التضخم العالمي .. والتضخم الأسدي ..

أعزائي القراء ..

نشرت منظمة العمل الدولية بياناتها في آذار/ مارس/ الماضي، بينت فيه ان أسعار النفط والقمح إرتفعت بنسبة 50 في المئة عما كانت عليه قبل عام، ثم توالى بعد ذلك إرتفاع بقية أسعار السلع والخدمات الأساسية مثل الأطعمة والطاقة والنقل والملابس، ما ادى بدوره إلى رفع تكلفة المعيشة. وبدأ الناس بزيادة  إنفاقهم من المال. 

لشراء مستلزماتهم؟ ولاشك أن جائحة كورونا وأزمة الغاز  وحرب روسيا على أوكرانيا كل ذلك فاقم الأوضاع وقاد العالم إلى التضخم.    

عالمياً هناك نوعان من التضخم :

- التضخم الناتج عن الطلب ويحدث عادة  عندما يمر الاقتصاد بمرحلة تعاف، ويشعر الناس بالثقة في الأوضاع الاقتصادية، ما يدفعهم إلى إنفاق المزيد من الأموال بدلاً من إدخارها وهذا غير متوفر حالياً . 

 - والتضخم الناتج عن الكلفة ويحدث عند ارتفاع تكلفة إنتاج السلع أو الخدمات، وتمرير ذلك الارتفاع إلى المستهلك.

وهذا ما شاهدناه مؤخرا في شتى أنحاء العالم.

 ولكن الخبراء أضافوا لهذين النوعين من التضخم  تضخم آخر ناتج عن فساد الأنظمة: وتختص  الدول الديكتاتورية به ، حيث تنفق أموال شعوبها على  الفساد والسرقات والمخابرات  والمعتقلات والرشاوي ، وأنا أسمي هذا النوع من التضخم ، بالتضخم الأسدي.

صحيح أن هذا النوع من التضخم كان موجوداً سابقاً،  ولكنه بلغ القمة في عهد  الجزار أسد وهذا غير قابل للسيطرة عليه طالما أن صانع التضخم مازال يتحكم برقاب الشعب  السوري.

 ففي سوريا أدى هذا التضخم إلى استغناء الشعب عن فطوره، ثم عن عشائه ثم بدأ  الاستغناء عن مداواة نفسه وأهله، حيث اصبحت هذه الضروريات بطراً، إضافة  إلى فقدان المواد الغذائية والأساسية وهبوط الدخل الشهري الى بضعة دولارات فقط لا تسمن ولاتغني من جوع . وتعتبر سوريا اليوم  الاقل دخلاً عالمياً ، مما خلق وضعاً مأساوياً قل نظيره في العالم .

واذا أضفنا إلى ذلك النهب والسرقات المباحة لشبيحة النظام لحماية الرأس عندها يصبح التضخم مرضاً غير قابل للشفاء ، وعلى سبيل المثال ،قالت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها ، إن القيمة الصافية لثروة رئيس النظام السوري بشار الأسد تقدر ب ٣ مليارات دولار  وهي معروفة رسميا ً وليست منقولة إلى أسماء اخرى .  

وأبقت  الوزارة باقي الثروة سراً ،حيث أن عائلة الأسد تمتلك أصولًاً بأسماء وهمية أو من خلال صفقات عقارية مبهمة.

وأضافت الوزارة نقلًا عن تقارير غير حكومية وأخرى إعلامية أن عائلة الأسد تدير “نظام رعاية معقدًا يشمل  صناعة وتصدير المخدرات وبناء شركات وهمية وشركات واجهات يستخدمها النظام أداة للوصول إلى موارد مالية”.

وباضافة  أفراد من عصابات النهب إلى عائلة رأس العصابة كشقيقته وأبناء عمومته وأبناء خالاته وعمه، ومئات اللصوص الآخرين عندها يتبين لنا سبب هذا النوع من التضخم الأسدي القاتل  الذي نال جميع أفراد الشعب بكل طبقاته. 

أعزائي القراء ..

عندما  تتعرض الدول الديموقراطية إلى تضخم عالمي  من النوع الأول والثاني ، فان  شعوب  هذه الدول تعالج  هذا التضخم بتغيير حكوماتها حتى يستقر وضعها بتكليف إدارة جديدة من رأسها حتى قدميها يرضى الشعب عن ادائها اضافة الى تضامن عالمي للوصول لحل مرضي ، أما التضخم الأسدي  المتحكم برقاب الشعب السوري منذ أكثر من نصف قرن ، فلا يمكن السيطرة عليه إلا بإزالة هذه العصابة من جذورها والبدء بإصلاحات ديموقراطية وطنية جذرية لانقاذ الوطن  المدمر بصورة كاملة ، وعلينا جميعاً ان نسعى لذلك بكل الطرق المتوفرة لدينا مهما كلفنا ذلك من صعاب .

وسوم: العدد 1034