حكومة السوداني بين تكريس ركائز ومواقع النفوذ الإيراني داخل العراق وخدعة "مكافحة الفساد" للتضليل الشعب

تذكرت المثل الأنكليزي القائل"إذا اردت أن تهدم مرحاض بسبب رائحته الكريهة فلا تبني المرحاض الجديد بنفس الطابوق القديم" ينطبق هذا المثل على إعلان تشكيل حكومة العميل المزدوج محمد شياع السوداني، قلباً وقالباً وحرفياً ، الذي استعصى وصوله إلى المنصب عاماً كاملاً ، مع استمرار نظام المحاصصة المقيت، أيقن الشعب العراقي أكثر من أي وقت آخر، أن وطنهم لم يخرج بعد عن دائرة الهيمنة الفارسية الإيرانية، خاصة أن من يدير هذه الحكومة العميلة الفاسدة من خلف الكواليس، هم من أكثر عملاء للعراق ولاء لإيران، وسمعاً وطاعة لنظام الولي الفقيه، ليسدل الستار على فصل جديد من فصول أزمة النظام السياسي في العراق، الذي لم ينته، إذا أخذنا بعين الاعتبار، القاسم المشترك الذي يجمع الأحزاب الشيعية العميلة، من الإطار التنسيقي الفارسي، أو من التيار الصدري، أو جماعة عمار الإصفهاني أو الميليشيات الولائية وعصابة البرزاني والطالباني الإنفصالية المتصهينة، وهو ما تريده الإمبريالية الأمريكية والبريطانية والكيان الصهيوني الهادفة إلى إبقاء البلاد ضمن هذا المحور الإقليمي الطائفي، من خلال دعم استمرار النظام السياسي الذي فرض عليه منذ غزوه 2003، على الرغم من الجهود الذي بذلته ثورة تشرين ودور الحزب الشيوعي العراقي – الإتجاه الوطني الديمقراطي لإخراج العراق من دائرة الهيمنة الإمبريالية الأمريكية والبريطانية والصهيونية والعجم الإيراني، حيث تعرضها لعمليات البطش والتنكيل التي راح ضحيتها العديد من العراقيين في تشرين 2019.

بدا واضحاً أن الإطار التنسيقي الفارسي الصفوي الذي يقوده العميل المزدوج نوري كامل محمد حسن أبو المحاسن الهالكي هما الورقتان الإيرانيتان الرابحتان في نجاح المشروع الإيراني الصفوي بالعراق، ومقتدى الصدر وخطه من أنه الجوكر في شدة الورق الإيرانية، وهو من يجعل الهيمنة الفارسية الإيرانية على العراق واقع حال صعب تغييره.

ومن الواضح أن حكومة السوداني لن تغير من واقع المرير للعراق وشعبه، هو على  طريق الذين سبقوه تصريحات بدون أي إنجاز أو قرار يخدم الشعب العراقي، نظام المحاصصة الطائفية – العرقية المقيتة وضعت أسس وثوابت لأي حاكم يمتطي كرسي الحكم في العراق وهدفهم الأساسي مصالح  رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية والغربية والكيان الصهيوني والعجم الظلامي الحاكم في طهران ومصالحهم الخاصة وأهدافهم التي باتت معروفة هو إذلال الشعب العراقي، سيبقى العميل محمد السوداني ما هو إلا بيدقاً طائفياً ودور الممثل الذي يجيد تراجيديا العزف على زيادة الفقر والبؤس على أبناء شعبنا، يفتح كفيه المليئة بثروات العراق ولا يجني شعبنا من ثرواته المسروقة سوى السراب.

