حتى نكون رحمة للعالَم، أو حتميَّة إعادة بِناء مفهوم الكفر في الإسلام
« إن مشكلتنا نحن المنتسبين للإسلام منذ قرون، لا تكمن في عدم تطبيقنا للإسلام، بل في أننا لم نفهمه بَعْدُ. » (علي شريعتي)
« إن تجربتنا الثقافية عبر التاريخ تجعلنا نَتَوجَّس خيفةً من المفاهيم الأكثر انتشاراً، فهي خلال عملية الإنتشار تتعرَّض للكثير من الإنتهاك و التحريف و التسطيح ؛ و تُمارس مِن ثَمَّ دوراً مضلِّلاً لمعظم الناس. و لهذا فإننا اليوم في أمس الحاجة إلى مراجعة الكثير من المفاهيم السائدة في حياتنا ؛ لأننا من غير ذلك لا نستطيع أن نُحرِّر ذواتِنا من الأوهام، كما لا نستطيع أن نهتدي إلى الطريق الحضاري الصحيح. » (عبد الكريم بكار، "المشروع الحضاري"، 2010)
« إن كل تديُّن يُجافي العلم و يخاصم الفكر و يرفُض عَقْدَ صلحٍ شريف مع الحياة، هو تديُّن فَقَدَ صلاحِيَّته للبقاء. » (محمد الغزالي)
الكفر : هذا المُصطلَح الذي تفيض به كُتبنا و خطاباتنا الدينية لَدَيْه كثافة دلالية كبيرة و الأهم بشأنه هو أنه نشأ و تَبَلوَر في سياق تاريخي مُحدَّد، و الأمر كذلك فليس من المعقول إطلاقُه اعتباطاً و جُملةً على إخوةٍ لنا في الإنسانية لا يَمُتُّون بأية صِلة إلى هذا السِّياق التاريخي المُحدَّد… هذا غير معقول تماماً و مُجحِف و بالتالي هو قطعاً مرفوض، فنحن إزاء مُصطلَحٍ يعني في مدلوله اللغوي الأصلي، تغييبَ و إخفاء و كَتْمَ ما نعلم بِيَقين في قرارة أنفسنا أنه حق : إذَنْ بأي حق نَصِمُ أغلبَ معاصِرينا بِلَفظ الكفار ؟ نُطالِب الآخرين بتقديرنا و احترامِنا و نحن لَسنا عادلين تُجاهَهم بالقدر الواجب… بِدون تَرَدُّد أجزم بأنه مِن غير إعادة نظرٍ كُلِّية و مراجعة جذرية لِمفهوم الكفر، لن يُجدي نفعاً و سيذهب سُدًى، كُل ما يُبذل لِأجل القضاءِ أو على الأقل الحدِّ مِن خطر و ضرر ظاهرة التكفير. أكيداً لا ينفع في معالجة هذه الآفة و ما يَنجُم عنها الوعظُ الديني السائد الآن، مثلما لا ينفع في معالجة داء السرطان أو ما شابَههُ تناوُلُ أقراص الأسبرين.
لِكَيْ نَعقِد صلحاً شريفاً مع الحياة و نكونَ بحق رحمة للعالَم، علينا أوَّلاً احترامُ و إنصافُ كلِّ الذين يُرافقوننا في هذا العالَم. لا محيد إذن عن إعادة بِناء مفهوم الكفر. أؤكد هنا بإصرار و إلحاح على أنَّه لا يُمكن بِحال فصلُ مفهوم "الكفر" عن السِّياق التاريخي الذي نشأ فيه و يندرجُ ضِمنَه هذا المفهوم. فواقع الحال يفرض علينا رؤية مختلفة عن رؤيتنا التقليدية في هذا الصدد. واقع الحال هذا يَضعُنا كُلَّنا و بدءاً بالمرجِعيَّات الدينية و الفِكرية أمام مسؤوليةٍ تاريخية كبرى، سياسياً و ثقافياً و إنسانياً، أداؤها و القِيامُ بها كما ينبغي و على أحسنِ و أكملِ وجه واجبٌ أكيد مُحتَّم على مجموعِ الأمة.
الموضوع بالغ الحساسِيَّة في أوساط المُتديِّنين التقليديين عندنا، و لستُ من هُوَّاة الإستفزاز الطائش أو الدَّوْس بلا مُبالاة على مشاعر العباد، لكني لاحظت أمراً آلمني كثيراً و ما عُدت أُطيق السُّكوتَ عنه : القرآن فتح أبْوَابَ التفكير الحر و التَّعَبُّدِ بإعمال العقل على مِصراعيها، و جمهور المُلَقَّبين عندنا بأهل العلم ما ادَّخروا وُسعاً في سبيل إغلاقِها. جزء كبير من شغل هذه الطبقة هو إنشاء و صناعة الأصنام الفكرية أي إنتاجُ أفكار يُضفون عليها قداسة زائفة دون أن يروا في ذلك نقضاً للتوحيد ! لهذا ما عادوا هُداةً للتي هي أَقْوَم و لا دُعاةً إلى دين قويم.
