه :
ماَنسق دولتك : نظام الحكم .. الأحزاب .. القبائل .. النقابات .. عامّة الشعب .. وما العلاقات بين هذه الفئات : التحالفات .. الخصومات .. القيم الأساسية ، الضابطة للعلاقات ؟
ما القوى المتصارعة ، سياسياً ، في دولتك ، وما المصالح ، التي تسعى كلّ قوّة ، إلى تحقيقها، لنفسها؟
ما المصلحة ، التي تريد تحقيقها لحزبك ، من خلال صراعك ، مع الأحزاب المختلفة ، في دولتك ؟
ما السقف المخصّص ، لنظام حكمك ، وعلى رأسه قيادته العليا .. ضمن نسقه : المحلي والإقليمي والدولي ؟
ما الهوامش ، المتاحة لنظام حكمك : داخلياً وإقليمياً ودولياً ؟
ما السقف ، الذي تراه لحزبك ، ضمن النسق المحلي القائم ؟ وما السقف الذي تطمح ، إلى بلوغه؟
ما الهوامش ، المتاحة لحزبك ، ضمن نسقك المحلي ، لتحقيق أهدافك ، محلياً : ضمنها ، وضمن السقوف المتاحة لحزبك ؟
إذا كان سقف حاكمك الأعلى ، في نسقك المحلي ، لايجاوز شبراً ، فوق رأسه .. فهل تحلم ، بأن يَسمح لك بسقف ، ارتفاعه متر ؟
إذا كان الهامش ، المتاح لحاكمك الأعلى ، محلياً ، دائرة قطرها متر .. فهل تأمل ، أن يسمح لك النسق القائم ، بهامش حركة ، يجاوز مترين ؟
ما النسق الإقليمي ، الذي تعمل ضمنه دولتك ؟
إذا كانت الأحزاب ، بطبيعتها ، محلية .. ولا يُسمح لها ، أن تكون إقليمية .. فهل تحلم ، أن تجاوز حدود النسق المحلي ، لتصنع لحزبك ، نسقاً إقليمياً ، أو دولياً ، دون خرق النسق المحلي القائم ؟ وهل يُسمح لك ، بذلك ؟
ما النسق الدولي ، الذي تعمل ضمنه دولتك ، مباشرة ، وعبر نسقها الإقليمي ؟
هذا غيض من فيض ، من الأسئلة ، التي ينبغي أن يطرحها القائد السياسي الجادّ ، على نفسه ، حين يتصدّى للعمل السياسي ، ضمن دولته ، ولا سيّما ؛ إذا كان صاحب مشروع ، يهدف إلى إنجازه ، أو صاحب حلم ، يرغب بتحقيقه لبلاده !
وسوم: العدد 858