ونرى في ذلك أن زيارة السوداني إلى طهران في 28 -11-2022، يراد منها أن يكون العراق حامي أمن إيران بينما غاب أمن العراق وكذلك تأتي في سياق الوساطة العراقية بين إيران والإدارة الأمريكية، فيما يتعلق بفشل الملف النووي واتساع الاحتجاجات في إيران، هذه الاحتجاجات اليوم مختلفة تماماً عن سابقاتها خلال العشرين عاماً الماضية، ومن هنا يمكن فهم قرار إعادة النظر في تشريعات الحجاب، وأيضاً كف تدخل "شرطة الأخلاق" المعني بالسيطرة المجتمعية، وبشكل قمعي وسلطوي. قد وضع نظام الظلامي الإيراني أمام خيار مرّ وهو الاستغناء عن هذه المنظومة، على الرغم من أن بُنيتها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعقيدة النظام ومنظومته القيمية، كما لم تنفع وسائل العنف في إيقاف مسيرة الاحتجاجات، لقد باتت الشعوب الإيرانية اليوم تطالب بسقوط النظام والمرشد، ولم يعد لباس المرأة هو المشكل. وظهر ذلك جلياً من خلال استمرارية التظاهرات في إيران لشهور طويلة ولا زالت بكل هذا الصمود والإستماتة ، رغم مسلسل القمع والبطش والتنكيل والقتل الإنتقامية ، وهو الأمر الذي أدى بالنظام الإرهاب والظلام الإيراني إلى إلغاء بعض بنود قانون الأخلاق المتعلقة بارتداء الحجاب، وهذا سيكون مفيداً للعراق، لأن سقوط النظام العجم الإيراني سيؤدي أوتوماتيكياً إلى سقوط نظام المحاصصة وشبكات الإجرام المنظم للطغمة العميلة واللصوص المهيمنين من خدم مصالح النظام الإيراني في العراق ناهيك عن مصالح الأمريكية والصهيونية .

 وإسناداً إلى هذا المثل الأنكليزي أعلاه يدل على أن العراق ما زال مرهوناً بعصابة تنفذ مشاريع الأجندة الأمريكية الصهيونية والعجم الفارسي الإيراني ، وفقاً للمثل الشعبي "كأننا لا رحنا ولا جينا” عاد العميل المزدوج نوري كامل محمد حسن أبو المحاسن الهالكي منتصراً من خلال لعبة التي حاكتها السفارة الإيرانية ببغداد والحرس " الثوري" الإيراني وعصابة حزب "الله " اللبناني بدعم من وكر السفارة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية في بغداد إلى الحكم من خلال واجهة صورية تتمثل في تعين العميل المزدوج محمد شياع السوداني الذي يدين بالولاء لإيران والهالكي، لتشبع تطلعاته لحكم العراق مدى الحياة وشعاره المعلن في ذلك "لن أعطيها "، هو عميل مجرم طائفي من طراز خاص. ولقبه ثوار تشرين الباسلة من إرهابه وفساده ب"مختار العصر" تذكيراً بتوزيعه العراقيين بين معسكري يزيد والحسين. 

أن الشعب العراقي المقيد بقيود مليشيات إيران الدموية اليوم قادر بمفرده أن ينجو ويتخلص من العملية السياسية المخابراتية ونظامها المحاصصي المقيت ومليشياتها إرهابية مدججة بأحدث الأسلحة الفتاكة التي تستخدمها لتعطيل نهوضه ونهوض العراق.

والعراق المنهوب والمخطوف اليوم فيه بيئة أكثر من مناسبة لهيمنة المافيا على جميع مفاصل الحياة بالبلاد، فالأحزاب السياسية العميلة بكل عناوينها ورموزها ودكاكينها وألوانها التي تتقاسم السلطة منذ الإحتلال لليوم، عصابة (تعالوا احتلونا)، الذين زينوا الإحتلال ب (تحرير العراق) : نكاية بالوطن والشعب، ينخرها الفساد! جعلت من الفساد والإستبداد السياسي شريان حياة أحزابها، ليقابلها موت يومي لوطن يتهاوى بفعل مخططات التآمر الدولي والإقليمي والفساد وشعب يعيش في منطقة اللاوعي بعد أن يأس من إلتفات أحد الى معاناته.

