أهمية توثيق الموروث التاريخي و التراثي
المرء مولع بحب المعرفة ، مولع بحب اكتشاف الحقائق ، يحب كشف حقائق الأشياء ، و ذاك البحث طبيعي إذا وضع في سياقه الحقيقي ، غرضه كشف الحجب المستورة ، نبحث و نجد في البحث لا لشيء سوى الوصول للحقيقة ،و نحن نحاول الكشف عن تلك الحقائق يصيبنا خوف مهول ، كأنه امتحان. صعب لا نستطيع مقاومة صعوبته، نلمس هذا عند تعرضنا لدراسة وقائع تاريخية عاشها مجتمع ما. في حقبة ما ، فنخاف فتح سجل أحداث الماضي ؛ فندفن رؤوسنا في الرمل مثل النعامة خوفا من حقائق التاريخ الصادمة ، و تلك الحقائق و الأحداث هي حق طبيعي للأجيال يمنحها حق التعرف على ماضيها .
نقرأ و نسمع حقائق تاريخية مروية في مجملها لا تخضع لمعايير البحث العلمي ، كل واحد يحكي من الروايات كالأحاجي ، فيها مصدق و آخر مكذب ، و آخر حائر لا يعرف الصدق من التزييف ، وأهل الصنعة من أصحاب التخصص أقلامهم عاجزة أن تخرج مدفون التاريخ ، ليكشفوا حقائقه للحيارى بالدراسة وتمحيص و رد زيف الروايات الشعبية ، و واجب أصحاب الصنعة حماية تاريخ الشعوب و. الأوطان من المحو و التحريف حماية للذاكرة.
لعل فضل شبكات التواصل اليوم سمحت لنا عرض هذا الموضوع حبا لمعرفة الوجه المشرق لتاريخنا، و حبا لمعرفة موروثنا الشعبي الزاخر بالأحداث الهامة وضعت أمامنا الكثير من المستندات و الوثائق النادرة و الصور القديمة لحياة مجتمعاتنا و هم مشكورون. على ذلك المجهود و لكن يبقى الأمر غير كاف، و يبقى دور أصحاب الحرفة الأهم من خلال الكتابة و إصدار البحوث و الدراسات. في الجامعات في مخابر البحث العلمي، مع تشجيع المهتمين بالدراسات التاريخية من الأساتذة لتدوين أعمالهم البحثية أو اخراج وثائقهم المحجوزة في آرا شيفهم ، لينفضوا عنها الغبار حتى يتمكن الجميع من التعرف على مآثر أجيال خلدت تاريخها بنضالات بقت شاهدة ، كما لا يحق لأحد أن يحجب تلك المآثر بالحذف أو التحريف أو طمس حقائقها أو المنع ، كما أننا لا يمكن بحال أن نحاكم تاريخ حقبة زمنية ، أو أن نخون أو نجرم ، فما يهمنا سوى كشف الحقائق ، فالتاريخ ذاكرة الشعوب .
كما يجب أن نلفت المهتمين بالدراسات التاريخية حاجتنا للتوثيق الرقمي ، بدءا بالمهتمين إلى الباحثين الأكاديميين تدوين الأحداث التاريخية في منصاتهم ، و تشجيع الحوارات العلمية مع أصحاب التخصص و الباحثين بعيدا عن لغة التعصب ، و تحريف نوايا المهتمين أو تقليل من شأن جهودهم البحثية ، فكل جهد مقدم يحترم فدافعه تقديم إضافة بحثية و نفض الغبار على الأحداث المنسية على الحفر على أخطاء الماضي و الإساءة لأصحابه .
فإلى متى يظل الخوف يأسرنا لنكشف الحجب لمعرفة حقائق تاريخنا المشرق الخالي من تحريف الغالين و انتحال أصحاب النوايا الخبيثة ، الذين عملوا و يعملون على طمس نضارة ماضينا المشرق ، همهم حجب صفحة بباض ماضينا المشرق ،و هذه الاستغاثة تحتم على الأسرة و المدرسة و المؤسسات الإعلامية القيام بدورها المنوط بها ؟ ! .
وسوم: العدد 1018