احذروا توابع مؤتمر التطبيع في أربيل !
الغضب الشعبي العارم في العراق على مؤتمر التطبيع في أربيل ، وإصدار القضاء العراقي مذكرات استدعاء لشخصيات شاركت فيه ؛ قد يخففان بعض الألم الذي يشعر به المواطن العربي الواعي لخطورة أي تطبيع عربي مع كيان الاستيطان والإجرام الإسرائيلي . وأول مضامين هذه الخطورة الإقرار بشرعية هذا الكيان لفلسطين ، ولا عدد للمضامين الأخرى المُشرعة على أسوأ العواقب للدولة العربية المطبعة ، وللأمة كلها . إلا انه لا الغضب ولا مذكرات الاستدعاء سيضعان نهاية لتوابع هذا المؤتمر . وقبل أن نسترسل من المنطقي أن نتساءل : لماذا لم تمنع الحكومة العراقية عقد المؤتمر ؟! لو منعته لما كسب نقطة بدء في العراق سيسعى القائمون عليه إلى تثبيتها وتوسيعها ، فوراءه إسرائيل وأميركا وأموال الإمارات . وأعداؤنا إذا بدؤوا لا يتوقفون بسهولة إلا إن اصطدموا بمن يوقفهم ، وإذا أوقفوا فإلى حين . إنهم إذا حددوا هدفا تابعوه بكل إمكاناتهم ، وإذا أخفقوا في المضي فيه أجلوه ، ولا يلغونه أبدا . والتطبيع مع العراق هدف إسرائيلي وأميركي كبير ، ووصف يائير لبيد وزير خارجية إسرائيل المؤتمر بأنه يبعث على الأمل . ومنذ أن اختُلِقت إسرائيل في 1948 وعينها على العراق ، وهي جادة عندما تقول إن دولتها المستقبلية ستمتد من الفرات إلى النيل . ولم يسلم العراق يوما من شرورها المتطايرة . ساندت التمرد الكردي ضد الحكومة المركزية ، وقصفت المفاعل النووي العراقي في 1981 ، وقتلت من طالته يدها من العلماء العراقيين . وباعتراف الجنرال أنطوني زيني الرئيس الأسبق للقيادة المركزية الأميركية ؛ كانت المحرض الأول على غزو العراق قي 2003 ، وشاركت عمليا في الحرب ولو أن مشاركتها لبثت سرية رغبة من أميركا وبريطانيا في حشد تأييد كبير للغزو بين الدول العربية . ويروي عمال فلسطينيون أنهم شهدوا حركة كثيفة لسلاح الجو الإسرائيلي إبان الحرب إقلاعا وعودة ، وكانت الطائرات العائدة مسودة البطون من دخان الحرب . وعندما سقطت بغداد سقوطها المريب في 9 أبريل سارع يهود منها ومن العالم إلى القدوم إلى العراق ، ودخلوا قصور الرئاسة العراقية ، وحلقوا فيها ذقونهم ، وقالوا : " هذه بلادنا ! " . ستواصل القوى التي عقدت المؤتمر الدأب لتحقيق أهدافه ، وكان القائمون عليه من التسرع والتجسُر والتوقح فعطفوا على كلمة " السلام " كلمة " الاسترداد " ، يقصدون استرداد أملاك اليهود في العراق الذي تركوه بخالص إرادتهم ، أو بالتخويف الذي بثته المخابرات الصهيونية عن سواد المصير الذي ينتظرهم ودمويته إن لم يبادروا بالهجرة إلى فلسطين . وما أعنف تمسكهم وأشده بما يتخيلونه حقا لهم ولو كان قشة ! وهم بهذه المعادلة الشيطانية يستهدفون الفوز باستيطانهم العدواني في فلسطين ، واستعادة أملاكهم في الدول العربية . وسائر نجاحاتهم ليست عبقرية متفردة مثلنا يدعون ، وما مصدرها الأساسي إلا خيانات بعض العرب ، وتخاذل بعضهم الآخر ، والمساندة الأميركية المطلقة لهم في التطبيع وسوى التطبيع . ولا حق لهم في أي شيء تركوه في أي دولة عربية ، وقد نهبوا في فلسطين وما فتئوا ينهبون أضعافه فوق قتلهم واضطهادهم للفلسطينيين . وكثير منهم يجب أن يحاكموا في الدول العربية التي أضروا بها وبمواطنيها منذ أن التحقوا بالمشروع الصهيوني الذي خدموا في جيشه ومخابراته ومؤسساته التي تخطط لبث الشرور والمفاسد في الدول العربية . ولو كان لدى العراقيين الذين شاركوا في المؤتمر ذرة إنسانية ، ولا أقول وطنية ، ولمحة وعي ، ولا أقول أصالة فهم ، لفطنوا إلى أن الأولى من هذا المؤتمر عقد مؤتمر يطالب بتعويض ذوي مليون مواطن عراقي قتلتهم أميركا وبريطانيا في غزو العراق ، ولو عاشوا لكانوا مصدر زيادة لسكان العراق لا تقل عن خمسة ملايين نسمة . وعار هائل لهم أن يذكر حندي أميركي بوش الابن بقتلهم ، وينساهم هؤلاء العراقيون وغيرهم من العراقيين والعرب . ولا نتكلم عن تعويض ملايين العراقيين المصابين والمشردين في العراق وفي المنطقة وفي العالم بفعل تلك الخرب الهمجية الوحشية التي أسعدت إسرائيل . حذارِ من توابع مؤتمر أربيل التطبيعي ! ومثلما هم جادون في الركض خلف أهدافهم الشيطانية نحن قادرون على أن نكون أكثر جدية منهم وصرامة في صدهم ودحرهم . هم قابلون للاندحار والانكسار في كل المعارك إذا اصطدموا بالقدر الملائم من التصدي الجاد المخلص . أميركا التي تمهد الطرق وتفتح الأبواب لإسرائيل في العالم العربي حطم الفيتناميون وطالبان كبرياءها ، والفاجع أنها لا تنتصر بسهولة وبلا خسائر إلا في العالم .
وسوم: العدد 948