الأعور الدجال (المسيح المزيف 666) بين الحقيقة والخرافات.الجزء ٢

خواطر من الكون المجاور

الخاطرة ٣٢٨ : 

في البداية أود أن أشير إلى ملاحظة هامة وهي أن موضوع المقالة موضوع حساس جدا كونه يتعلق بأهم وأرقى شيء في وجدان الإنسان ألا وهو العقيدة الدينية ، ومناقشة مثل هكذا مواضيع يتطلب وجود قاعدة علمية شاملة تستند عليها أدلة تعتمد جميع أنواع العلوم لأن الله عز وجل في كتبه المقدسة يخاطب جميع البشر كلٍ حسب نوعية مقدراته العقلية . ومن يخشى الله حقا يتبع القانون الإلهي المذكور في الآية القرآنية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦) الحجرات} . فتصديق أو تكذيب أي معلومة يجب أن يتم بعلم وليس بجهل يعتمد على معلومات سطحية تم تداولها عبر الأجيال بشكل ببغائي . جميع المعلومات التي نعتمد عليها في شرح موضوع مقالة اليوم قد تم شرحها بشكل مفصل في مقالات ماضية وهنا نذكرها بشكل مختصر جدا لكي لا يتحول حجم المقالة من (١٠) صفحات إلى (٥٠٠) صفحة . لهذا من الطبيعي أن يشعر معظم القراء الجدد عند قراءة المقالة كما يشعر الشخص المصاب بعمى الألوان الكلي (أكروماتوبسيا) والذي يرى أن كل ما يراه في الطبيعة يتألف من لونين فقط (الأسود والأبيض) ، فمهما حاولت أن تثبت لهذا المريض بأن الطبيعة تتألف من ألوان عديدة منها الأحمر والبرتقالي والأصفر والاخضر ....إلخ ، فهو لن يستوعب كلامك ولن يشعر بوجود هذه الألوان العديدة . لهذا فمعظم القراء الجدد كونهم لم يقرأوا المقالات الماضية سيشعرون أن المعلومات المذكورة في المقالة غريبة وغير مألوفة أو أنها تتعارض مع النصوص الدينية . وللأسف اليوم فإن معظم أتباع الديانات العالمية وبسبب التعصب الديني يؤمنون فقط بما هو موجود في تراثهم الديني ويرفضون كل معلومة جديدة أو معلومة تذكرها النصوص الدينية التي تعتمدها بقية الديانات . فرغم وجود الحديث الشريف (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) ولكن ومع ذلك نجد معظم المسلمين اليوم يرفضون أي معلومة تأتي من التوراة أو الإنجيل وكأن هذه الكتب بالنسبة لهم هي كتب شيطانية لا يجوز الإعتماد عليها . إن وجود مرض وراثي أسمه عمى الألوان الكلي (أكروماتوبسيا) ليس صدفة ولكن حكمة إلهية، فهذا المرض هو مرض رمزي يشرح لنا المبدأ الذي يعتمده أتباع الأعور الدجال في حكمهم على كل معلومة تختلف عن المعلومات التي يؤمنون بها . يجب أن نعلم أن علم اليقين في المواضيع الدينية هو صفة لله فقط ، وكل من يدعي بأن ما يؤمن به من معلومات هو فقط الصحيح يعني أنه يملك صفة علم اليقين ، ومثل هذا التصرف هو نوع من أنواع الشرك بالله عز وجل . لهذا قبل أن يتهم القارئ الجديد المقالة بأنها تعارض نصوص دينه أن يعود إلى المقالات الماضية ليقرأ تفاصيل كل معلومة مذكورة . فهدف نشر المقالة ليس إقناع أي قارئ بصحتها ولكن هدفه هو عرض رؤية عالمية شاملة لموضوع حقيقة الأعور الدجال من خلال عرض زوايا رؤية جميع النصوص الدينية العالمية وكذلك زوايا رؤية جميع أنواع العلوم من أجل فهم حقيقة صفات الأعور الدجال الذي سيخدع جميع الأمم وليس فقط الأمة الإسلامية . فكل مسلم يعتقد أن الله قد منح أمته فقط معرفة الأعور الدجال وفهم طرق خداعه هو أعمى البصيرة لأنه يُحرف معاني النصوص الإسلامية ، فالحديث الشريف يقول (ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب) .

في المقالة الماضية ذكرنا أن الأعور الدجال هو روح لها صفات سلبية وليس شخصية إنسانية لها جسد كبقية البشر ، وأن صفاته الجسدية المذكورة في النصوص الدينية هي صفات رمزية توضح لنا صفاته الروحية التي تنتقل إلى البشر وعن طريق هؤلاء يتم تحقيق أهداف هذه الروح والتي هدفها تمزيق الوحدة العالمية كونها تجعل الإنسان يعتمد رؤية مادية بحتة (عمى البصيرة ) وليس رؤية شاملة روحية ومادية (البصيرة) ، صفة عمى البصيرة هي التي ستدخل في نفوس البشر وسيعتمدها العلماء في أبحاثهم العلمية ، وهي التي ستخلق ثقافة عامة جديدة يعتمدها الناس العامة في سلوكهم اليومي . في مقالة اليوم نتابع توضيح رموز صفات روح الأعور الدجال لنحصل على صورة أكثر وضوحا لحقيقة أسباب الإنحطاط الروحي الذي تعاني منه الإنسانية في عصرنا الحديث.