لقد غاب عن أذهانهم ما يلي : الدين القويم و هو الذي يُوائِم الفِطرة و لا يصدِم الضمير و قبل كل شيء يُعين الحياة و يُحسِّنُها و يُخفف مِن قسوَتها، و يُعلِّم المخلوق الآدمِيَّ كيف يكون إنساناً بجدارة و مستحِقاً بالفعل أن يُسمَّى إنساناً، لا يُمكِن أن يستغني عن المُراجعة النقدية الدائمة و التصحيح المُستمر للتَّصوُّرات و الدعائم الفكرية التي يقوم عليها. و هذا يقتضي عدمَ تصنيم أي فكرة هي نِتاج جهد بشري في محاولة فهم النصوص المُؤسِّسة للدين.
و طبيعي جداً أنَّ المراجعة الواعية و المسؤولة و النزيهة لِما نحن عليه مُكلِّفة و كذلك مُربِكة للمشاعر لكِنَّها ضرورية حقاً و لا مناص منها لِكَيْ نتجاوز ما نحن فيه. الحقيقة وحدها تُخلِّصنا و تُحرِّرنا مِن الحالة الحرجة التي نحن فيها، و المستقبل الذي نريد و نرجو بُلوغَه لن تصنعَه الأوهام بل الحقيقة.
ها قد حان الوقت لِيَسترجع أصحابُ العقول عقولَهم و لِيَمضِيَ الجميع قُدماً نحو الحقيقة. نحو الإجابة النهائية ـ و التي سَتُحدِّد رؤيتنا للآخر ـ عن سؤال حاسم هو : مَن هو الكائن المنعوت بالكافر و المُتَوعَّد بأقسى و أشد و أنكى أنواع العذاب، حَسَبَ ما يَنُص عليه مِراراً و تَكراراً و مِن دون أدنى لَبْس أو غُموضٍ القرآن ؟ مَن المعني في قول الله : "عُقبى الكافرين النار" ؟
في الواقع الشيء الذي دفعني إلى التفكير بِجِدِّية و عُمق و بِتجرُّد مطلق في مسألة الكفر، مقال لأحد محترفي التضليل تحت عباءة الدين و هو مِن المُتورِّطين في كوارث الأمة الحالية، و المُتسبِّبين بضياع البوصلة في عموم مجتمعاتنا، يزعم فيه أن مخترع المصباح الكهربائي الذي يُضيء منزلَه قد ربح الدنيا و لكنه خسر الآخرة، هو إذن على يقين و لا يُخالجه أدنى شك في أن نار جهنم هي المصيرُ الأبدي لأديسون. هذا الدجال المخادع الكذاب المتاجر بالدين الذي جمع الأموال الطائلة، و استمتع بشتى و مختلف المباهج الدنيوية أكثر بكثير من ذلك العالِم النافع للخلق الذي أحسن إليه، قرَّر أن مكافأة هذا الأخير ستكون التعاسة الأزلية و الخلود في جهنم. جزاءً وِفاقاً مِن إله قائم بالقسط، شَكور، لا يُضيع أجر مَن أحسن عملاً !
لَوْ لم يتخلَّل مسيرة الإنسانية أفراد قلائل جداً من طراز هذا الشخص الفذ أي لا يكتفون بتقليد الأسلاف، بل لَدَيْهِم الشجاعة للخروج على المعروف المألوف المُتَوَارَث فيجتهدون لإبتكار أشياء جديدة و يظهر إبداعُهم في شتَّى مجالات الحياة و هم بالطبع بشر يُخطئون و يصيبون و نَجِدُهم في الغالِب أبعدَ الخلق عن ادِّعاء امتلاك الحقيقة المطلقة و احتكارها أو الإعتقادِ بذلك، لَوْلا هؤلاء ما كنا لِنَنعم اليوم بالهاتف و السيارة و الإنترنت و لَرُبَّما كان شيخُنا من مُمارسي وَأْدِ البنات…
« لا يوجد عار في عدم المعرفة، و لكِنْ تنشأ المشكلة عندما يُملأ الفراغ الذي تركه الجهل بالفكر غير المنطقي و السلوك المُصاحب له. » (نيل ديجراس تايسون)
للأسف استقرَّ في مُعتقَدنا و عقلنا الجَمْعي أن أشرارنا و فُجارنا أعزُّ على الله من أخيار و فُضلاء باقي أُمَمِ الأرض و أسلمُ منهم عاقبة في الدار الآخرة… لا ريب عندي و لا تردُّد إطلاقاً أن الشياطين هي مَن أوْحَى إلينا بكذبة مُروِّعة و بغيضة سائدة في مجتمعاتنا، رضعناها مع حليب أمهاتنا بل غُرست في عقولنا منذ الولادة، و كلما كَبُر أحدنا إزداد استمساكاً بها و قد يَصِل به ذلك إلى التضحية بحياته في سبيل أنْ يُقنع بها كافة البَرِيَّة : كل مَن سِوانا مآلُهم الحتمي في الدار الآخرة، بالطبع لا فرق في ذلك بين مُحسنهم و مُسيئهم باعتبار القوم قاطبة كافرين، نار أبديَّة لأننا وحدنا المُؤهَّلون لدخول الجنة… أنا تقريباً على يقين أنه لا مُبالغة فيما أقول على الإطلاق، و إن كان هناك طبعاً أفراد واعون مُستنيرون - عَدَدُهم في تَزَايُد مُستمِر و هذا أمر يَسُر القلب -، لَيْس لديهم هذه الرؤية التي هي عندنا مَوْضِعُ شِبه إجماع.
