معركة الأمعاء الخاوية وشريعة الغاب

يخوض 30 أسيرا إداريا منذ سبعة عشر يوما معركة الأمعاء الخاوية، مطالبين بحرّيّتهم، وانضمّ إليهم 20 آخرون منذ يومين، ومن المتوقّع أن يلحق بهم آخرون إذا لم تتحقّق مطالبهم. وتشير إحصائيّات نادي الأسير الفلسطيني إلى وجود 760 أسيرا إداريّا فلسطينيّا منهم حوالي 16 قاصرا وفتاتان.

 وقانون الاعتقال الإداري الذي ورثته اسرائيل عن الانتداب البريطانيّ، يتم بموجبه اعتقال أيّ شخص لأشهر وسنوات دون تهمة محدّدة ودون محاكمة، أي أنّه اعتقال لمجرّد الشّك بالنّوايا، وقد سبق وأن وصفه حاييم شابيرا عندما اعتقله البريطانيون عام 1946 بموجب هذا القانون بأنّه "يمثّل شريعة الغاب"، لكنّه لم يعمل على الغائه عندما استلم وزارة العدل الاسرائيلية في خمسينات القرن الماضي، ليبقى سيفا مصلتا على رقاب الفلسطينيين الذين عضّوا على تراب وطنهم بالنواجذ، وبقوا في ديارهم رغم المعاناة التي تنوء بحملها الجبال.

ومعركة الأمعاء الخاوية هي السلاح الوحيد الذي يملكه الأسرى، فلا خيارات أخرى أمامهم، فإمّا الحرية أو الموت جوعا رغم المعاناة والألم، وهذا ما يستطيعون فعله، وقد سبق لبعض أسرانا خوض هذه المعركة وسقط منهم شهداء.

ولمّا كانت اسرائيل تدير ظهرها للقانون الدولي وللوائح حقوق الانسان، ولاتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري مدعومة من حلفائها وفي مقدمتهم الادارة الأمريكية، فإنّ المريب هو موقف منظمات حقوق الانسان العالمية التي لا تقوم بواجبها الانسانيّ كما يجب لإنقاذ أسرانا من موت محتوم. لكن اللافت هو موقف الجامعة العربية، والنّظام العربيّ الرسميّ من قضيّة أسرانا، والذي يكتفي بالشّجب والاستنكار في أحسن الأحوال، بعد أن أسقطت كل الخيارات الأخرى. فهل حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين المهدّدة بشكل جدّي لا تستوجب حراكا دبلوماسيّا سريعا وقبل فوات الأوان؟ وألا تستدعي طلب اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لاتّخاذ قرارات ملزمة لاسرائيل المحتلة لانقاذ حياة الأسرى؟ ومن حقّ المواطن الفلسطيني أن يتساءل عن موقف شعوبنا العربيّة، وعن عدم حراكها للتّضامن مع إخوتهم الأسرى الفلسطينيين. وهل يدرك أصحاب القرار من أنظمة التّطبيع المجّانيّ وحليفتهم اسرائيل أن سقوط ضحايا من الأسرى سيفجّر الأوضاع في المناطق الفلسطينة وفي المنطقة جميعها؟ وإلى متى سيستمرّ هذا الاحتلال الذي أهلك البشر والشّجر والحجر؟ وهل تنتبه الأنظمة العربيّة لموقف "صديقتهم" أمريكا وحلفائها من حرب روسيا على أوكرانيا، وكيف جنّدوا كلّ طاقاتهم العسكريّة والاقتصاديّة والسّياسيّة لدعم أوكرانيا، لتحرير أراضيها، بينما يجنّدون الطّاقات نفسها لدعم اسرائيل في تكريس احتلالها للأراضي العربيّة، ومواصلة حربها على الشّعب الفلسطينيّ بشكل خاصّ والأمة العربيّة بشكل عامّ؟  وما موقفهم من ذلك؟ 

وسوم: العدد 1001