في المقالة الماضية استخدمنا زاوية رؤية المتخصص بفن الرواية في فهم جزء من حقيقة الأعور الدجال ، وفي مقالة اليوم نستخدم زوايا رؤية علماء بعلوم أخرى من أجل فهم أوضح لحقيقة صفة (الأعور) في هذه الروح وعلاقتها بالإنحطاط الروحي التي تعاني منها اليوم الإنسانية بأكملها . سأعرض عليكم هذا المثال البسيط الذي يستخدم زاوية رؤية الحس الرقمي في إثبات وجود مخطط إلهي يشمل جميع الأمم وليس فقط الأمة الإسلامية كما يظن معظم المسلمين :

- قبل ميلاد عيسى عليه السلام بستة قرون (عام ٥٨٧ ق.م) يحدث دمار هيكل سليمان على يد ملك بابل نبوخذ نصر الثاني ويتم أسر اليهود وترحيلهم إلى بلاد بابل . هذه الحادثة كانت علامة إلهية على دخول الأمة اليهودية في عصر الإنحطاط . ولكن في نفس الفترة الزمنية يولد /٣/ حكماء سيكون لهم الفضل الأول في وصول حضارة أمتهم إلى عصرها الذهبي ، حيث كل حكيم من هؤلاء الثلاثة سيأخذ مكانة عالية في بلاده وسيصبح بمثابة (نبي) بالنسبة لأمته . الحكيم الأول يولد في الصين وهو (كونفوشيوس) الذي قام بتأسيس أول نظام إجتماعي صيني يعتمد الفضيلة (الأخلاق في أسمى أشكالها) من أجل الوصول إلى الإنسان الكامل . الحكيم الثاني يولد في نيبال شمال الهند وهو الأمير سيدرهارثا غواتاما المعروف بأسم بوذا (ويعني المستنير) والذي هكذا فجأة يهجر حياته الملكية إلى حياة الزهد والتقشف والتأمل في الكون ليعيش زاهدا متجولا يدعو الناس إلى الإبتعاد عن شهوات النفس الدنيئة التي سببها الأول هو الجهل من أجل التخلص من الآلام والأحزان والمشاكل الإنسانية لتحقيق دولة سعيدة خالدة . الحكيم الثالث يولد في اليونان وهو (بيثاغوراس) الذي يهجر بلاده ليذهب إلى مصر ثم بلاد بابل طلبا للعلم ، وبعمر /٥٣/ عام يعود إلى بلاده ويؤسس الحركة الفيثاغورية التي هدفها تأسيس مجتمع إنساني مثالي (المدينة الفاضلة) . وهو من أطلق كلمة (فلسفة) لأول مرة في التاريخ على المنهج العلمي الذي تستخدمه مدرسته في أبحاثها ، والتي تعني باليونانية علوم الحكمة والتي هدفها توحيد العلوم المادية مع العلوم الروحية لتحصل على رؤية شاملة تمكن الإنسان فهم الحكمة الإلهية في خلق الكون والطبيعة وعلاقتها بالوجود الإنساني على سطح الأرض . هذه الفلسفة التي تعتمد مبدأ أن لغة الله التي خلق بها الكون هي الأرقام والرموز والتي عبر عنها تلميذه أفلاطون بجملة بسيطة (الله يهندس في خلقه) .

- بعد (٦) قرون من دمار هيكل سليمان وولادة الحكماء الثلاثة ، يولد عيسى عليه السلام . الإنجيل يذكر أن (٣) منجمين من بلدان مختلفة تنبؤا بقرب موعد ولادته فأتوا إلى القدس ليباركوا لمريم بولادة ابنها ، هؤلاء الرجال الثلاثة هم في الحقيقة رمز الحكماء الثلاثة (كونفوشيوس، بوذا ، بيثاغوراس) الذين ساهموا في تجديد التكوين الإنساني العالمي فكانت مريم العذراء من بين جميع نساء العالم هي صاحبة أفضل تكوين مناسب لتكون هي التي ستنجب عيسى عليه السلام. فهؤلاء الحكماء الثلاثة هم في الحقيقة يمثلون الرمز الإلهي(١٨) حيث كونفوشيوس وبوذا كونهم من القسم الشرقي للعالم يمثلان الرمز (\ /) وهو المسؤول عن تطوير القسم الروحي ، أما بيثاغوراس فيمثل الرمز (١) كونه من القسم الغربي المسؤول عن تطوير القسم المادي .

- بعد (٦) قرون من ظهور عيسى عليه السلام تدخل الأمة المسيحية في عصر الإنحطاط بسبب تلك التشويهات التي حصلت في فهم نصوص كتبهم المقدسة والتي دفعت أتباعها إلى مرحلة جعلتهم يعتقدون أن يسوع المسيح هو نفسه الله رب العالمين. لهذا يظهر نبي جديد عام/٦١٠/ في مدينة مكة ويعلن ظهور الإسلام كآخر ديانة سماوية . وتبدأ الأمة الإسلامية بتشكيل حضارة جديدة وهي الحضارة الإسلامية.

- بعد (٦) قرون من ظهور الإسلام وبسبب نمو التعصب الديني عند المسلمين يحصل تشويه في تعاليم هذا الدين يجعل الأمة الإسلامية تنغلق على نفسها فيتوقف ظهور العلماء في هذه الأمة فتدخل الحضارة الإسلامية هي أيضا في عصر الإنحطاط وتظهر حضارة جديدة في أوربا وهي حضارة عصر النهضة في بداية القرن الثالث عشر ، ويبدأ ظهور العلماء في إسبانيا وإيطاليا ومن ثم وبشكل تدريجي في فرنسا وبريطانيا وغيرها من دول شمال أوربا . فيحصل هناك تطور كبير في العلوم المادية والفلسفة وتتشكل أمبراطوريتان كبيرتان (بريطانيا وفرنسا) ، تحاولان السيطرة على معظم دول العالم .

