فرنسا تبتز أموال طالبي تأشيرات الدخول إلى أراضيها وتجيبهم بالرفض

لا زالت فرنسا كما عهدناها تتصرف مع المغاربة كما كانت تتصرف معهم وهي تحتل وطنهم ،وتستنزف خيراته تصرّف المحتل المستكبر والمستعلي فتفرض عليهم ما شاءت من قوانينها الجائرة حتى و قد صاروا أحرارا في وطنهم .

وإذا ما كانت بالأمس وهي تحتل أرضهم تفرض عليهم ضرائب ظالمة ، وتقيد تنقلاتهم وسفرهم داخل وطنهم ، فإنها لا زالت اليوم تقيد سفرهم إلى أراضيها بابتزاز أموالهم مقابل تأشيرات دخول دون الحصول عليها ودون استرجاع أموالهم في صفقة جائرة مهينة لكرامتهم، علما بأن القاعدة التي تحكم كل صفقة مهما كان نوعها هو أخذ يقابله عطاء ، ولا يوجد استثناء إلا في صفقة طلب المغاربة تأشيرة الدخول إلى الأراضي الفرنسية حيث تأخذ فرنسا ولا تعطي شيئا ، وتعتبر ذلك تصرفا منطقيا وحضاريا وإنسانيا ... دون أن تخجل من تصرفها المعبر عن ماضيها الاستعماري البغيض .

 وعلينا أن نتصور المبالغ الطائلة التي تراكمها فرنسا مقابل رفضها منح التأشيرات لمن يطلبونها من المغاربة يوميا ، وكان من العدل والإنصاف أن تسترد تلك المبالغ في حالة الرفض لتعبر فرنسا كما تدعي أنها بلد العدالة ،والحضارة، والحقوق، و الجن والملائكة  ....

سيقول البعض ليست فرنسا وحدها من يسلك هذا السلوك مع المغاربة بل كل البلاد الغربية تسلكه ، نرد بالقول هذا لا يمكن أن يعتبر تبريرا لابتزازها شعبا هي مدينة له بعقود من نهب خيراته ومقدراته في فترة احتلالها أرضه  ، وكان من المفروض أن تعفيه أصلا من مال يدفعه للحصول على تأشيرة دخول أراضيه ، وهي التي دخلت أرضه واحتلتها دون تأشيرة عسى أن يكون ذلك اعتذارا منها على ابتزازها الاستعماري لخيراته ومقدراته وسرقتها المخزية التي هي  ستبقى وصمة عار في سجل التاريخ ، وتبقى لعنة أبدية تلاحقها .

ولا يستغرب من فرنسا سلوك ابتزاز أموال طالبي التأشيرات لدخول أراضيها دون تمكينهم منها وهي التي تضيّق على من يعيشون منهم كجالية مقيمة عندها حتى في أقدس مقدس، وهو تدينهم حتى بلغ الأمر بها استبدادا واستكبارا فرض ما سمته إسلاما فرنسيا  عليهم، والإسلام أقدس من أن يعبث بمبادئه وقيمه السامية بلد علماني تنحدر قيمه بالإنسان إلى الدرك الأسفل من امتهان كرامته الإنسانية ،ومع ذلك  يتبجح باعتبار قيمه هي أرقى القيم  في الكون مقابل الحط من قيم الإسلام التي لا تتعلق قيمه  بغبارقيمه ، ولو اتسع المجال في هذا المقال لأجرينا مقارنات بين قيم الإسلام السامية  وقيم فرنسا العلمانية ليستبين الفارق بينهما مع أنه لا مجال للمقارنة مع وجود أبعد الفوارق .

 ولا يستغرب أيضا من فرنسا ابتزاز المغاربة الراغبين في الحصول على تأشيرات الدخول إلى أراضيها وهي التي تبتز طالبي العلم والمعرفة أبشع ابتزاز، فلا يحصلون على شواهد جامعاتها ومعاهدها إلا بصرف مبالغ فاحشة .

ولا يستغرب منها ذلك وهي التي تتحكم في لباس المرأة المغربية المسلمة  المقيمة عندها مع أنه ليس مجرد لباس بل هو قبل ذلك ممارسة تعبدية  من المفروض أن تحترم بموجب قانون حرية المعتقد والتعبد التي تدعي أنها تحترمه  .

ولا يستغرب منها ذلك أيضا ، وهي التي تقايض المرأة المغربية المسلمة بالكشف عن جسدها إذا ما أرادت الاستحمام في شواطئها أو مسابحها دون مراعاة حرية اختيار لباس سباحتها الموافق لمعتقدها أو ثقافتها . وفي المقابل تتمتع المرأة الفرنسية العلمانية بالسباحة في شواطىء المغرب ومسابحه بما تختاره من لباس يوافق اعتقادها العلماني وثقافتها  دون أن تتعرض للتضييق الذي تتعرض له المرأة المغربية المسلمة .

ومع هذه التصرفات الشاذة التي تمارسها فرنسا مع المغاربة، لا ندري أمازالت كما كانت تعتبرهم تحت احتلالها أو أن احتلالها السابق يخول لها أن تواصل معاملتهم كما كان الأمر في فترة الاحتلال  ؟  وما أظن فرنسا بهذه التصرفات  إلا مستهدفة كرامة المغاربة ، وما ينبغي لها ذلك ، وما تستطيع لو أنهم لقنوها درسا في الإعراض عن الرغبة  في دخول أراضيها بشروطها المهينة لهم، ولكن الكثير منهم مع شديد الأسف والحسرة يرضون بإهانتها لهم ، ويخضعون لابتزازها أكثر من مرة في طلب تأشيرة دخول أراضيها ، وفي نهاية المطاف يعودون بخفي حنين كما يقول المثل العربي . فمتى سيغضب هؤلاء لكرامتهم ؟

وسوم: العدد 989