أمتنا تتخبَّط فعلاً في قدر هائل من الأزمات و المشاكل، و للأسف غفلنا في غَمْرَتها عن حقيقة في غاية البداهة : المشاكل لا يُمكن حلُّها باستخدام نفس طريقة التفكير التي أَوْقعت في هذه المشاكل. قناعتي أنه لا مناص من تمحيص دقيق لمفاهيمنا السائدة و قِيَمنا الرائجة التي تمارس في الغالب دوراً مُضللِّاً للكثيرين و تسهم إلى حد كبير في تزييف وعي عموم الأمة. نحن إذاً بحاجة إلى إصلاح فكري، في المجال الديني بالدرجة الأولى. المطلوب ليس أقلَّ من إعادة بِناءٍ جادة و حقيقية لِمَنظومة فِكرنا الديني بالكامل. ذلك هو حجرُ الأساس لأي مشروع تحرُّري نهضوي حقيقي في البلدان المُسماة إسلامية.
أقول لذلك الشيخ الجازم بسوء المصير الأخروي - كما لو أنه اطَّلع على الغيب - لرجل منقطع النظير أسدى خدمات جليلة للبشرية :
يا مَن عقلُك لا يزال يعيش خارج الزمن تَوَجَّه بلباقة و بلغاتهم إلى هؤلاء الذين تُسميهم كفرة، أثبِتْ لهم بالدليل المنطقي و الحجة القاطعة الدامغة أن فاطر السماوات و خالقَ جميع الكائنات و مُسَيِّرَ مِليارات المجرَّات يفرض على الجميع تقليدَكَ في ما ورِثت عن آبائك في المجال الديني الذي ما كان لك فيه أي خيار، و بعد رفع هذا التحدي إستمِر إن كان ذلك يُسعدك و يريح خاطرك في نَعْتِ الآخَرين بالكفرة : "هاتوا بُرهانَكم إنْ كُنتُم صادِقين" (قرآن). يا مغرور و مسرور بنفسك إذ تعتقد جازماً أنك على الحق فقط لأنك وُلِدت و نَشأت في محيط ثقافي مُعَيَّن، بينما الآخر حتى لو كان أرقى إنسانياً و روحانياً و أنفعَ للخلق مِنك فهو قطعاً في ضلال فاحش و ظلام دامس و يتوجَّبُ عليه، لِحُسن حظك أنت مُعفىً مِن ذلك و ستُجازى على كسلك الذهني بجنة الخلد، يتوجَّبُ عليه أنْ يتوقَّف عن السعي لِمعاشه و يتفرَّغ للأبحاث اللاهوتية المُقارنة و يتوَصَّل قبل الموت إلى أنَّ بِيَدِكَ مفتاح النجاة، يا هذا المسألة الدينية ليست بتلك البساطة التي يَتخيَّلُها أمثالك مِمَّن لم يُعملوا فيها فكرهم بتجرُّد مطلق.
يا مَن أنت في ضوء نهج القرآن على طريقة أبي جهل، إعلم جَيِّداً أنه لا قيمة للعناوين عندما تغيب المضامين. العناوين الدينية أقصد و التي لا اختيارَ إرادياً حقيقياً فيها للبشر، عدا أفراد قلة سمحت ظروفهم بذلك و مِن هذه الأخيرة أنهم وُلدوا في بيئات تكفُل حرية الإعتقاد و تمنح للجميع إمكانية البحث الهادئ و الإطلاع و الدراسة الموضوعية لِكُل الفلسفات و العقائد، و لا تُكلَّف نفس إلاَّ وُسْعَها كما هو مقرَّر بهذه العبارة في القرآن. نقرأ في القرآن : "لا يُكلِّف الله نفساً إلاَّ وُسعَها".