- بعد (٦) قرون من بداية عصر النهضة ، في القارة الأمريكية تثور الشعوب هناك وتحقق النصر على الجيوش البريطانية والفرنسية فيتم تشكيل دولة جديدة معروفة اليوم بأسم (الولايات المتحدة الأمريكية) والتي تُعتبر اليوم أقوى دولة في العالم (عسكريا وإقتصاديا) بحيث سمح لها أن تتحكم في مصير معظم شعوب العالم . (في المقالة القادمة إن شاء الله سنوضح لكم علاقة رموز هذه الدولة مع رموز الأعور الدجال).

كما هو واضح من المثال السابق أن تطور الحضارات لا يحصل بالصدفة ولكن ضمن مدة زمنية تعادل تقريبا (٦) قرون . هذا المثال يؤكد بأن الله هو رب العالمين وليس رب أمة واحدة ، وأن العبادة كعقيدة روحية تقرب الإنسان من الله موجودة في جميع الأمم وليست محتكرة على أمة واحدة ، حيث كل أمة أعطاه الله نوع معين من العبادة وبتوحيد أنواع هذه العبادة نحصل على العبادة بشكلها الصحيح . فكل شخص يعتقد أن الأمة التي ينتمي إليها هي أمة الله المختارة وأن بقية الأمم هي كافرة وضالة ، هو إنسان جاهل تماما بالمخطط الإلهي وجهله هذا جعله دون أن يدري أن يكون من أتباع الأعور الدجال رغم أنه يظن نفسه بأنه من أشد أعداء الأعور الدجال . وهذه هي فتنة الأعور الدجال والتي في عصرنا الحاضر تعتبر أكبر فتنة في تاريخ البشرية كون جميع مناطق العالم اليوم أصبحت وكأنها مدينة واحدة بسبب تطور وسائل النقل التي جعلت الإنسان في ساعات قليلة ينتقل إلى أبعد مكان في العالم وكذلك بسبب تطور التكنولوجيا جعلته أيضا في لحظات قليلة يعلم ماذا يحدث في جميع مناطق العالم . تابعوا القراءة لتجدوا الأدلة الكافية على صدق هذه المعلومة .

إن اختيار حادثة دمار هيكل سليمان (عام ٥٨٧ قبل الميلاد) كبداية للأحداث العالمية في هذا المثال ليس صدفة ، ولكن حكمة إلهية فهذه الحادثة هي أول حادثة تاريخية دينية موثقة تاريخيا . فجميع الأحداث التاريخية المذكورة في النصوص الدينية لا يوجد لها وثائق تاريخية تؤكد زمن حدوثها أو حتى حدوثها فعلا ، فجميع الأرقام المذكورة في النصوص الدينية عن تاريخ الأحداث الدينية هي أرقام رمزية تحتاج وجود حس رقمي في الباحث لفهمها ، فبدون وجود هذا النوع من الإدراك سيرى الباحث وكأن أرقام تواريخ الأحداث الدينية هي أرقام عشوائية لا معنى لها . لتوضيح هذه الفكرة سنعطي مثالا بسيطا آخر سنستخدمه أيضا بعد قليل في توضيح حقيقة الأعور الدجال :

إن تاريخ خلق آدم حسب التقويم اليهودي (أول ديانة سماوية) هو عام /٣٧٦٢/ قبل الميلاد . الباحثون حتى الآن لم يفهموا معنى هذا الرقم لهذا الجميع يعتبره رقم خرافي . فالواقع يقول أن الوثائق التاريخية الإحفورية تؤكد على أن وجود الإنسان على سطح الأرض كان منذ عشرات آلاف السنين قبل الميلاد . الرقم /٣٧٦٢/ هو رقم رمزي ولا يعني أن الإنسان قد ظهر على سطح الأرض قبل /٣٧٦٢/ عام قبل الميلاد ، فهذا الرقم له معنى يوضح لنا حقيقة التطور الروحي الذي حصل في تلك المرحلة الزمنية التي عاشتها الإنسانية قبل ولادة عيسى عليه السلام، وبشكل أدق المقصود به هنا المرحلة التي وصل فيها التكوين الإنساني للمرأة والذي سمح لمريم العذراء أن تحمل روح هابيل في أحشائها لتعطيه جسدا منها ليولد للمرة الرابعة بأسم (عيسى ، يسوع) . فالرقم /٣٧٦٢/ هو في الحقيقة حاصل مجموع العددين (١٨٨١ +١٨٨١) ، حيث العدد (١٨٨١) هو شكل الخطوط الثلاثة الموجودة في كف يد الإنسان ، الرقم (١٨) في اليمين ، والرقم (٨١) في اليسار، ومجموع الرقمين هو الرقم (٩٩) وهو عدد الأسماء الحسنى ، فوجود شكل العدد (١٨٨١) على كفي يد الإنسان له معنى رمزي أن هذا الكائن يحوي في داخله جزء من روح الله الذي نفخه في آدم . فالعدد (٣٧٦٢) يعني أن الإنسانية مرت بمرحلتين من التطور الروحي ومدة كل مرحلة هو الرقم الرمزي (١٨٨١) ، وأن مع ظهور عيسى عليه السلام تبدأ المرحلة الثالثة للرمز (١٨٨١) . الحكمة الإلهية ذكرت هذا العدد أيضا في القرآن الكريم .فسورة محمد ترتيبها (٤٧) وعدد آياتها (٣٨) وعنوان السورة (محمد) لها قيمة رقمية (٦٢) ، إذا جمعنا عدد السور وعدد الآيات والقيم الرقمية لعناوين السور من بداية القرآن (سورة الفاتحة) وحتى سورة (محمد) سنجد أن عدد السور هو (٤٧) وعدد الآيات هو (٤٥٨٣) وعدد القيم لعناوين السور هو (٣٤٨٧) والناتج هو العدد (٨١١٨) . هذا الرقم رمزيا هو نفسه الرقم (١٨٨١) ، فعندما ينظر الإنسان إلى كفي يديه سيرى العدد بهذه الشكل (٨١١٨) أم إذا رأى كفي يدي شخص أمامه فإنه سيراه بهذا الشكل (١٨٨١) ، فهذا الإختلاف في شكل العدد هو حكمة إلهية تقول للمسلمين أن دين الإسلام الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو للأمة الإسلامية فقط وليس للعالم أجمعين ، فالإيمان الكامل هو الذي يجعل الإنسان أن يرى روح الله في الآخرين وليس فقط في نفسه أو في مذهبه أو دينه أو أمته ولكن في جميع الأمم ولهذا لم ينتشر الإسلام في جميع الأمم ، ولهذا أيضا الحضارة الإسلامية دخلت في عصر الإنحطاط.

