وزيرة إسرائيلية تتعهد بالعودة إلى قطاع غزة .. يا للجنون !
تفاقمت الغرائب والعجائب في إسرائيل أقوالا وأفعالا حتى لتبدو حانة سكارى . ومن غريب القول وعجيبه ما فاهت به أوريت ستروك وزيرة الاستيطان والمهام " الوطنية" للقناة الإسرائيلية السابعة عن الالتزام بالعودة إلى مستوطنات قطاع غزة الإحدى والعشرين التي انسحبت منها إسرائيل في 12 سبتمبر 2005 مقهورة مدحورة . بديهي أن العودة إلى تلك المستوطنات التي وصفتها الوزيرة العضو في حزب " الصهيونية الدينية " ب " جزء من أرضنا " مؤداها احتلال القطاع ثانية . والواضح أنها تحسب ذلك الاحتلال مهمة تسوق في محل من المحلات ، ولم تفكر في سبب إرغام كيانها على الانسحاب بعد احتلال لبث 38 عاما . ولا عجب في تفاهة فهمها لكونها وزيرة في ائتلاف يضم عددا موفورا من الحمقي والأغرار والمجانين نجحوا في سهولة وسرعة في حشر كيانهم في محنة داخلية لا يلوح أي ضوء لنهايتها ، وأهالت على رأسه انتقادات واسعة حتى من أقرب رعاته والساكتين على توحشه الغابي في فلسطين . في قطاع غزة مليونان ونصف مليون فلسطيني ، ويسير الناس في مدنه ببطء وصعوبة لفرط الزحام وكثرة السيارات ، والمستوطنات السابقة فيه باتت مأهولة بالناس والعمران ، والنمو السريع في عدد السكان يفتح الباب لتساؤلات لا تنتهي ، فكيف ستعود عضو حزب سموتريتش ، حزب المعاتيه المجانيين ، إلى مكان هذه بعض صفاته الشائكة ، مكان يضيق بأهله ضيقا متسارعا مرعبا ؟! ولم تشغل نفسها بتكلفة محاولة العودة إليه إسرائيليا من القتلى والجرحى والأسرى ، ولم تسأل لماذا لم يجرؤ جيشها على الدخول البري في غزة في عدوان 2014 وما بعده ، ولم تسأل لماذا استثنت وزارة كيانها غزة من إلغاء قانون فك الارتباط الذي أقرته في شمالي الضفة في شأن المستوطنات الخمس المخلاة . ولم تفكر في خطورة أن تكون دولتها في صدام مباشر متنوع مع ثمانية ملايين فلسطيني . رئيس الوزراء إسحق رابين تمنى بعد أن عذبته السيطرة على غزة أن يصحو من نومه ليبشر بغرقها في البحر ، وأقسم بعد ذلك ليخرجنها من إسرائيل ، وكان يقصد نفسيا وعمليا إخراج إسرائيل منها ، وبرَ شارون رئيس الوزراء بذلك القسم ، وهو الذي ساوى بين مستوطنة نيتساريم جنوبي مدينة غزة وبين تل أبيب في القيمة ولزوم الدفاع عن الاثنتين كلتيهما . ولا تعلم الوزيرة شيئا عن بكاء العائلات الإسرائيلية في وداع أبنائها الجنود حين يذهبون للخدمة في غزة ، ولا عمن فر منهم متمردا على تلك الخدمة . فر في الانتفاضة الثانية 16 جنديا في مجموعة واحدة من وسط قطاع غزة . وهل تجهل سوء الأحوال النفسية لمستوطني غلاف القطاع ، وجنود " فرقة غزة " الذين يخدمون في هذا الغلاف ؟! ونحبس اسم الفرقة بين مزدوجتين تبرؤا وتطهرا من انتساب فرقة القتل والدم إلى غزة الفلسطينية العربية قاهرة الغزاة على مسار التاريخ . الجنون الذي تعهدت به الوزيرة غريب شاذ غبي إلا أنه ليس مفاجئا ممن تنتمي لحزب أو عصابة يتزعمها سموتريتش الذي ينفي وجود شعب فلسطيني ، ويتناهى شذوذه وبلاهته إلى قمة عالية ، فيدعي باطلا وحماقة أنه هو الفلسطيني الحقيقي ، وطبعا يعم ادعاؤه سائر مستوطني كيانه الغرباء المغتصبين . سطوا على الأرض الفلسطينية ، ويريدون أن يوسعوا سطوهم ليخطفوا الهوية الفلسطينية البشرية ، وبين السطوين تلاحم واتصال . الساطي على الأرض يريد أن يعزز سطوه بكل ما يمحو الكيانية البشرية والحضارية لمالكها الأصلي الحقيقي . من بشائر انهيار المشروع الصهيوني أنه ظهر في زمن انتهاء الاستعمار والاستيطان ، وفي أرض الإسلام التي إما أن تطرد غزاتها ، أو تذيبهم في كينونتها البشرية الحضارية ، ولا استثناء للمشروع الصهيوني من هذه الأيلولة المحتمة خاصة شقها الأول ، أي الطرد ، ف " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " مثلما يقرر الحديث الشريف ، ويتميز المشروع الصهيوني الأوروبي المنشأ عن الغزاة السالفين بأن حشرجات احتضاره شرعت ت تتفجر داخله متناقضة مع البيئة الأمنية المثالية التي هيأتها له بعض الأنظمة العربية والإسلامية المتناغمة معه استجابة للجامع الواحد بينها وبينه بحسبان الطرفين نتاج الاستراتيجية الغربية في المنطقة .
وسوم: العدد 1025