أنا على يقين كامل بأن الذين شرَّفوا إنسانِيتهم من أهل الخير أياً كانوا سيلقون جزاءً حسناً في اليوم الآخِر، لأن رب العالَمين شَكور حليم عادل كريم شَفوق و مُحال عليه أن يُضيع أجر المحسنين الطيِّبين الصادقين. الخطأ قد يَصدُر بطبيعة الحال من أهل الخير و الإحسان، و رُبَّما يكون في مجال الإعتقاد و عُذر الجميع في ذلك أنَّ ملاك الوحي لم يتجلَّ لِكل إنسان لِيُخاطبه بِلُغتِه الأم، الخطأ الذي يَقع من هؤلاء سيُقابِله بالتأكيد عَفوُ الرحمان : "ليس عليكم جُناح فيما أخطأتم به و لكِنْ ما تعمَّدت قلوبكم و كان الله غفوراً رحيماً" (قرآن). لا أتصوَّر على الإطلاق أن الله سيُؤاخذ فاعلاً للخير ـ ما زاره ملاك من السماء و لا تلقى خطاباً مباشراً من الله ـ لِمُجَرَّد أن مُعتقَده بخصوص الله قد يكون غير مُوَفَّق…
نعم بعض فاعلي الخير و تاركي الشر أنكروا وجود الخالق و لكِنْ ليس جحوداً منهم أو استِكباراً، و إنما لأسباب يَجِب التمعُّن فيها مَلِياً و أخذُها على مَحمَل الجِد - على رأسها حجمُ معاناة الكثير من المخلوقات آدمِيَّة كانت أم لا -، سَيُدافِع هؤلاء عن أنفسِهم يوم يَمثُلون بين يدي هذا الخالق و سيحكم فيهم بعدله و برحمته أيضاً. و إن في الظاهرة الطبية المعروفة اليوم تحت إسم تجربة الإقتراب من الموت ـ لا حصر للدراسات و الأبحاث حولها - لَذِكرى لِمَن فتح لها باب عقله و أصغى للذين عاشوها هنا و هناك بِسَمْع القلب… لِيَعلمْ الموشك على مفارقة الحياة الدنيا أنه لن يَجِد في انتظاره وحشاً رهيباً سادِياً عديم الإحساس، و لكِنْ رباً مُتفهِّماً حِلمُه أكبر من غضبِه كما أخبر هُداة الإنسانية، أمَّا ما ورد في القرآن من وعيد شديد بنار حامية، فإن الغاية منه ردعُ العُتاة و إيقاظُ القلوب النائمة، و ليس أنْ يُزرع في أذهاننا أنَّ إلهنا أقسى من كبار جلادي الإنسانية، لأن العقوبة في الدار الآخرة هي لِلَّذي يستحقها فعلاً و لا أرى أنها تتعارض مع رحمة الخالق.
فالرحمة الربانية التي وَسِعت كل شيء، كما ذكر القرآن، ستشمل بطريقة أو بأخرى جميعَ الخلق. تأكيداً لهذه الرؤية نَجِد أنَّ القرآن، في مَعرِض الحديث عن الرجوع الحتمي إلى الخالق، يُؤكِّد أنَّنا جميعاً سنُلاقي الرحمان : "إنْ كُل مَن في السماوات و الأرض إلاَّ آتي الرحمان عبداً". و لقد وجدتُ في تجارِب الإقتراب من الموت التي عاشها بشر كثيرون من مُختلِف الأجناس و الثقافات - بدأ الحديث عنها مُنذ عقود و إنَّ فيها لآية لأولي العقول - تأكيداً لما تعِدُ به هذه الآية و مُحفِّزاً لإعتماد خطاب ديني أكثر سماحة و رأفة و إنسانية و زرعاً للأمل. لذا أنصح بالإطلاع الجاد على هذا الموضوع المُثير و الهام للغاية، الذي ما زال عندنا مُحاطاً - إلى حد ما - بجدار سميك من الصَّمت، لِكَي نظل في هلعٍ و خوفٍ و جزعٍ من عذاب القبر إلى يوم القيامة : كفى ترهيباً للعباد من خالق إسمه الرحمان !
