معبر باب الهوى وتجارة موسكو في تجويع السوريين

فشل مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء بتمرير القرار الخاص بتمديد آلية إدخال المساعدات الحيوية عبر الحدود لتسعة أشهر إلى ملايين الأشخاص في محافظة إدلب وشمال غربي سوريا، وذلك بعد استخدام روسيا حقّ النقض (الفيتو).

وفي حين طالبت الأمم المتحدة ومنظّمات الإغاثة الإنسانية والعديد من أعضاء مجلس الأمن بتمديد هذه الآلية لمدة عام، أصرّت روسيا على تمديدها لستّة أشهر فقط واستخدمت الفيتو ضدّ حلّ وسط اقترحته سويسرا والبرازيل، المسؤولتان عن هذا الملف، بتمديد الآلية لتسعة أشهر.

وكانت آخر شاحنات الإغاثة قد دخلت الأراضي السورية عبر معبر باب الهوى على الحدود مع التركية يوم الإثنين 10 تموز/ يوليو، وهو الأجل الأخير للقرار الأممي رقم 2672 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي مطلع العام الجاري، الأمر الذي يعني إغلاق المعبر رسمياً وتوقف مساعدات الأمم المتحدة. العواقب الإنسانية خلف إغلاق المعبر وخيمة وجسيمة تمسّ الحياة اليومية لأكثر من 4 ملايين مواطن سوري، يعيش أكثر من نصفهم في مخيمات لجوء، ويعتمد 90٪ منهم على المساعدات الخارجية. وتقول منظمات الإغاثة الدولية إن انقطاع الخبز عن أكثر من مليون شخص يومياً يمتد أيضاً إلى حرمان نحو 2.3 مليون من مياه الشرب والمياه النظيفة.

المسؤولية المباشرة عن هذا الوضع العالق يتحملها الوفد الروسي الذي يمتلك حق النقض (الفيتو) وقد سبق أن استخدمه في الماضي سواء لتعطيل قرارات عديدة تخص إدخال المساعدات الإنسانية، أو عرقلتها عن طريق وضع اشتراطات تعجيزية، أو حتى إغلاق بعض المعابر بصفة نهائية. وأهداف موسكو من وراء هذا النهج متعددة ومتنوعة تبدأ من انتزاع تنازلات لصالح تمرير المساعدات عبر وصاية النظام السوري، ولا تنتهي عند الضغط والمساومة لتخفيف العقوبات الأممية والأمريكية والأوروبية المفروضة على النظام، أو حتى تمكين الشركات الروسية العاملة في سوريا من حيازة مكاسب أو استثمارات في هذا الشأن.

ومن المعروف أن مجلس الأمن الدولي كان قد سعى إلى معالجة الحاجات الإنسانية المتفاقمة في سوريا، فصوّت منذ العام 2014 على قرار بفتح أربعة معابر حدودية تتيح إدخال المساعدات عبر الحدود، من خلال معبرَي باب الهوى وباب السلامة على الحدود مع تركيا، ومعبر اليعربية مع العراق، والرمثا مع الأردن. غير أن السنوات اللاحقة شهدت مماطلة الوفد الروسي في تمرير صلاحية هذه المعابر، أو استخدام حق النقض لتعطيلها أو إغلاقها نهائياً، حتى انحصرت اليوم في معبر وحيد هو باب الهوى.

وتشير المعطيات الراهنة إلى أن موسكو لن تتعنت نهائياً في تجميد التصويت، بالنظر إلى وجود أغلبية ساحقة داخل المجلس لصالح التمديد حتى لمدة 6 أشهر، وكذلك لأن الدول العربية الخليجية مجمعة على استمرار دخول المساعدات، والكرملين حريص هذه الأيام على التقارب الروسي ـ الخليجي من جهة، والإسهام من جهة ثانية في تبييض صفحة النظام بعد إعادته إلى الجامعة العربية. وهذا لا يعني أن انخراط موسكو في تجارة تجويع السوريين سوف يتوقف أو يتبدل جوهرياً، وحالها في ذلك لا يختلف عن تجارة ابتزاز العالم بصدد اتفاقية الحبوب الأوكرانية.

وسوم: العدد 1040