من نتائج المرحلة الثالثة لتطور الرمز الروحي (١٨٨١) نجد أن التراث الإسلامي يستخدم أسم (قابيل) بدلا من أسم (قايين) المذكور في النصوص اليهودية والمسيحية . فحتى الآن لا يعلم لا العلماء اليهود ولا العلماء المسيحيين ولا حتى العلماء المسلمين سبب تحول أسم (قايين) هكذا فجأة إلى (قابيل) عند المسلمين . تفسير هذا التغيير في الأسم يحتاج إلى شيء من التفصيل :

قايين هو أول ابن لآدم وحواء بعد الخطيئة ، في سفر التكوين يظهر أسمه لأول مرة في الإصحاح رقم /٤/ الآية /١/ . إن مجموع عدد الآيات من بداية السفر وحتى هذه الآية هو الرقم /٨١/ . وهو نفس القيمة الرقمية لأسم قايين في اللغة اليونانية (ΚΑΙΝ) التي هي اللغة الأصلية للإنجيل . هذا الرقم هو رمز اليد اليسرى أي أنه رمز العلوم المادية . أما هابيل فهو رمز الرقم (١٨) وهو رمز اليد اليمنى ، أي أنه رمز العلوم الروحية ، فكانت التعاليم الإلهية أن يحاول كل من قايين وهابيل الحصول على ميزات أخيه ليتحول من رمز نصف كامل إلى رمز كامل (١٨٨١) . اتبع هابيل هذه التعاليم ووصل إلى الكمال (١٨٨١) ،لهذا تقبل الله قربانه . أما قايين فاتبع شهواته ولم يأخذ من هابيل شيئا فبدلا من أن يتحول تكوينه إلى الرمز (١٨٨١) أصبح يحمل رمز جديد وهو (٧١) الرمز المعاكس للرمز (٨١) ، الرقم (٧١) هو رقم ترتيب سورة (نوح ) في القرآن الكريم حيث قصة طوفان نوح هي رمز إنقراض سلالة قايين كجنس بشري ونقصد هنا سلالة (نياندرتال) التي إنقرضت قبل حوالي /٤٠/ ألف عام . ولهذا أيضا نجد أن سفر التكوين في الإصحاح رقم /٤/ يتكلم عن سلالة قايين ويذكر الرقم /٧/ كجزاء لجريمة قايين ثم لا يأتي إلى ذكرهم نهائيا وكأن هذه السلالة قد إنقرضت تماما ، فبعدها مباشرة نجد سفر التكوين يتكلم عن طوفان نوح وعن وسلالة أبناء نوح وكأن الطوفان هو الذي قضى تماما على سلالة قايين . الكتب المقدسة تعطينا المعنى الرمزي للاحداث ولكن ما حدث في الحقيقة أن سلالة قايين قد إنقرضت كجنس بشري منفصل ، ولكن صفاتها الروحية لم تنقرض بشكل كامل كون الكثير منها موجودة أيضا في سلالة نوح ، لهذا نجد بعد سورة نوح في القرآن مباشرة تأتي سورة تحمل عنوان (الجن) ، فالجن إذا أخذنا معناها أنها مخلوقات حقيقية تعيش بجوار الإنسان ولكننا لا نراها ، فهذا الإعتقاد هو إعتقاد خرافي مثله مثل الإعتقاد بأن الأعور الدجال هو شخصية حقيقية له جسد يظهر به أمام الناس ، فالجن (القرين) ليست مخلوقات تظهر وتختفي ولكنها في الحقيقة هي صفات روحية موجودة داخل الإنسان وتشكل الرمز المادي من تكوينه وسلوكه ، أما الإنس فالمقصود بها الملائكة وهي الصفات التي تشكل الرمز الروحي لتكوين وسلوك الإنسان . فتكوين الإنسان يتألف من ملائكة وجن ، الملائكة ورمزهم (١٨) ويمثلون العواطف ، أما الجن ورمزهم (٨١) ويمثلون الغرائز . ولهذا النصوص الدينية تذكر أن الله خلق الملائكة من نور وخلق الجن من نار ، فأشعة الشمس تحمل معها الضوء (النور) وأيضا الحرارة (نار) ، فبدون الضوء والحرارة لا وجود للحياة . إزدواجية الحالة في الإنسان نراها بشكل واضح تماما في سلوك الجسيمات الأولية للمادة فهي توجد بحالتين ( موجة - جسيم) . الأعور الدجال هو روح مثل الجن بمعنى أنه صفات روحية فقط وليس كائن حي له جسد وروح . لا وجود لا للجن ولا الملائكة في الكون كمخلوقات منفصلة ، هي موجودة في التكوين الإنساني ، وفقط هابيل هو الذي يملك القدرة على الظهور بالحالتين أي الظهور كملاك والظهور كأنسان أمام البشر . فهابيل هو (جبريل و ميكائيل) وهو أيضا (الخضر و ذي القرنين) ولهذا تم ذكرهم في سورة الكهف قبل سورة مريم . ولهذا الهندوسية تذكر أن المنقذ العالمي (كالكي) في ظهوره الأخير لإنقاذ البشرية في آخر الزمان هو الظهور العاشر لفيشنو ، بمعنى أن فيشنو له (١٠) حالات خمسة منها بشرية (هابيل ، إدريس ، يوسف ، عيسى ، المسيح) تولد وتعيش وتموت ، وخمسة صور ملائكية (جبريل ، ميكائيل ، الخضر ، ذي القرنين ، المهدي) تظهر على شكل إنسان بشكل فجائي لفترة زمنية قصيرة ثم تختفي .