« إذا لم تَكُن، أيها المسلم، في قلبك و فكرك و عملك، رحمة للعالَمين، فأنت على طريق غير طريق رسولك محمد - صلَّى الله عليه و سلَّم -، فقد قال له ربه الذي أرسله : "و ما أرسلناك إلاَّ رحمة للعالَمين". » (عصام العطار)
« أنا شهيد أن العباد كلَّهم إخوة. » (حديث)
« لقد طرأ على المسلمين كثير من الدَّخن ذهب بجمال دينهم و طمس معالم الإنسانية فيهم، فنريد أنْ نُصفِّي أذهاننا من الغَبَش و نطرُد القسوة من قلوبنا ؛ لِنَعلم، وَفق تعاليم ديننا الأصيلة، أنَّ لليد الممدودة قوة كبرى - و رُبَّ ابتسامة أقوى من السلاح -، و أنَّ ما يجمع البشر أكثر مِمَّا يفرِّقهم لأن الذي يُحاسبهم على عقائدهم - صحيحة أو فاسدة - هو الله تعالى يوم القيامة ؛ و (…) نُشعر الآخَر أننا نُحِس بفرحه و حزنه، نُحِب له ما نُحِب لأنفسنا، نحن و إياه في مركب واحد هو مركب الحياة الدنيا، يُمكن أنْ نقطع الرحلة معاً. » (عبد العزيز كحيل، "إنسانية المسلم" - مقال على الإنترنت -، 2017)
أهل الإحسان و الإرادة الخيِّرة الطيِّبة و الساعون للإصلاح في الأرض لا خوف عليهم البتَّة عند الله، يوم يقِفُ الجميع بين يديه فينفعُ الصادقين صِدْقُهم، من بين هؤلاء أناس نُسمِّيهم بمنتهى الوقاحة "كفاراً" و نحن دونهم وعياً و خدمة للغير و استقامة، و يَمحقُ الكاذبين كِذْبُهم أياً كان في هذه الحياة مَقامُهم، حتى لو كانوا فيها مُبجَّلين كرجال دين و ربما أدعياء وِصاية خاصة على ضمائر العباد بإسم الله… أَوْصَلتني إلى هذه القناعة مُعايشةُ بشر مِن أصول و مشارب ثقافية شتَّى و أما مَن أحسبه مخطئاً في مسألة الإعتقاد و إن أنكر وجود خالق للكون، فأنا لا أُعطي لنفسي الحق في أن أُشكِّك في نزاهته العقلية و أحكُم عليه و أقول له أنت كافر و مصيرك النار يوم القيامة، بل أترك ذلك للذي يعلم ظروف كل إنسان و المُؤثِّرات التي تعرض لها في مختلف مراحل حياته و بَواطِنَه و نواياه و بواعثَه الحقيقية، لا سِيَّما و أن مِن أعظم و أخطر أسباب هجرِ و تطليق بشرٍ كثيرين جداً للدين الدجالُون مِمَّن نصَّبوا نُفوسهم وُكلاء عن خالق الكون.
التديُّن الزائف المغشوش أضر بالبلاد و العباد مِن عدم الإنتماء الإسمي لأي دين. و ما أكثر غير المُلتزمين بالمراسم و الطقوس و الشعائر الدينية، مَن وجدناهم أزكى مسلكاً مِن أُناس هم في الظاهر شديدو التديُّن…
مَن هو المُتديِّن الحق ؟ المُتديِّن الحق هو في المقام الأول و الأخير "إنسان نموذجي" بما تحمله هذه العبارة مِن معان سامية نبيلة. هو بإمتياز صانع سلام و مصدر بركات كثيرة في الأرض، و لا يمكن إطلاقاً أن يصبح لعنة و سبباً للفساد في الأرض. هو يَنبوع خير لا يغيض ما بقي فيه عرق ينبِض بالحياة. لكنه يعلم و يُقر أن انتماءه الديني لا يُعطيه قداسة و لا يعصِمه من الخطأ… و مع كل ذلك هو إنسان راشد سوي العقل بمعنى أنه يُفكِّر تفكيراً سليماً و مستقيماً في جميع أمور الحياة بما فيها الدين. يُفكِّر و لا يُكفِّر. المختلفون عنه في الدِّيانة الظاهرية هم مَوضِع احترامه و تكريمه، يُنصِفهم و لا يعتقد بأفضليته عليهم لِمُجرَّد تلفُّظه ببعض الكلمات أو أدائه لطقوس و شعائر مُعيَّنة، يُصغي إليهم بإهتمام و يتعلَّم منهم فذلك مِمَّا يساعده على تَوسيع آفاقه و الإرتقاء إنسانياً و روحانياً، فالبشر بالنسبة له إخوة و يُشكِّلون أسرة واحدة و كافَّتُهم عِيال الله. أياً كانت الظروف و مهما اعترته من خطوب، سُلوكياته الراقية لا تتغيَّر و لا تتبدَّل حتى لو ظُلم، و يبقى الإنصاف الميزة التي لا تنفكُّ عنه أبداً. مُحال أن يُؤذي متعمِّداً بفعل أو قول أحداً من الخلق. فلا يبني سعادته على حِساب سعادة الآخرين… أبغض شيء إلى نفسه الحرة الأبية الظلم، فَمُحال أن يمارس هو أياً من أنواع الظلم. و طبعاً يقف مع المظلوم، حتى لو لم يكن من طائفته الدينية أو المذهبية أو العرقية، و يكافح ليُرفَع عنه الظلم. يتحرَّى بِجِد الحقيقة قبل اتخاذ أي موقف يُناصر عبره هذا أو ذاك و خاصة في أوقات الفتن العمياء كالتي نعيشها اليوم ! إنسانيته التي يُنمِّيها بإستمرار هي وسيلتُه في سعيه لتحسين العالَم و جعله أكثر إنسانية.
