رئيس متهم يعين عنصرياً “وزيراً للرعب القومي”.. ماذا لو حدثت هذه الجرائم في دولة ديمقراطية؟

للحظة سجلت صدمة. بنتسي غوفشتاين، رئيس جمعية “لاهفاه” (منع الاندماج في الأراضي المقدسة)، ومن تلاميذ مئير كهانا، ومستشار وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير في شؤون الشرطة والأمن. لم نهضم بعد المفهوم ضمناً – هدفان للقسم اليهودي في “الشاباك”، عنصريان وبارزان، اعتبرا منتميين لهامش المجتمع ويتبنيان نفس الأيديولوجيا ويتحدثان معاً – حصلنا على نبأ حول المذبحة في قرية “يفيع”. أطلقت النار في حادثتي نار مختلفتين، وقتل ستة أشخاص وأصيب اثنان إصابة خطيرة في يوم واحد.

ما يتوقعه إنسان عاقل، أي إنسان لم يفقد بعدُ معاييره حول تحمل المسؤولية الوزارية، هو استقالة الوزير المسؤول. صحيح أن “المسؤولية لا تعني التهمة” في هذه البلاد، لأن دفع المسؤولين ثمن أفعالهم أو إخفاقاتهم يدل على سذاجة صبيانية، ولكن بعد إفساد المعايير لفترة طويلة، الذي جذره نتنياهو، بات من الجدير المطالبة بالأمر غير المنطقي فقط من أجل الإشارة إلى أننا لم نتنازل عن احتمالية الوصول إلى ثقافة سياسية معقولة.

نجح بن غفير في سرقة قلوب كثير من الشباب، فقد كان موضة في الانتخابات الأخيرة في أوساط الجنود وأقام علاقة وثيقة مع المصوتين في الضواحي. مثل كهانا، بحث عن المصوتين في أوساط أشخاص حكمت عليهم البنية الاقتصادية أن يكونوا على الهامش. القلب يتفطر من خيبة أملهم المريرة. اعتقدوا أنه سيكون صاحب البيت، وأنه سيجري الترتيب.

لكن نتنياهو ليس طفلاً يؤمن بدعاية الانتخابات، فهو عرف عن أي بالون يدور الحديث عندما عمل على الدمج بين “قوة يهودية” و”الصهيونية الدينية”. وعرف أن الأمر يتعلق بمحرض ليست له تجربة في الإدارة، وعرف الثمن الباهظ الذي سيطلبه سموتريتش وبن غفير. وحتى لو كان يأمل، خلافاً لجميع التوقعات، بأن تعيين مجرم مدان ومؤيد للإرهاب في منصب وزير الأمن الوطني لن يؤدي إلى كارثة مطلقة، فسرعان ما استيقظ.

الآن، ومن أجل إصلاح الخلل في تعيين شخص عنصري بارز في منصب وزير مسؤول عن أمن المواطنين العرب، صب نتنياهو (الذي هو نفسه مكن من إغراق القرى العربية بالسلاح في جميع حكوماته) الزيت على النار ومكن بن غفير من تشكيل مليشيا مدنية مسلحة وأدخل “الشاباك” إلى الصورة. منظمات الجريمة عملت وتعمل أيضاً في المجتمع اليهودي. فقد قاموا بتصفية خصوم في الشوارع واستخدموا العبوات الناسفة واغتالوا على الدراجات النارية وقتلوا أيضاً عابري سبيل. عندما كانت مدن يهودية مثل نتانيا وأسدود تحتل الصدارة من حيث أرقام الجريمة المنظمة والأشخاص الذين قتلوا في الشوارع، نجحت الشرطة في تغيير الوضع. لا أتذكر أن “الشاباك” حقق مع إسحق افرجل أو عمير مولا.

ما يجب فعله، وما كان يجب حدوثه بسرعة، هو اعتراف نتنياهو بالفشل والإعلان عن إقالة بن غفير. ولكنه بالطبع لن يفعل ذلك، لأنه سيفقد حكومته. بأي سهولة تمر في حلقنا هذه الصهيونية السياسية. ربع مواطني الدولة سيعيشون في خوف مستمر على حياتهم وسيقومون بالحداد كل يوم على أمواتهم، من بينهم الأطفال، لأن الوزير المحاط بـ “شبيبة التلال” والذي لا يبالي بحياتهم، قيّد نتنياهو.

في خطوة من خطواته الخطابية الأكثر فتكاً، قال نتنياهو في ذلك الوقت بأنه بدون الإخوان المسلمين لا توجد لنفتالي بينيت ويئير لبيد حكومة، وأن الإخوان المسلمين يمسكون بالحكومة ويبقونها مقيدة في كل ما يتعلق بأمن الدولة.

لقد عاد وتمتم بهذه الرسالة وكررها إلى أن تم استيعابها. ولكن الحقيقة أن نتنياهو يعتمد على بن غبير. فبدونه لن تكون له حكومة. ولا يمكنه إزاحته من منصبه، وبالتأكيد إقالته. عائلات الـ 101 ضحية الذين قتلوا منذ بداية السنة سيضطرون إلى الحداد بهدوء، وهكذا أيضاً عائلات عشرات الضحايا القادمة. الدماء التي سفكت والتي ستسفك هو الذي يتحمل مسؤوليها.

وسوم: العدد 1036