إن وجود الرمز (٨١) ضروري في التكوين الإنساني لأنه مسؤول عن تطوير العلوم المادية لتلعب دورها جنبا إلى جنب مع الرمز (١٨) المسؤول عن تطوير العلوم الروحية بهدف الوصول إلى الإنسان الكامل المناسب للعيش في الجنة . فتحول أسم (قايين) إلى أسم (قابيل) في التراث الإسلامي لم يكن صدفة ولكن حكمة إلهية ، فكلمة (قابيل) تُسمع وكأنها مشتقة من كلمة (قَبِل - مقبول) أي أن سبب هذا التغيير في الأسم هو أن الإنسانية قد أستطاعت أن تُطهر نفسها من معظم شوائب سلالة (قايين) السلبية والتي بسببها لم (يقبل) الله قربانه ، فالتحويل الذي حصل في الأسم من (قايين) إلى (قابيل) في الإسلام هو بسبب صبر وصمود أتباع عيسى عليه السلام لمدة حوالي /٣٠٠/ عام من التعذيب والإضطهاد التعسفي الذي مارسته السلطة الرومانية عليهم ولكن أتباع عيسى عليه السلام ومع ذلك فهم وبدون استخدام السلاح والعنف استطاعوا أن ينتصروا وأن يحولوا الديانة الرسمية لأكبر أمبراطوريه في ذلك الوقت من ديانة وثنية إلى ديانة مسيحية . فالمسيحيون في البداية لم يتهموا فلاسفة الإغريق بالكفر ، ولكنهم استعانوا كثيرا بفلسفة الحركة البيثاغورية لتعمل جنبا إلى جنب مع تعاليم الإنجيل فرمز الأعور الدجال في المسيحية (666) تم استخراجه بفضل الفلسفة الفيثاغورية . ولهذا وعن طريق وحي إلهي تم تحويل أسم (قايين) إلى (قابيل) في الديانة الإسلامية كرمز روحي له معنى أن الإنسانية قد طهرت نفسها من قسم كبير من صفات سلالة قايين التي كانت سببا في طرد الإنسان من الجنة. ولهذا الحكمة الإلهية اختارت للديانة التي ظهرت بعد المسيحية الأسم (إسلام) والتي المصدر الأول لهذه الكلمة هو (سلم ، سلام) .

أما لماذا فرض الله على المسلمين القتال رغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية ظهور الإسلام كان يطلب من أتباعه الصبر وعدم استخدام السلاح والعنف ، فالسبب أن التطهير من شوائب سلالة قايين قد حصل فقط في تكوين النساء أما تكوين الرجال فكان لا يزال يحوي على الشوائب الشيطانية ، ولهذا نجد أن المسيحيين بعد سيطرتهم على السلطة قد استخدموا السلاح والعنف لتحقيق مصالح بلادهم . فاستخدام العنف في الإسلام في ذلك الوقت كان بسبب أن الإنسانية كانت لا تزال تعاني من سوء سلوك بعض الرجال كونهم يحملون صفات من سلالة قايين لهذا كان من الضرورة منع روح السوء هذه في الوقوف أمام نشر الدين الإسلامي على أمل أن يستطيع المسلمون في المستقبل أن يكون سلاحهم في المواجهة هو الحكمة والمعرفة والصبر كما فعل الإمام جعفر الصادق والذي يُعتبر المجدد الأول للدين الإسلامي . أما قصة المرأة المحاربة المسلمة (خولة بنت الأزور) التي يتمجد بها محبي العنف وحمل السلاح من المسلمين فهي قصة خرافية تم دسها في التراث الإسلامي وتم الترويج لها بشدة بعد دخول الحضارة الإسلامية في عصر الإنحطاط.

