عَالَـــــمٌ آمِـــنٌ...
إنَّ العَالَمَ اليَوْمَ يُعَانِي مِنْ حَالَةِ كَرْبٍ وضَنَكٍ وعَدَمِ اسْتِقْرَارٍ، وتَصَادُمٍ وَحُرُوبٍ في كَثيِرٍ مِنْ بُلْدَانِهِ.. فَمَا هُو السَبِيلُ إلى عَالَمٍ آمِنٍ..؟ لا شَكَ أنَّهُ سُؤالٌ كَبِيرٌ ومُعَقَّدُ.. وبَيْنَ يَدَيِّ الإجَابَةِ أُمَهْدُ بِمَا يَلِي: البِنَاءُ الحَضَارِيُّ البَشَرِيُّ يَقُومُ علَى مُرْتَكَزينِ اثْنَينِ: مُرْتَكَزٌ ثَقَافِيٌّ وآخَرُ مَادِيٌّ.. المُرْتَكَزُ المَادِيُّ: هُو المَشْيُ والكَدْحُ لِاكْتِشَافِ واسْتِثْمَارِ مُوارِدَ الأرْضِ والكَوْنِ, لإقَامَةِ الحَيَاةِ لِصَالِحِ كَرَامَةِ الإنْسَانِ وأمْنِهِ.. والمُرْتَكَزُ الثَقَافِيُّ: هُو الأدَاءُ القِيَمِيُّ والأخْلَاقِيُّ لِبِنَاءِ ثَقَافَةٍ إيجَابيَّةٍ , تُرَشْدُ وَتُعَزِزُ البِنَاءِ المَادِيِّ لِلحَضَارَةِ فِي حَيَاةِ المُجْتَمَعَاتِ.. ومِنْ جِهَةٍ أخْرَى فَالحَضَارَةُ هِي: بِنَاءٌ مَادِيٌّ بَشَرِيٌّ تَرَاكُمِيٌّ , يَتَكَوْنُ مِنْ وحْدَاتٍ حَضَارِيَّةٍ تَحْمِلُ بَصَمَاتِ الأدَاءِ الثَقَافِيِّ والقِيَمِيِّ والسْلُوكِيِّ لِلأُمَمِ.. فَالأُمَمُ تَتَكَامَلُ في بِنَائِهَا الحَضَاريِّ المَادِيِّ , وَتَتَمَايَزُ فِي بَصَمَاتِ أدَائِهَا الأخْلاَقِيِّ الحَضَارِيِّ.. وبِالتَأكيِدِ فَإنَّ الأدَاءَ الأخْلَاقِيَّ هُو المِعْيَارُ الأسَاسُ لِلسَيْرِ الحَضَارِيِّ الرَاشِدِ.. فَكُلُّ أُمَةٍ تُحَقِيقُ وَتَصُونُ قُدْسِيَّةَ حَيَاةِ الإنْسَانِ, وكرَامَتِهِ, وَحُرِيَّتِهِ, وَمصَالِحِهِ, وأمْنِهِ.. لَهِي أُمَةٌ علَى هُدى وَنَهْجٍ حَضَاريٍّ رَاشِدٍ آمِنٍ. أجلْ; فَالتَكَامُلُ والتَلاَزُمُ بَيْنَ التَقَنِيّةِ المَادِيَّةِ وإبْدَاعَاتِهَا وَبَيْنَ القِيَمِ الأخْلاَقِيَّةِ وَسُلُوكِيَتِهَا , لَهُو السَبِيِلُ الرَاشدُ لِقِيَامِ عَالَمٍ آمِنٍ. واللهُ سُبْحَانَهُ المُسْتَعَانُ.
وسوم: العدد 888