المُتديِّن الحق إنسان حَيُّ الضمير. لا دين لِمَيِّت الضمير. إعلاميون لا حصر لهم، عرباً أكانوا أم عجماً، هم قطعاً مِن هذا القبيل : هم و مُشغِّلوهم و أولياء نِعمتهم شر مَن على وجه هذا الكوكب. بالتأكيد هم أئمة الكفر - بِصَرف النظر عن المِلَل و النِّحَل التي ينتمون إليها بالإسم… - في زمننا الأغبر النكِد. هم عدو البشرية الأول ! يندرج أيضاً بلا ريب ضِمن هذه الفئة أصحابُ قنوات يوتيوبية، و نُشطاء شتى على مُختلِف وسائل التواصل الإجتماعي، لا أتردَّد لحظة في وصفهم بالمجرمين و المفسدين في الأرض. هؤلاء الأشرار و المفسدون في الأرض يُشكِّلون مِلَّة واحدة هي مِلَّة الشيطان فلا يجوز البتَّة أن يُحسبوا على أي دين… إعلام الكذب و الزور و الخداع هو الطامة الكبرى و طاعون العصر. المصيبة التي أُطلقت عليها تسمية "الربيع العربي" لعب فيها هذا الأخير دوراً حاسماً. و أثبتَتْ لكافة سكان المعمورة بما لا يدع مجالاً لأدنى شك أن بعض رجال الدين هم بلا دين في حقيقة الأمر و أنهم أبعد مَن في الأرض عن الإلتزام بأقدس تعليمات الله. لأنهم بكل بساطة مَوْتى الضمير… أستطيع اليوم أنْ أجزم عن بيِّنة أنَّ الكفر، تتعدَّد مظاهِرُه و أشكاله و مذاهِبُه، تتضارب مصالحُ و أهداف شِيَعِه، لكنه في الأساس و في النهاية ملة واحدة : إنها ملة فاقدي الضمير و غيرهم مِن أعداء الإنسان، هؤلاء فقط لا غير مَن أستطيع أنْ أنعتهم بأعداء الله ! دون أي اعتبار لإنتمائهم أو عدم انتمائهم الشكلي لِدين ما. لا دين لفاقد الضمير - و لو كان رجل دين… يوجد بطبيعة الحال أيضاً إعلاميون عندهم ضمير و بعضهم قد يُخاطر، و رُبما يضحِّي، بمستقبله المهنيِ أو حتى حياته لأجل نُصرة الحق و الخير و دَحرِ الشر. عمل بل جهاد هؤلاء لن يضيع أبداً عند الله.
الله يوم الحساب و الدَّيْنونَة سَيُوَفِّي كل نفس ما عمِلَتْ مِن خير أو شر، و لن يُظلَم أحد مثقال ذرَّة، فهو ينظر إلى القلوب و الأفعال و لا يكترث كثيراً لِلصُّوَر و المظاهر. ما عندي شك أبداً أن مِن بَيْن هذه الأخيرة ـ أي الصُّوَر و المظاهر - الطقوس الشعائِريَّة و حتى العُنوان الديني. القرآن يَعِد أهل البِر و الإحسان، كُلَّهم دون استثناء، بالإحسان من رب لا يظلم أحداً : "هل جزاء الإِحسان إلاَّ الإحسان ؟". هذا كلام مَن سمَّى نفسه الرحمان ـ و هي إحدى دُرَر سورة الرحمان…
يستحيل علينا أن نندمج إيجابياً في المجتمع البشري و نُقدِّم إسهاماً فعَّالاً و ذا قيمة في أَنْسَنة العالَم، ما دمنا مُصرين على استعمال لفظة تنطوي على ذمٍ و ازدراءٍ و قدحٍ بحق أغلب سكان هذا العالَم… متى سنتخلَّص من هذه النظرة السَّلبية و المُجحِفة جداً تجاه الآخرين الذين هم إخوانُنا في الإنسانية، و من هذا العُجب المثير للسخرية بِحق - إذ ما الذي يُبرِّره و نحن في الحضيض ؟ -، متى سنرقى إلى مستوى هذا النِّداء الداعي ضِمنياً إلى تقبُّل الآخرين كما هم فنحن جميعاً عِيال الله : "و لِكُل وِجهة هو مُوَليها فاستبقوا الخيرات، أين ما تكونوا يأتِ بِكُم الله جميعاً" (قرآن) ؟ إن مَن فاتني و فاقني في الخيرات، هيهات أن أُدركه بمُجرَّد كَوْنِي "وُلدتُ مسلماً" و إنَّما بمنافسته في أعمال البِر، إلى أنْ ألحقه و أسبقه إن استطعت !
