شرّ أطواق الذلّ ، مايلبسه المرء طائعاً مختاراً ، وشرّ منه مايلبسه المرء ، ويُلبسه غيرَه !
أطواق الذلّ كثيرة ، مختلفة الأشكال والألوان ! والذين يلبسونها كثر، مختلفو الأمزجة والطباع ، والأهواء والأخلاق !
وإذا كانت أنواع الذلّ مختلفة ، وأطواقه مختلفة .. فلا بدّ من أن يكون الناس ، الذين يرضون الذلّ مختلفين ؛ وبالتالي ، لابدّ أن تختلف أطواقهم ، بحسب أحوالهم وأهوائهم، وأمزجتهم وطباعهم وفهومهم ، وقدراتهم على حساب مصالحهم ، في معتركات تزاحم المصالح وتعارضها ، وفي ميادين تصادم القوى المختلفة ، وتنافرها وتصارعها !
وإذا كان الذلّ ، بمفهومه الواضح ، الذي يعيه الناس جميعاً .. إذا كان شرّاً كلّه .. فهل ثمّة ذلّ شرّ من ذلّ ؟ وهل ثمّة طوق للذلّ ، شرّ من طوق ؟
أجل ؛ الأطواق مختلفة باختلاف لابسيها ، أو الراضين بلبسها ! وهي أنواع ، منها :
الطوق الاضطراري : الذي يلبسه المرء مضطرّاً ، ويظل يحلم بخلعه ، متى استطاع !
والطوق الاضطراري : الذي يلبسه المرء مضطرّاً ، ثمّ يألفه ، ويصبح لبسه هو الأصل لديه !
والطوق الاختياري : الذي يلبسه المرء طائعاً مختاراً، لأسباب معيّنة ، منها :
القدرة على حساب المصالح ، بين الترغيب والترهيب !
توهّم المصلحة لدى بعض الناس ، الذين يرون في أمر ما ، مصلحة لهم ، ثمّ يكتشفون أنهم مخدوعون ، وأنهم كانوا يجرون خلف سراب !
القدرة على موازنة المصالح والمفاسد ، للدنيا والآخرة ! وهذا أمر يهتمّ به المؤمنون بالله واليوم الآخر! وربّما كان الكثيرون منهم مخلصين ، لكن قدراتهم على حساب المصالح ، والموازنة بينها .. وقدراتهم على حساب المفاسد ، والموازنة بينها .. لكن هذه القدرات ضعيفة ، والتجارب التي تغذّيها ضعيفة ، فيقع المرء في الحفرة ، التي يسعى إلى اجتنابها !
وإذا كان الذلّ ، عامّة ، سيّئاً ، وكان طوقه سيّئا ؛ فإن أسوأ أنواع الذلّ ، مايختاره المرء لنفسه ، ويجرّ غيره إليه ؛ ولا سيّما في العمل السياسي ؛ فيلبس هو طوق الذلّ ، ويُلبسه غيره ! وهذا الغير قد يكون أسرة ، أو قبيلة ، أو حزباً ، أو دولة !
وسوم: العدد 915