إن استخدام حادثة دمار هيكل سليمان كبداية للمرحلة التاريخية الموثقة بالأدلة التاريخية ، ليس صدفة ولكن حكمة إلهية توضح لنا الفرق بين التكوين الروحي لهابيل الذي ولد في الجنة والتكوين الروحي لأتباع الأعور الدجال. فاسم (سليمان) معناه (المحب للسلام). وسليمان المذكور في القرآن والذي سخر الله له كل شيء في الطبيعة ليقوم بمهمته التي أرسل لها ، لا يعني المقصود به هو سليمان بن داود عليهما السلام . القرآن الكريم يستخدم داود وسليمان كرمز لآدم وهابيل ، فهابيل عندما ولد بأسم يوسف حمل الأسم المصري (أمحوتب) ويعني (الذي جاء في سلام) . فسليمان ابن داود الذي عاش قبل حوالي ثلاثة آلاف عام لا علاقة له لا بالسحر ولا بالجن ولا يفهم لغة الحيوانات . أما سليمان المذكور في القرآن فهو هابيل في حيواته التي ولد وسيولد فيها على الأرض والذي سخر الله له كل شيء . ولهذا نجد أن قصة النبي سليمان عند المسلمين مختلفة كثيرا عن قصة سليمان الموجودة في النصوص الدينية اليهودية في سفر الملوك الأول وسفر أخبار الأيام الأول . فقصة سليمان عند اليهود تذكر أن الله منع داود من بناء أول معبد لله والسبب أن يده ملطخة بدماء الآخرين ، ولهذا أمره أن يترك أمر بناء المعبد لابنه سليمان كونه رجل مسالم يده بريئة من دماء الآخرين . فكان هيكل سليمان هو أول معبد لله عند اليهود أتباع أول ديانة سماوية تظهر على سطح الأرض . أما في الإسلام فالقرآن الكريم يستخدم أسم داود كرمز آدم الذي ارتكب الخطيئة وكونه لم يعد مناسبا لبناء التكوين الإنساني وجب أن يأخذ هابيل هذه المهمة بدلا منه ، فالمقصود بهيكل سليمان بمعناه الشامل هو التكوين الروحي الحقيقي للإنسان والذي يحمل ذلك الجزء من روح الله بأنقى أشكاله والذي إستطاع هابيل الوصول إليه كونه هو فقط من تقبل الله قربانه وجعله مناسبا للعيش في الجنة . فحادثة دمار هيكل سليمان الموثقة تاريخيا هي في الحقيقة رمز لجريمة مقتل هابيل التي حصلت في الجنة. ولهذا نجد أن الصفات الرئيسية في سلوك سليمان ابن داود كما هي مذكورة في الكتب المقدسة اليهودية هي (حبه للسلام ، الحكمة ، تعاونه مع جميع الشعوب المحيطة به) فكما تذكر الكتب المقدسة اليهودية أن شعب إسرائيل طوال فترة حكم سليمان لم يشارك في أي حرب وطوال هذه السنوات عاش بسلام مع جميع الأمم من حوله . قصة سليمان في القرآن هي رمز هذا الهيكل والذي عملية بنائه قد بدأت في تكوين الإنسان منذ ظهور هابيل على سطح الأرض باسم إدريس (أخنوخ) .

سليمان ابن داود الذي كان ملكا على اليهود هو نموذج رمزي مصغر عن سليمان العالمي (هابيل) الذي أرسله الله للعالم أجمعين . أيضا الدين الإسلامي الذي أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام ، هو نموذج مصغر عن الدين الإسلامي العالمي الذي أنزله الله على (هابيل) والذي هو أول المسلمين (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) ، ففي الكثير من آيات القرآن الكريم يظن المسلمين أن المخاطب هو محمد عليه الصلاة والسلام ولكن في الحقيقة المخاطب فيها هو هابيل . ولهذا نجد أن بعض الأمم لم تتقبل لا موسى ولا عيسى ولا محمد (عليهم الصلاة والسلام) كنبي او رسول من الله ، ولكن هابيل عند ظهوره بشخصية (المهدي المسيح) ستقبل به جميع الأمم لأن تكوين كل أمة يمثل جزء من تكوينه لهذا سيشعرون جميعهم أنه واحد منهم .

القرآن الكريم هو معجزة إلهية كونه كتاب مقدس عالمي يحوي في داخله رموز وأرقام توضح كل ما حصل منذ خروج الإنسان من الجنة وحتى نهاية العالم وكذلك يحوي على كل ما هو موجود في الكتب المقدسة التي ظهرت في تاريخ البشرية ، ولهذا القرآن الكريم يبدأ بسورة الفاتحة وهي رمز خروج الإنسان من الجنة ، ثم بعدها تأتي سورة (البقرة) وهي رمز الإنسانية في مرحلة ما قبل ولادة إدريس والذي بظهوره يبدأ بناء التكوين الروحي للإنسانية (سورة آل عمران) ، فأسم والد مريم في القرآن هو (عمران) من كلمة (تعمير وبناء)، وهو نفس معنى أسم (يواقيم) المذكور في الإنجيل ويعني (الرب يؤسس ويبني) . فالمقصود بأسم (عمران) في القرآن هو الرجل الذي أرسله الله لبناء التكوين الإنساني من جديد بعد دماره نتيجة إرتكاب الخطيئة في الجنة ، لهذا حل هابيل مكان أبيه آدم في هذه المهمة {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ.....(٥٩) آل عمران} والمقصود هنا تكوين آدم قبل خلق حواء . أما دور الشيطان ودور الأعور الدجال (روح قايين) فهو محاولة تدمير هذا التكوين .

الحكمة الإلهية جعلت العلماء المسلمين في عصر الحضارة الإسلامية أن يروا في القرآن فقط ما يخص الأمة الإسلامية ولهذا لم ينتشر الإسلام في جميع شعوب العالم ، أما ما يخص الإنسانية بأكملها في القرآن فسيظهره هابيل للناس أجمعين في ظهوره الخامس بأسم (المهدي المسيح) .لهذا ينتهي القرآن الكريم بسورة (الناس) وهي رمز نتيجة ما سيحصل في الظهور الأخير لهابيل الذي سيجعل شعوب العالم وكأنها عائلة واحدة بعدما مزقتها روح الأعور الدجال بفتنته إلى أمم وشعوب ومذاهب متعددة متعادية فيما بينها كما هو حاصل في عصرنا الحديث .