استباق الخيرات، مع إصلاح فكري حقيقي، ذلك هو العلاج. تنصلح الأمور و الأحوال عندما تنصلح العقول و الأفكار. هذا بطبيعة الحال لا يكفي - فلا بد أيضاً أن تنصلح الضمائر و النفوس - و لكنه أكثر من ضروري. فَمِن غير إصلاح فكري جاد و جذري، مُحال أن تنصلح أحوال البلاد و العباد.
« من المفيد في كل الشؤون أن تقوم، من حين لآخر، بِوَضع علامة استفهام على الأشياء التي طالما اعتبرتَها من المُسلَّمات. » (برتراند راسل)
في القرآن آية تُعلن بوضوح تام : "مَن كفر فعليه كُفره و مَن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهَدون". أدعو مشايخ الأمة الأُصلاء إلى تدبُّر هذه الآية القرآنية فإني أراها صريحةً و قاطعةً في نفي صفة الكفر عن أي من أهل الصلاح و ذوي النية الصادقة الطيبة الخالصة و أصحاب المسلك الراشد في الحياة. و الله لن يستقيم لنا حال و ستزداد أوضاعنا سوءاً ما دمنا مُوَاظبين على سب غيرنا عبر وَصْمِهم جميعاً بلا استثناء بلفظ الكفار… لا يستحق فعلاً وصف الكافر إلاَّ الشخص صاحب الإرادة السيئة، و في النهاية عِلمُ ذلك عند الله ؛ لا يستحق فعلاً وصف المسلم إلاَّ الشخص صاحب الإرادة الخيِّرة، و في النهاية عِلمُ ذلك عند الله. لا يدخل في الإعتبار العنوان الديني، الذي قُدس على حساب جوهر الدين. بل صار صنماً يُعبد من دون الله و تُقدَّم له القرابين البشرية… ذلك لأن كُلَّ فردٍ من بني الإنسان هُوَ في صميم كِيانه عالَم بِحَد ذاته، بالتالي ليس مِن العدل و الإنصاف في شيء أن نحصِر الآخَر بشكل قاطع في تصنيفات وضعتها عقولُنا المُعبَّأة بأحكام مُسَبَّقة كثيراً ما تكون مُجحفة و لا مُبرِّر لها، و عليه لا يجوز اختصار إنسان ما أياً كان في عنوان ديني أو غيره.
الخالق سبحانه لو شاء لجعل البشر جميعاً أُمة واحدة أو نُسخاً متطابقة، لكنه أراد أمراً آخَر تماماً ـ القرآن واضح بهذا الشأن -، و ذلك لحكمة تخفى على العقليات الضيِّقة المحدودة و الألباب العاطلة : مشايِخَنا الأفاضل و مرشدينا في سَيْرنا إلى الله، كفى إذن سخطاً و تذمُّراً و استياءً من إرادة الله ! فللأسف ما زال عَصِياً على أذهان الكثيرين منكم، إدراكُ قيمة التنوُّع - إذ هو قانون الحياة ! -، و أنه بركة للناس و نعمة عظيمة من فاطر الكون. فَلِكُل ما في الوجود أهمية و دور في ضمان توازُن و استِمرار الحياة في هذا الكون. عجيب و غريب هذا السَّخط و التذمُّر الصارخ من مشيئة الله مِمَّن يُفترض أن يكونوا نموذجاً في الرِّضا الكامل بمشيئة الله…
المشايخ الذين خَوَّلوا لأنفسهم حق الحُكم على ما في القلوب، و مُمارسةِ التضييق على حرية الفكر ـ هذا إنْ لم يعتبروها من أمارات الكفر ـ، أنصحُهم بالتوقف قليلاً عند آيةٍ بيِّنةٍ من خطاب علاَّم الغيوب : "يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و تُوَفى كل نفسٍ ما عمِلت و هم لا يُظلمون" (قرآن). إذاً كُل شخص سَيُجادِل عن نفسِه بَيْن يدي الرب، و الظلم مُنعدِم تماماً في المحكمة الإلهية ؛ و لا جدوى مِن التباهي بالعناوين الدينية، لأن كُلَّ واحدٍ منا سيُحاسَب على أفعالِه و حسب ! العِبرة عند ذوي الرَّشاد بزكاة القلب و شرف المبادئ و نُبل الغاية و السعي للخير و صلاح العمل، الكافر هو فقط الشخص صاحبُ الإرادة السيئة أو الشخص معدوم الضَّمير، و كلُّ ذلك في القرآن و لَكِنْ مَن يَتدبَّر بِعُمق و بعقلٍ مُتحرِّر مِن وِصاية أيِّ مخلوق هذا الكتابَ الفذ ؟
إننا بِأمَس الحاجة إلى ثورة بداخل عقول المشايخ. نفوسهم في حاجة إلى مراجعة شاملة و قاسية، و كذلك مجموعة تصوُّرات و أفكار و رُؤى هي الآن عندهم من المُسلَّمات، إن أرادوا أن يصيروا من رُوَّاد نهضة حقيقية… شيوخ الدين عندنا في مُجمَلهم بحاجة إلى طريقة تفكير جديدة تُمكِّنهم من استيعاب رحابة التجربة الإنسانية على مستوى العالَم، و تخرجهم من قَوْقعة التمايُز المَزهُوِّ عن الآخَر التي ما زالوا يتمترسون بعناد وراءها إلى الفضاء الإنساني و الحضاري الواسع. و ليبدأوا بفتح قلوبهم لجميع الخلائق و رفع حِسِّهم الإنساني : أحد كبار أئمة هذا العصر يُحرِّم لعن الدواب و حتى الجمادات، و في المقابل يُقر فضيلته سب و لعن أغلب المخلوقات الآدمية… لأن أغلب الآدميين هم في نظره مجرَّد "كفار" و سماحتُه لا يرى أي مَنقصة في لعن "الكفار" !
