مَن يأكل الحصرم ، ومَن يَضرَس ؟
في المثل : الآباء يأكلون الحصرم ، والأبناء يضرسون ! وهو ليس مجرّد مثل ، بل هو قاعدة اجتماعية إنسانية ، عامّة ، بل هوسنّة ربّانية ، وضعها الله لعبادة ، إذ قال سبحانه : (واتّقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصّة) .
والمثل الوارد أعلاه ، ينسحب على الأفراد والجماعات ! وقد يأكل الفرد الحصرم ، في مرحلة ما ، من حياته ، فيضرس ! كما قد تأكل جماعة ما ، حصرماً فتضرس ، وبضرس غيرها، من أبناء مجتمعها، أو من فئاته المختلفة ! وقد يكون الخطأ(أكل الحصرم)، ناجماً عن أنانية،أو اجتهاد يراد به نفع الغير،أو نحوذلك ،والأمثلة توضح:
الفرد: قد يرتكب فرد ما ، في مرحلة من حياته ، خطأ ، في طفولته أو شبابه .. فينعكس الخطأ ونتائجه ، على الفرد ، نفسه ، في حياته ، كلّها ! كالطفل الذي يمارس شقاوة ، من نوع ما ، فتسبّب له إعاقة بدنية ، تؤثر في حياته ، كلها , أو يرتكب خطيئة ، في شبابه ، تنعكس ، سلباً ، بآثارها ونتائجها ، على مسيرة حياته ، كلها ! وقد يؤثر خطأ الفرد ، في حياة أسرته ، مادّياً ومعنوياً ، في المجتمع المحيط به !
الأسرة : وقد ترتكب الأسرة ، أو بعض أفرادها المؤثرين ، خطأ ما ، فتنسحب آثاره أو نتائجه ، على سائر أفراد الأسرة : مادّياً أو معنويا .. اجتماعياً أو اقتصادياً ..!
القبيلة : كانت المجتمعات القديمة ، مكوّنة من قبائل ، يشكّل مجموعها، شعباً أو قوماً، فيرتكب بعض أفراد القبيلة أخطاء ، قد تؤثر، سلباً ، في مجموع أفراد القبيلة ، وقد تؤثر في الشعب ، الذي تنتمي إليه القبيلة ؛ فيُهلك الله القبيلة ، وحدها ، أو يهلكها مع الشعب ، الذي تنتمي إليه ! وقد أهلك الله أمماً ، بأنواع مختلفة من الهلاك ؛ وذلك بأخطاء أفراد ، من إحدى القبائل ، ارتكبوها ، دون أن ينهاهم أحد ، من القبيلة ، أو من الشعب ، الذي ينتمون إليه ! فالمجتمع كالسفينة ، المذكورة في الحديث النبوي !
المدينة : ما ينسحب على الشعب ، ينسحب على المدينة ، التي قد ترتكب عناصر، من بعض أحيائها ، أخطاء تنعكس ، سلباً ، على سائر أفراد المدينة !
الحزب : مؤسّسة اجتماعية اختيارية ، يَختار أفرادها ، الانتماء إليها ، لأهداف: سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ..! وأخطاء الأفراد ، المنتمين إلى الحزب ، المؤثرين فيه ، قد تنعكس ، سلباً ، على الحزب كله ، هيئاتٍ وأفراداً ، مادّيا ومعنوياً: فقد يسقط احتماعياً ، في نظر الشعب ، فيسقط سياسياً ، في الانتخابات ، التي تتنافس فيها الأحزاب ، لنيل مواقع ، في سلطات بلدانها!
الحكومة : قد ترتكب الحكومة ، أو بعض أفرادها ، أخطاء : سياسية أو اقتصادية ، أو خُلقية .. فينعكس ذلك ، سلباً ، على عمل الحكومة ، كله ، أو على كيانها كله ! وما أكثر الحكومات التي سقطت ، نتيجة أخطاء بعض أفرادها ؛ كسقوطهم في عمليّات رشوة ، وغير ذلك !
الدولة : قد تتأثر الدولة ، سلباً ، بأخطاء بعض أفراد الحكم فيها ، لاسيّما مَن كان منهم ، في المواقع العليا للسلطة ! وقد يهتزّ كيان الدولة ، أو تسقط ، نتيجة حرب ، مع جيرانها ، او مع غيرهم
وسوم: العدد 872