هل تريد الشعوبية نسفَ العرب ، أم نسف الإسلام ؟
قام الإسلام على أكتاف العرب ، نبوّة وكتاباً ولغة ، وحهاداً أوّلياً ، ودعوة ودولة !
دخل في الإسلام الفرس ، أفراداً وأمّة ، وحمل بعضهم الإسلامَ : علماً وفقهاً ودعوة !
ودخل الترك الإسلام ، أفراداً وأمّة ، وحملوا الإسلام : دولة وجهاداً وحماية !
ودخلت الإسلام أمم وشعوب شتّى، من سائر القارّات، وجاهدت، في حمله والدفاع عنه!
ظهرت الشعوبية ، لنسف العرب ، وانتقلت إلى نسف الإسلام ، ذاته !
فكيف ظهرت الشعوبية ، وما أسبابها وما تجلياتها وامتداداتها ؟
أول ظهور للشعوبية ، كان من أفراد ، أغلبهم من الفرس ، أو من المتأثرين بهم !
من أهمّ أسباب الشعوبية :
النزعات القومية الفردية ، لدى بعض الأشخاص ، من الأقوام المختلفة !
تعصُّب بعض العرب ، في العصر الأموي ، على مستوى الحكّام والمتنفذين منهم، حيناً ، وعلى مستوى الأفراد العاديين ، حيناً آخر، نتيجة لشعور معيّن لديهم ، بالتميّز والإحساس باتفوّق ، ممّا جعل الكثيرين منهم ، يأنفون ، حتّى من تزويج بناتهم للأعاجم ! ولقد انتشرت ظاهرة شراء الانساب ؛ إذ يلجأ بعض الأعاجم ، إلى نسّابين، يصنعون لهم شجرة نسب ، تُلحق أنسابهم ، بإحدى القبائل العربية ! حتى قال بشار ابن بُرد ، ساخراً ، في العصر العبّاسي :
ارفقْ بعَمرٍو، إذا حرّكتَ نِسبتَه فإنه عربيّ ، مِن قواريرِ
مازال في كِير حدّادٍ يردّده حتّى بدا عربيّاً ، مُظلمِ النُورِ
إنْ جازَ آباؤه الأنذا لُ ، في مُضَرٍ جازت فلوسُ بُخارى ، في الدنانيرِ.
ومن تجليات الشعوبية ومظاهرها ، السخرية من العرب والشعر العربي ، لدى بعض الشعراء المُجّان ، في العصر العبّاسي ، من أمثال أبي نواس ، الحسن بن هانئ ! ومن أبياته ، التي يسخر فيها من الشعر العربي × ولاسيّما الجاهلي ، منه :
قلْ لمَن يبكي ، على رَسمٍ دَرسْ واقفاً ، ما ضَرَّ لوكان جَلسْ ؟
ومن سخريته ، قوله : عاجَ الشقيُّ على رَسم يُسائلهُ وعِجتُ أسألُ عن خمّارة البلد !
شعوبية العصر الحديث :
لن نتحدّث عن الاستشراق ، والمستشرقين الصليبيين ، هنا ، فهذا دأبهم ، في الطعن بالإسلام وأهله ! حسبُنا أن نشير، إلى نموذج واحد ، محسوب على الأمّة ، وهو الكاتب ، الذي جعل ديدنه ، الطعنَ بالعقل العربي ، وألف كتباً ، في هذا الشأن ، تشكّل موسوعة ، خلط فيها ، بين عقول العلماء الأفذاذ ، في شتى العلوم ، وعقول العامّة ، وسمّى عمله ، نقداً للعقل العربي ! ولن نسمّيه ، هنا ، حسبُنا أن نقول : إنه نموذج ، يعبّر عن نمط ، منتشر في أوساط الأمّة ! وعملُ اليهود والصليبيين ، في هذا وأمثاله ، هو توظيف كتاباتهم ؛ على مبدأ : مِن فمك أدينك .. أو على مبدأ : وشهد شاهد من أهلها ! وهذا طبيعي ، في الصراع المستمرّ ، بين دين الله وحمَلته ، من جهة .. وبين أعدائه ، والزعانف الملحقة بهم ، من المحسوبين على الأمّة ، الذين انتحلوا ألقاب مفكّرين ومنظّرين ومثقّفين .. من جهة ثانية ! والحديث يطول ، لمَن يودّ المتابعة فيه ! وفيه عجائب وغرائب فكرية ، يندر أن تَصدر، عمّن يحترم عقله ، قبل عقول الآخرين !
وسوم: العدد 875