نزعة الإستعلاء الديني المُتجذِّرة في أمتنا التي هي في انحدار مُستمِر منذ قرون، أنتجت عقلية ضيِّقة و مُنغلقة صارت أمارتَنا بين الكائنات ؛ سبب ذلك جهل مُطبِق بالآخرين و بما في ثقافاتِهم و مُعتقداتِهم و فلسفاتِهم من كنوز، و نسيانُ المخزون لدى أي إنسان سَوِي من الخيرات. الإنفتاح المتبصِّر على الآخرين و ثقافاتهم و الكفُّ نهائياً عن ازدرائهم و تعييرهم بلفظ الكفار، ذلك هو ضمان إسهامنا الفعَّال في بِناء حضارة الحُب و السلام التي يهنأ في ظِلِّها جميع الخلق.
مُصطلَح نابع من ثقافتنا قد اكتسب حمولة دلالية مُعَينة و الأمر الأهم أنه نشأ و تَبَلوَر في سياق تاريخي مُحدَّد، كيف لنا أن نُطْلِقه اعتباطاً و جُملةً على نُظراء لنا في الإنسانية لا صلة لهم البتَّة بهذا السياق التاريخي المُحدَّد ؟ المطلوب بإلحاح ليس أقلَّ من تجديدٍ كُلِّي و إعادةِ بِناءٍ حقيقية لِمَنظومَتنا اللاهوتية بِرُمَّتِها و فكرنا الديني المَوْروث. ذلك شرط تصالُحِنا مع كُلِّ ما هو جميل و طيِّب في العالَم، تلك أولى الخُطُوات على طريق إصلاح حال الأمة و تخليصِها من أمراضِها و مُعضِلاتها المُستعصِية، ذلك شرط نهضتنا المأمولة التي بها سيتغير وجه الأرض. أرجو أنْ يكون ذلك قريباً.
« لا بد من إعادة تقديم الدين في أصوله النقية، و بلغة عالَمية عصرية تخاطب الكل في كل مكان، و ليس بلغة طائفية مُنغلقة مُتعصِّبة. لا بد من تقديم الدين في روحه و جَوهرِيَّته و ليس في شكلِيَّاته : الدين كتوحيد و خُلق و مسؤولية و عمل بالدرجة الأولى، الدين كحب و وعي كَوْني و علم و تقديس للخير و الجمال. » (مصطفى محمود، "نار تحت الرماد"، 1979)
« المشكلة الأكبر و الأعمق بالنسبة للعرب و المسلمين هي مشكلة لاهوتية. الفقهاء هم المسؤولون عن إنغلاقاتنا و الفهم القائم على التكفير و الإقصاء، و نحن لا نستطيع العيش في عصر العَولمة مع الشعوب الأخرى و نحن نعتنق فكراً يُكفر أربعة أخماس البشرية. التراث العربي الإسلامي فيه كنوز عظيمة و لكنها مُغيَّبة من قِبَل التيار الظلامي. الإسلام التنويري سوف يستيقظ، و سَيَحُل الإسلام مشكلته و انسداده التاريخي. إسلام الأنوار هو طريق الخلاص لكي يتصالح العرب و المسلمون مع أنفسهم و مع العالَم. » (هاشم صالح، صاحب كتاب "الإنتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ"، 2013 ؛ هذا مقطع من حوار معه)
« تجديد الخطاب الديني عملية أشبه ما تكون بترميم بِناءٍ قديم، و الأجدى هو إقامة بِناءٍ جديد بمفاهيم جديدة و لغة جديدة و مفردات جديدة إذا أردنا أن نقرع أبوابَ عصر ديني جديد. » (عثمان الخشت، "نحو تأسيس عصر ديني جديد"، 2017)
وسوم: العدد 917