ذكرنا في المقالة الماضية أن قيام الساعة مرتبط بظهور /٥/ رجال (المهدي، القحطاني، الجهجاه ، الأعور الدجال، المسيح) وأن هذا الرقم يمثل أيضا عدد الشخصيات التي حملها هابيل في ولاداته الخمسة (هابيل ، إدريس ، يوسف بن يعقوب ، عيسى ابن مريم ، المسيح) ، وهو أيضا نفس رقم عدد المراحل من تاريخ دمار هيكل سليمان وحتى الآن . فمن دمار الهيكل وحتى عام /١٨٠٠/ هي أربع مراحل والآن نحن نعيش المرحلة الخامسة ، وهي مرحلة ظهور المهدي المسيح عليه السلام الذي سيقضي فيها على روح الأعور الدجال.

في سلسلة مقالات (فلسفة تطور الحياة) قلنا أن مراحل تطور الحياة ما قبل ظهور الإنسان تمثل مراحل نمو الإنسان وهي /٥/ مراحل . المراحل الخمسة التي نتكلم عنها في موضوع اليوم هي رمز لتلك المراحل في تطور الحياة . فالمرحلة الأولى من دمار هيكل سليمان وحتى ولادة عيسى عليه السلام، تمثل المرحلة الأولى في تطور الحياة وهي المرحلة المائية والتي بدأت بظهور كائنات وحيدة الخلية وإنتهت بتكوين الأسماك ، هذه المرحلة تمثل مرحلة تكوين الجنين في رحم المرأة . أما المرحلة الثانية من تطور الحياة والتي بدأت بظهور الحيوانات البرمائية فهي تمثل المرحلة من لحظة ولادة الإنسان حتى إنتهاء مرحلة الرضاعة . ومن المعروف أن ذكور الأسماك والبرمائيات ليس لها قضيب وعملية الإخصاب فيها يكون خارجي ، ولهذا كان رمز ولادة عيسى أنه ولد بدون حدوث عملية جماع بين رجل وإمرأة ، وكذلك فإن معجزة تكلم عيسى بالمهد المذكورة في القرآن الكريم هي رمز يشير إلى مرحلة البرمائيات ، فالبرمائيات هي أول كائنات تستخدم الصوت في التعبير عن إحساساتها وكذلك في موسم التزواج . أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة ظهور الزواحف والتي تمثل مرحلة الطفولة ما بعد سن الرضاعة ، ولهذا ظهر الإسلام في منطقة صحراوية جافة لأن الزواحف هي أول الفقاريات التي استطاعت العيش بعيدا عن الماء . كذلك عقيدة تعدد الزوجات في الإسلام هو رمز روحي يعبر عن مرحلة الزواحف فجميع أنواعها لا يوجد فيها نظام أحادي التزاوج ولكنها تتبع نظام تعدد الزوجات . أما المرحلة الرابعة فهي مرحلة ظهور الثدييات وهي تمثل مرحلة المراهقة ، ولهذا نجد أن ليوناردو دافنشي الذي يُعتبر من كبار مؤسسي عصر النهضة هو أول عالم يرسم بشكل علمي تشريحي للأعضاء الجنسية أثناء الجماع . المرحلة الخامسة وهي مرحلة ظهور الطيور والتي تمثل مرحلة سن الرشد عند الإنسان ، ولهذا نجد في هذه المرحلة يتم إختراع الطائرة لأول مرة في تاريخ البشرية كوسيلة نقل .

النوع الأول في حساب المراحل والذي يعتمد كوكب الزهرة ، يشرح لنا رمز القسم الأول من الخطيئة التي حصلت في الجنة . فكوكب الزهرة في تراث الحضارة اليونانية هو رمز إلهة العشق الجنسي ، ولكنها تطورت إلى شكل جديد لتصبح فيما بعد إلهة الجمال . ولهذا نجد في آخر مرحلة وهي مرحلة تطور الطيور ظهور العديد من الأنواع التي تعتمد نظام أحادي الزوج (العفة) كرمز للمحبة وللإخلاص في الحياة الزوجية . ولكن بسبب ظهور روح الأعور الدجال اختلف الوضع تماما في عصرنا الحاضر فانتشرت الإباحة الجنسية والشذوذ الجنسي .

أما النوع الثاني والذي يعتمد الرقم الرمزي (١٨٨١) ، فهو محسوب بالسنة المريخية (مدة دوران كوكب المريخ حول الشمس تعادل ٦٨٧ يوم) ، والآية تقول (وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ) حيث /١٠٠٠/ سنة مريخية تعادل /١٨٨١/ سنة أرضية . كوكب المريخ هو إله الحرب في التراث الروحي للعديد من شعوب العالم . وهو رمز القسم الثاني للخطيئة ، أي أنه عندما تكون العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع هي علاقة زنى فالنتيجة ستكون ظهور غريزة القتل وحب العنف في الأجيال القادمة . وهذا ما حصل فعلا في عصرنا الحديث فصفحات التاريخ تذكر العبارة (لم يعرف التاريخ وحشية مثل وحشية العصر الحديث) .