ومن المفارقات العجيبة ـ في هذا السياق الآن وفي ظل النظام الفدرالي بات مصدراً لإثارة الصراع والسرقة والتقسيم القائم لليوم (سنأتي على تفاصيله لأحقاً). مرة أخرى، في ظل حكومة السوداني وهنا حصلت المفاجأة الصادمة، ضباط كبار من حمايات المنشآت النفطية، يصدرون النفط الخام والمشتقات، بتريليونات من الدنانير، أما وزارة الصحة لها بالفساد، وهدر المال العام، فلا أدوية كافية، ولا معالجة حقيقة للمرضى ولا طعام يكفي للمرضى، وإدارات هزيلة متواطئة، مع الكوادر المهملة، ولا "الشخص المناسب في المكان المناسب" وهذا ما كشفته مؤخراً زيارة ليلية العميل السوداني،عندما ذهب يتفقد الخدمات المقدمة للمرضى في أحد مستشفيات بغداد، إنها مستشفى الكاظمية التعليمي، فأعطى فكرة أنه يحاول الضحك على شعبه، من خلال اصطناع الغضب من القائمين على المستشفى، وإظهار على أنه قادم للتغيير الجذري، حينها تساءل العراقيون، هل حقاً أن العميل السوداني لا يعلم بحال المستشفيات في العراق، وهو أحد رموز الطغمة السياسية العميلة التي دمرت كل شيء، ولم تقدم أي شيء خلال عشرين عاماً ؟ بل الحقيقة تكشف أن زيارته كان يبغي من ورائها استثماراً سياسياً بأوجاع العراقيين؟ في هذا الصدد، بدأت حكومته لنبين للرأي العام العراقي والعربي طبيعة هذه الحكومة وعمالتها للدول المعادية للعراق فقد كانت مشاركة العميل المزدوج عبداللطيف جمال رشيد مع مسؤولين صهاينة، بورشة أقيمت في اليوم الثالث للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر " كوب 27" بشأن المناخ.وجلس جنباً إلى جنب وعلى طاولة واحدة مع وزيرة البيئة في حكومة الإحتلال الصهيوني "تامار زاندبرغ"، وسفيرته لدى مصر "أميرة أورون"، في الورشة التي أقيمت في قاعة بقصر المؤتمرات بمدينة شرم الشيخ المصرية.

ويثير مجلس النواب للنهب والعار والدمار بين حين وآخر، ضجة حول نصرته للشعب الفلسطيني ورفضه للاحتلال الصهيوني، وصوت في أيار 2022 بالإجماع لصالح مقترح قانون لتجريم التطبيع مع مستوطنة إسرائيل، بعد سلسلة من الزيارات، قامت وفود سياسية للكيان الصهيوني خلال السنوات اللماضية، وأن هناك خطوات فعلية من قبل الطرفين باتجاه التطبيع،على المستوى الرسمي عمد نظام المحاصصة والفساد في بغداد إلى التكتم على هذه العلاقة، وأمتنع عن التعليق على قرار وزير مالية الكيان الصهيوني، كما تكتم على زيارات الوفود العراقية إليه، لكن مستوطنة إسرائيل لم تتردد بنشر تفاصيلها، ومنها زيارة وفد عراقي إليها في كانون الأول 2018.

