أوراق قوتنا.. وواقع ضعفنا
واستقال أكثر من نصف الأعضاء المؤسسين لما يسمى الائتلاف الوطني، ولم يأبه لهم من جمهور الثورة والمعارضة أحد. استقال أصحاب العقل المتوقد، والدم الحامي، واحترام الذات، والشعور بالمسئولية وفيهم الرجال والنساء، والمسلم والمسيحي، والإسلامي والعلماني… لأن السوريين الأحرار الحقيقيين يتوزعون على كل هؤلاء، وظل السواد منا كل في بيدائه يهيم.
وآل الأمر إلى من نرى والمشكلة الأصعب فيما نرى انه لو استقال من كان فيه بقية من هؤلاء لظل الناس على طريقتهم في وادي التيه يهيمون. وتمثيل الثورة اصبح مثل العباءة تطرح على أي كتفين ويقال لصاحبها "كن معارضا فيكون"
وتشكل على الناس حين نتحدث عن الخيارات والبدائل، حكاية الخيارات، والاستباقات وأوراق القوة، ويظنونها فقط فيما يملكون من وشب ونشب. وينسون أو يتناسون خبابة وخلابة أن قوة حاملي لواء الحق في اللواء الذي يحملون.
وأن المجتمع الدولي الذي كان جزء من محنة السوريين ومن عذاباتهم، والذي ينجّر للشعب السوري، أشد حاجة إلى فئة المزورين والمزيفين الذين يسميهم "معارضين"
وهؤلاء لا يؤتون من ضعف ولا من عجز ولا من قلة حيلة، وإنما من كونهم جعلوا البقاء على الكرسي أولويتهم.
إن كل الحلول التي يشتغل عليها لا فروف وبلينكن والولي الفقيه بحاجة في النهاية الى فئام من الذين لا خلاق لهم من السوريين يوقعون عليها، ولهذا الدور يحتفظون بهذه الأوراق الجافة، التي وإن كانت ما تزال تلتصق بأغصانها إلا انها تنتظر في كل لحظة عاصفة من عواصف الشمال حيث تذروها الرياح. المزيِّف الذي استأجر شاهد الزور بخمسة دراهم، هو أشد حاجة الى هذا الشاهد، ساعة يقف أمام القاضي، وهذه ورقة القوة فيمن بقي فيه بقية من ضمير.
إن محاولة قادة ما يسمى المعارضة السورية على اختلاف طبقاتهم ان يثبتوا لشركاء الشيطان، انهم إيجابيون وان بشار الاسد هو المعطل، هي لعبة طفولية انكشفت سذاجتها منذ وقة طويل. ولحقتم الكذاب طويلا إلى وراء الباب!!
بشار الاسد ، للتعليم، رفض اكثر من مرة استقبال بيدرسون ومن سبق بيدرسون أيضا في دمشق كلها وليس فقط في القصر الجمهوري. ولا يبالي ان يقولوا عليه الشيطان الرجيم. ولكنهم بسذاجة الصبي طالب المرحى يبالون، والحرص على لقب المعارض "الحباب" ضيع على الشعب السوري الكثير من الفرص. وما زال بعضهم يتعطر بكلمة ثناء من سعادة سفير.
وبالأمس فقط كان "فيصل المقداد" "وزير خارجية بشار الأسد" يرد على بيدرسون ويرفض مبدأ خطوة بخطوة. جرأة كنت أتمنى أن أسمعها من سعادة "معارض" يمثل ثورة كان عزها في مليون شهيد. وينام أنصارها اليوم تحت الانجماد ولا يبالون.
واستمعت إلى أحد أعضاء الائتلاف يرد على المقداد وعلى طريقة "فيعريه ويدينه" ولم يخبرنا أحد من قادة الائتلاف هل يقبلون بمبدأ الخطوة خطوة ومع بشار الاسد بالذات؟؟؟
وماذا يعني هذا الذي يسكتون عليه؟ وكيف يمكن أن يمر ؟ وما هي الخطوات التي يمكن ان تكون تبادلية؟ وما هي الأوراق التي نملكها غير ورقة إرادتنا وصبرنا وثباتنا وتوحدنا؟ ولماذا لا نتمترس بكل الصدق وراء خطوات مفتاحية، يكون الوفاء بأحدها مفصليا وبرهانيا ويخلع نظام الظلم من جذوره؟ وتكون في الوقت نفسه متكئة على القوانين الدولية، ومستمدة منها؟!
وما دمنا قد علمنا أن إعلان بشار الاسد القبول بالمبادرات الدولية هو محاولة لكسب الوقت من حساب هذا الشعب المستضعف، وهو بالفعل يلعب على الوقت ويحاصر الجميع في خانة "اللاجدوى" فليكن موقفنا من جنس موقفه، والمحصلة واحدة، فلا نسمح له ان يستتم لعبته على حسابنا وطنا وإنسانا، فنعلن مثلا أن لا لقاء ولا حوار ولا تقديم ولا تأخير… حتى يتم الإفراج عن جميع المعتقلين والكشف عن مصير جميع المفقودين. من سوريين وفلسطينيين ولبنانين ومسلمين ومسيحيين!!
هل يعلم أحد أن آلاف اللبنانيين المحسوبين على عون مغيبون منذ عقود في سجون النظام الرحيم. طالبوا بالافراج عنهم، فيمن تطالبون، واتركوا بطرس الراعي أو بابا الفاتيكان يحتج عليكم!!
ويقولون ماذا بأيدينا من أوراق القوة؟؟!!
وتعظم في عين الصغير صغارها.. وتصغر في عين العظيم العظائم
أوراق القوة ليست دائما في اليد، بل كثيرا ما تكون في الرأس.
وسوم: العدد 964