وبما أن عام ولادة عيسى بعد خلق آدم هو العدد (٣٧٦٢) والذي يتألف من مرحلتين (١٨٨١-١٨٨١) ، هذا يعني أن من ولادة عيسى عليه السلام وحتى عام /١٨٨١/ كانت المرحلة الثالثة ولهذا بدأت هذه المرحلة بتعاليم الدين المسيحي التي ترفض استخدام العنف والسلاح . نهاية هذه المرحلة حدثت في القرن /١٩/ . هذا القرن الذي يحمل الرقم /١٩/ ليس صدفة ولكن علامة إلهية تم ذكرها في القرآن في سورة المدثر ( لوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ(٣٠)} . فالقرن التاسع عشر يمثل بداية المرحلة الخامسة من زمن دمار هيكل سليمان أي مرحلة دخول الإنسانية في عصر (سن الرشد) ، وكذلك يمثل أيضا نهاية المرحلة الثالثة من خلق آدم (١٨٨١) . فالمراحل الثلاثة منذ خلق آدم وحتى نهاية القرن التاسع عشر رمزيا هو (٣٠٠٠) آلاف سنة مريخية وبما أن كل (١٠٠٠) تعادل يوم واحد عند الله ، فهذا يعني أنها تعادل (٣) أيام عند الله ، أي (١+١+١) ، هذا الرقم هو المقصود به شكل الرمز (١٨) فالشكل (٨) هو في الحقيقة الشكل (\ /) أي أنه يتألف من خطين كل خط له شكل الرقم واحد (١) ولكن يتحدان في القمة ، ولهذا مع ولادة عيسى فإن الإنسانية تبدأ بتكوين الخط الثالث (١) ، وبما أنه بجانب الرمز (١٨) يوجد الرمز (٨١) هذا يعني أن الرمز (١٨٨١) هو (٦) أيام {وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) هود} منها /٣/ روحية (١٨) و/٣/ مادية (٨١) ، حيث كل يوم رمزيا يعادل /١٠٠٠/ سنة.

وطالما أن الإسلام (آخر ديانة سماوية) قد ظهر في المرحلة الثالثة ، فيعني أن الخطوط الثلاثة الموجودة في الرمز (١٨) والرمز (٨١) قد ظهرت جميعها لتعمل جنبا إلى جنب كقوة واحدة في بناء التكوين الإنساني ، فالفصل بينها سيجعلها تعمل بشكل معاكس بهدف تدمير هذا التكوين ، ولهذا كان رمز روح الأعور الدجال في الديانة المسيحية هو الرقم (666) الذي له شكل المراحل الثلاثة ولكن بتطور عكسي ، فشكل الرقم (6) يمثل رمز شكل إنسان رأسه في الأسفل . فقسمة العدد (١٨) على الرقم (٣) يعطينا الرقم (٦) . فالمرحلة الأخيرة كمعنى رمزي تمثل إكتمال التكوين الإنساني في مراحله الثلاثة (المرحلة الجنينية ، مرحلة الطفولة ، مرحلة المراهقة) وكذلك أيضا يمثل رمز ظهور الألوان الرئيسة للضوء (الأحمر ، الأخضر، الأزرق) وبقي فقط توحيد هذه الألوان لتنتج اللون الأبيض (النور) رمز سن الرشد . فالرقم (666) له معنى أن دور روح الأعور الدجال هو تحويل هذه الألوان الثلاثة إلى ألوان مادية حيث إتحادها ينتج عنه اللون الأسود ليسير التطور بجهة معاكسة نحو الأدنى ليمنع الإنسانية من الدخول في مرحلة (سن الرشد) والتي رمزها في تطور الحياة مرحلة الطيور . فطوفان نوح له معنى أنه الطوفان أعاد روح السوء إلى أسفل مرحلة وهي المرحلة المائية . ولهذا أيضا نجد أن الخفاش الذي لديه المقدرة على الطيران ولكن نجده ينام ورأسه نحو الأسفل فطريقة نوم الخفاش ليست صدفة ولكن حكمة إلهية تساعدنا في فهم الرمز (666) بأن روح الأعور الدجال في العصر الحديث إستطاعت تحويل الإنسانية من طيور إلى خفافيش لا تستطيع العيش إلا في الظلام ، والظلام هو في الحقيقة إتحاد ألوان الرئيسية الثلاثة بشكلها المادي .

الآية القرآنية تقول {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦) النمل} . فهذه الآية المذكورة في سورة تحمل عنوان (النمل) توضح لنا حقيقة المجتمع الذي تسيطر عليه روح الأعور الدجال ، فنحن اليوم لا نعيش في مجتمعات إنسانية ولكن في مجتمعات تحمل صفات مجتمع النمل الذي نظامه الإجتماعي يعتمد على تأمين الحاجات المادية فقط أما الحاجات الروحية فهي غير موجودة في قاموس النمل . ففي هذا القرن /١٩/ ظهرت روح الأعور الدجال ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن وهي تعمل بأسلوب مخادع وبشكل تدريجي في تدمير التكوين الإنساني لتجعل المجتمع الإنساني مجتمع حشري تكوينه الروحي ينتمي إلى شعبة مفصليات الأرجل وليس الفقاريات . لهذا رمز الأعور الدجال (666) هو أيضا يمثل رمز جسد حشرة (كما توضح الصورة) .

في المقالة القادمة إن شاء الله سنتابع الموضوع لنوضح بشيء من التفصيل ماذا حدث في القرن التاسع عشر وكيف إستطاعت روح الأعور الدجال التغلغل في نفوس العلماء والفنانين والانتشار في جميع الشعوب لتجعل الإنسانية بأكملها بدلا من أن تعيش في عصر سن الرشد عصر الطيور جعلتها تعيش في مجتمعات حشرية (666) ..... والله أعلم .

وسوم: العدد 1041