وما نشهده الآن يخرج علينا العميل المزدوج عبداللطيف جمال رشيد بلعبة جديدة حول تشريع قانون النفط والغاز والذي سيكون وبلا شك في صالح النهب المنظم لهذه الثروة لصالح الطغمة السياسية العميلة المجرمة الفاسدة

يبدو اليوم وكالعادة أن هناك خلافات بين حكومة العميلة حول جملة من الأمور، منها ملف ما يسمى ب(المناطق المتنازع عليها) يا للعجب كاتب هذه السطور أو القارىء الكريم لم يسمع في تاريخ الشعوب ما يسمى (المناطق المتنازع عليها) داخل الوطن الواحد، وملف النفط والغاز وملفات أخرى غيرها بات واضحاً أن الإطار التنسيقي الفارسي قدم جملة تنازلات للأكراد الإنفصاليين فأنها لا تخرج هي الأخرى عن أصول اللعبة التي يلعبانها منذ وصولهما إلى السلطة على متن دبابات الإحتلال الأميركي البريطاني الصهيوني وبالعربة العجم الإيراني للبلاد ولليوم. فتهديدات الطرفين لبعضهما ليست إلا زوبعة في فنجان خبرها شعبنا بشكل واضح وجلي.

ليس من حق حكومة تنهب ثروات شعبها كحكومة المجرمين القتلة الأشرار في منطقة الغبراء ببغداد أن تسن قانوناً على درجة عالية من الأهمية كقانون النفط والغاز، كون سن مثل هذا القانون سيكون بلا شك في صالح الطغمة العميلة الفاسدة التي تسنه وليس في صالح شعبنا الصامد مطلقاً. فالحكومة المحاصصة والفساد كانت تصدر النفط رسمياً دون أن  تضع عدادات القياس، كما كانت الأحزاب والميليشيات الشيعية تسيطر على أرصفة تصدير النفط في الموانئ وتهربه بشكل غير شرعي لتجني ارباحاً بمليارات الدولارات، ولم تكن عصابة البرزاني والطالباني المتصهينة المحتلة شمال العراق بعيدة عن هذا النهج وهي تبيع النفط لتركيا ولكيان الصهيوني بأسعار بخسة ودون علم الحكومة المركزية وموافقتها، علاوة على تهريب كميات كبيرة منه إلى إيران عبر المنافذ الحدودية في منطقة السليمانية فهل استفاد شعبنا بكل مكوناته من الريع النفطي للعيش بكرامة طيلة ما يقارب عشرون سنة .لذا فان تشريع القانون سيكرس سرقة ونهب أحزاب المحاصصة للثروة النفطية بشكل "قانوني”.لا توجد دولة بالعالم تشرعن الفساد بصورة علنية من خلال قوانين نافذة، وهو بوابة النهب المنظّم لثروات الشعب. 

علما أن التحالف الشيعي الصفوي الموالي لإيران ومن خلال سياساته المعادية لمصالح شعبنا بكل نسيجه الأجتماعي، يحلم في إتحاد كونفدرالي مع إيران الشر والفتن والإرهاب، لرهن العراق وشعبه ومنهم  المواطنين الأكراد عند دولة ولي الفقيه.

يبقى السؤال فيمن هو القادر على إصلاح النظام السياسي العراقي؟ وهل إن عملاء العراق قادرين على بناء سياسة تتوافق مع سيادة العراق وطبقا لمصالح شعبه؟ فالجميع على علم بأن النظام السياسي الذي تديره أحزاب الثقافة الطائفية - العرقية، فقدت السيطرة على نفسهم منذ أن ارتضوا أن يكونوا بيادق في رقعة الشطرنج الأمريكي الصهيوني والعجم الإيراني وصار يتحكم بهم .

ويتذكر الشعب العراقي الصامد كيف ضاعت عشرون سنة من عمره هباء وقتلاً وجوعاً وحرماناً من فرص العمل وفقدان أبسط مقومات الحياة الكريمة فهل لدى لأبناء شعبنا من البنات والشباب عشرون سنة أخرى تضحون بها من أجل الهالكي ومشروعه الفارسي الصفوي؟.

لقد آن الأوان لنفكر جيداً كيف نخطط لمرحلة وطنية تحررية بأبعاد ثورية لخلاص العراق من مآسيه الطاحنة وسفك دماء أبنائه الأبرياء الذي يتصاعد بإستمرار مع الأيام؟

يتبع

وسوم: العدد 1010