في القوامة على الشعوب العربية!! ذكرى الخامس والعشرين من كانون الثاني- يناير وأخواتها..

في مثل هذا اليوم من 2011 انطلقت شرارة البوعزيزي التونسية إلى مصر، ومنها فيما بعد إلى كل من ليبية واليمن وسورية والعراق فيما اختصر بعنوان "الربيع العربي".

وبينما صودرت ثورتا مصر وتونس كلتاهما بانقلاب، ما تزال ثورات الشعوب الأخرى سورية - ليبية - اليمن عالقة، حيث تكاتفت كل أكتاف الشر العالمي، الدولي والإقليمي للإحاطة بهما..

ولقد سهُل الانقضاض على الثورتين المصرية والتونسية، لأنهما كانتا بلا مخالب، ولا أنياب، حيث ساد شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص" فارتد الشعب المصري والشعب التونسي عن الطريق إلى حال أعتى مما كان عليه الزمان...

بينما حاول اليمنيون والليبيون والسوريون أن يدفعوا عن أنفسهم، وعن ثورتهم، فدفعوا الأثمان المضاعفة التي عايشنا خلال عشر سنوات، ونعايش حتى اليوم، ويرون أنفسهم الآن أنهم ليسوا على طريق ,وأنهم ..وأنهم ...

وهذه المقارنة هي فقط للرد على الذين يتلجلجون في حوارات عقيمة حول "السلمية والمسلحة" لنخلص إلى حقيقة: بكل تداوينا فلم يشف ما بنا...!!

وكان الربيع العربي في جوهره محاولة جادة من مجتمع بكل أحراره لرفض حالة "القوامة" الخارجية المفروضة عليه. لرفض أن يكون القيّم على كل ما في المجتمع موّصى به، أو مدعوما، أو مرضيا عنه؛ من قوى لا تريد لهذا المجتمع خيرا.

وحين نتابع ما تقوله دكاكين ما يسمى أهل" ..." ولست متفرغا لفتح معركة معهم، حول نظام القوامة الفردي، نعجب لقوم يشتغلون أو يتشاغلون بالخاص عن العام.

الفرد في مجتمعاتنا المنكوبة بحكام ونخب، وهو المبتلى بالقوامة الزائفة الخشنة تمارس عليه في الساحة العامة، وفي الدائرة، وفي الجامعة والمدرسة، وفي الدين والسياسة والاقتصاد والاجتماع يشعر أنه أصبح مضيقا عليه بقوانين هذه القوامة حتى في غرفة نومه بل على سريره...

بعضهم يرفع شعارات الحرية الفردية في كل شيء، ثم تراهم يتبنون ويصدرون المدونات التي تنظم أدق العلاقات، في أخص المواطن.

اعتقدت دائما أن من تخلفنا أن نترك لعدونا أن يحدد لنا انشغالاتنا وأجنداتنا وجداول أعمالنا. وعندما أكون على تجمعات بعض السوريين وأنا واحد منهم، يؤلمني أن أتابع هذا الانسياق وراء الأجندات المفروضة، والانشغال بالخاص عن العام، وبالجزئي عن الكلي...وإن الجدل حول جنس الملائكة كالثقب الأسود قادر دائما على ابتلاع الأجرام العظيمة، وليس فقط الكويكبات أو الشهب المولية!!

جوهر معركة أمتنا، أو ربيعنا العربي، أن مجتمعاتنا بعد كل المعاناة والصبر، خرجت ترفض "القوامة" الزائفة بغير وجه حق. التي يفرضها أو يدعمها عدو لئيم، في شخص عميل أثيم.

من الشكاوى التي أكثر تردادها قادة التحرير من الاستعمار القديم، أنهم كانوا يرددون أن صاحب السلطة وإن أحببتَ سميته المتسلط، من موقع تسلطه/ كلما طلب عميلا وجد تحت طلبه عشرة. ومن كل طبقات الناس وفئاتهم.

 واعتبروا اليوم بمن ترون في هذه المجالس واللجان والتشكيلات. الجلوس تحت الضوء متعة ...وكفى

وبالمقابل إن هذه النفوس الأبية التي تعايش اليوم درجات الانجماد بالأجساد النحيلة شبه العارية، لن يسهل إعادة تطويعها، وردها إلى "بيت الطاعة "للقيّم المزيف...فكيف يفكر المراهنون؟؟

في وصية للأزهر الشريف على ما ذكروا، أنه طلب سحب مصطلح "بيت الطاعة" من مدونة الفقه الأسري، وأقول إن سحب هذا المصطلح من مدونة الفقه السياسي في مجتمعاتنا المنكوبة أولى.

أخفقت ثوراتٌ في الربيع العربي، وعلقت ثوراتٌ، لأن أمرا كان في المقدمات خطأ...

أمر كلي في رأس الزاوية، ابتعد بأصحاب النوايا الحسنة، والقلوب الطيبة عن الطريق... ويظلون يسألونك ما هو ؟؟ وأظل أقول : لا يصلح الناس فوضى..

اللهم أرفع شهداء ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبية واليمن وسورية والعراق في عليين...

لنصنع فجرنا ونزيح قطع الظلام عن صدورنا.                  

الله أكبر يا شام .. الله أكبر يا مصر .. الله أكبر يا عراق ... ويا يمن.. وقال أحمد شوقي في شيخ الشهداء عمر المختار:

يا ويحهم نصبوا مناراً من دم ... يوحي إلى جيل الغد البغضاء

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 965