مناسبة ذكرى معجزة الإسراء والمعراج فرحة المؤمنين وغصة الشاكين المشككين
لقد دأب بعض الشاكين المشككين في معجزة الإسراء والمعراج على بث شكوكهم في وقوعها بين الناس سنويا كلما حلت مناسبتها . ومع ارتفاع وتيرة استهداف الإسلام خصوصا بعد ثورات الربيع العربي التي أحيت في نفوس الشعوب العربية المسلمة الرهان على الإسلام للخلاص مما هم فيه من تخلف وفساد من قبل مستهدفيه من أعدائه ومن أذنابهم العلمانيين المحسوبين عليه ، لحاجة في نفوسهم لم تعد خافية على أحد ، تكررت هذه السنة حملة التشكيك المغرضة بضراوة من طرف ذباب إلكتروني معبرة عن غصة تعتريهم في مثل هذا الوقت من كل سنة تعود فيه أحاديث التذكير بمعجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم المنصوص عليها في كتاب الله عز وجل ، وفي الأحاديث النبوية الشريفة . و معلوم أن غرض هؤلاء من وراء حملة تشكيكهم المسعورة في هذه المعجزة ،هو توسيع رقعة الشك والتشكيك فيها خصوصا بين الأغرار و بين المستلبين بالفكر العلماني المعادي للإسلام .
ومعلوم أن خلفية الشاكين المشككين في هذه المعجزة لا تقتصر على إنكارهم لها وحدهم بل تهدف إلى نسف الإيمان بها عند غيرهم لأنها ترسخ الإيمان بمعجزة القرآن الكريم الذي هو مشروع خلاص البشرية قاطبة في عاجلها وآجلها .
ودون الخوض في أحداث الإسراء والمعراج المعروفة ،لا بد من التذكير بأن من يدعون الإسلام وولاؤهم لغيره يواجهون مشكلة التوفيق بين ادعائهم هذا ، وتشكيكهم في معجزة الإسراء والمعراج ، وهي تماما معجزة كمعجزة القرآن الكريم الذي لا يجرءون على التشكيك فيه، وما ينبغي لهم ذلك ، وما يستطيعون . وإنهم وهم يستغربون سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة من مكة إلى بيت المقدس ، ومن هذا الأخير إلى سدرة المنتهى لا يقبل منهم منطقا ادعاء الإسلام والإيمان بالله تعالى والتصديق بمعجزة القرآن دون التصديق بمعجزة الإسراء والمعراج . ولقد استغرب من كان قبلهم من كفار قريش وقوع الإسراء والمعراج، وسخروا منه حينئذ في حضرة أبي بكر الصديق رضي الله لإحراجه بحكم صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه له إلا أنه واجههم بما لم يخطر لهم على بال وأفحمهم بقوله : " لقد صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما هو أعظم من الإسراء والمعراج ،وهو نزول الوحي عليه فكيف لا أصدق إسراءه ومعراجه ؟ " وبناء على هذا الرد الصديقي يلزم كل من آمن بمعجزة الوحي المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يصدق رغما عنه بمعجزة الإسراء والمعراج ،لأنهما معجزتان متلازمتان لا تنفكان عن بعضهما ، ولا يصح إيمان مؤمن إلا بالإيمان بهما معا دون أن يخامره أبدا شك فيهما .
ولما كانت المعجزات عبارة عن خوارق اقتضت إرادة الله عز وجل أن تكون تأييدا للمرسلين، وتثبيتا للمؤمنين بهم، وإفحاما لمن يكذبونهم ، فإن استغراب الناس لها أمر طبيعي وهم يرون القوانين التي ألفوها في حياتهم واعتادوا عليها تخرق. بشكل غريب بقدرة خالقها وخارقها سبحانه وتعالى .
إن الذباب الإلكتروني الشاك المشكك لا يشكك في معجزة الإسراء والمعراج وحدها بل يشكك في كل المعجزات التي أتى القرآن الكريم على ذكرها بدءا بنار لم تحرق إبراهيم الخليل عليه السلام ، ومرورا بعصا موسى عليه السلام ، وبإحياء عيسى عليه السلام الموتى ، وانتهاء بمعجزة الإسراء والمعراج ، وما بين هذه المعجزات من معجزات أخر خص بها الله تعالى غيرهم من المرسلين صلواته وسلامه عليهم أجمعين .
ولقد عمد هذه السنة هذا الذباب الإلكتروني الشاك المشكك في المعجزات إلى أسلوب السخرية والاستهزاء منها كلها بطرقة فجة وقحة ، وما ذلك سوى تعبير عن الشعور بغصة تنغص عليهم حياتهم ، وهم في قرارة أنفسهم يعلمون علم اليقين أن ما شاهده رسول الله صلى الله عليه وسلم في معراجه وحكاه للبشرية قاطبة ، وما ذكره القرآن الكريم من مشاهد الآخرة من نعيم وجحيم مقيمين، هو صدق ويقين إلا أن كبرياءهم تمنعهم من الإقرار به بألسنتهم وقد استيقنته قلوبهم ، وهذا سر الغصة التي تعتريهم .
ومقابل غصة الشاكين المشككين في معجزة الإسراء والمعراج، يزداد المؤمنون بها إيمانا ، ويعيشون فرحة تزداد كلما حاول المشككون تشكيكهم فيها ، وتنشرح صدورهم بمزيد من الإيمان والثبات عليه ، وذلك فضل ونعمة من عند الله عز وجل في حين تضيق صدور المشككين نقمة منه جل وعلا ، ولو علم فيهم خيرا لشرح صدورهم بالإيمان .
وأخيرا نقول للشاكين المشككين في معجزة الإسراء والمعراج ،وهي حقيقة قرآنية يقينية ، إنكم لا محالة عما قريب راحلون عن هذه الدنيا، وستسألون عن شككم وتشكيكم وعليكم شهود كرام كاتبون لحظة السؤال ساعة تقبرون، وحين تبعثون ، وستندمون، ولات حين مندم .
وسوم: العدد 970