الناس إلى الهراش أسرع من ماء إلى منحدر
وما تفوه به الشقي نور المالكي، كان مثل "عطسة عنز" ، وحريا أن لا يؤبه به ولا له..
ولكنّ موج التهريش والتحريش الطائفي جدير بأن يُمتطى فيُركب، فهو موج مدُّه عال، يرفع صاحبه في اللحظة، ثم لا يبالي ممتطيه ما يكون من أمره، وأمر الناس من بعد..
وأتابع في فنون الرياضة، فن امتطاء الأمواج، ومع أنني والماءَ مثلُ ابن الرومي "أمر به في الكوز مرَّ المجانب" ولو ألقيتُ وحجرا فيه "كنتُ أوّلَ راسب" إلا أنني أظل أتابع لاعبي امتطاء الأمواج هؤلاء، لأعيد إسقاط هذا على واقع بعض ناسنا فيما نعيش..
وبعضهم منهجه: الموجةَ .. الموجةَ على الإغراء. يقصدون اركب الموجةَ .. اركب الموجة، وبعضنا منهجه: الموجةَ .. الموجةّ ، يقولها على النصح والتحذير…
والشعار العملي لبعض الناس فيما عشنا في هذا الزمان: جنِّنوهم واستثمروا في جُنونهم…!!
وفي واقعنا الاسلامي المثخن، الفكري والفقهي والسياسي والاجتماعي، عشرات بل مئات بل آلاف القضايا المبهمة أو المستغلقة، أو التي تحتاج إلى عالم في التأويل، يسلك بها الحكمة في طريق الناس ، وهي- تلك المسائل أقصد- برسم إشارتي التعجب والاستفهام؛ تنتظر ممن أخذ عليهم العهد (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) أن يقول … ومع ذلك فإنّ الأعزاء أصحاب الفضيلة، لا يزالون يديرون ظهورهم للحق المستحق، من واجب الوقت، في بيان العلم المعمى أو المغيب عن طالبيه، ويشتغلون بما يظنونه أولى بإلإشهار، والاشتهار. وذلك بإذكاء النار التي تظل تتدافع عليها الهوام!! وكانت مهمة الرسول الكريم صلى الله وسلم عليه، أن يأخذ بحجز الناس عنها، حين يراهم يتقحمون فيها. ولكن حين أوقد الهالكي نار العار والشنار، قُلتَ هناك: ما أكثر المحرشين والهوام؟!
منذ ستة أشهر تقريبا، طرحتُ على بعض من ظننت أنهم من العلماء الفهماء الصلحاء، أن يبيينوا للناس - وهذه مجرد واقعة ومثل- أن يبينوا للناس، حكم المرأة المسلمة، تقع أسيرة في أيدي الطغاة الظالمين، ثم يفرج عنها، ويقع عليها في أسرها ما يتحدث الناس عن بعضه، فإذا هي بعد الافراج عنها متهمة عند أبيها وأخيها وزوجها وكل من حولها..!! والقصة أكثر إيلاما أن يحكى فيها بتفصيل، وفي هؤلاء البنيات من نبذت وهجرت وطلقت، وفيهن من أصابها أكثر ويعقد الحياء بياني الكليل!!
ناديت على من يزعم أنه يملك مفاتيح العلوم، أن يقول، ويبين للناس ولا يكتم، فبعضٌ أحجم لا مباليا، وبعضٌ تشاغل، وبعضٌ وعدَوعْد تسويف..
وأراهم كل يوم ما أن تثور موجة مما يخطف أبصار الناس؛ إلا وقد هبوا للقراع..
وكأنني قد خفي على صبياننا أمرُ عمر وعمرو ومعاوية وعثمان!!
وما تفوه به الأتعس الأبعد نوري المالكي في حق بعض أصحاب رسول الله من كلام صاغه من مادة الحقدالكذب، ليس فيه غموض يستحق البيان، ولا معمى يستحق الشرح والتبيان، ولا يجوز ما فيه من كذب ومن مين، على صغار الصبيان، ومع ذلك انبرت للتعليق على قول الأثيم، الأقلام، وتفرغ أصحاب الهمم، ففي ركوب موجة مثل هذه، يصنع اليوتيبر مجده، ويعزز أمر غده وأمسه..!!
وكنتُ أرجو أن تسمعَ الأسيرة المحررة الناجية من أيدي الظالمين، من صاحب عمامة نقية، وأين هم وقد عزوا في هذا الزمان، حتى كانوا أندرَ من الكبريت الأحمر، قول أحدهم: لا عليك يابنيتي فأنت بما ابتليتِ به الأطهر وأنت الأنقى وأنت الأجمل، وأنت بما وقع بك، وصبرت، إلى ربك الأقرب، واحتسبي ما مر بك، واجعليه إلى ربك قربة، واستأنفي عيشا جميلا نقيا..
كنت وما زلت أننظره وأرجوه..
وكنت أتوقع أن يقول أحد هؤلاء ..
لآباء أولئك الشهيدات الأحياء بيننا، ولإخوانهن ولأزواجهن، ولكل أبناء المجتمع المنكوب من حولهن، ومن تحت طيات عمامة بيضاء : أن لا تثريب و لا تعيير ولا تنديد وإنما هو العون والرفق والرفد حتى تلتئم الجراح..
كنت أتوقع ان يقولها من يظن نفسه أو يخالها: هؤلاء الشريفات العفيفات لسن موضع ريبة ولا هن محل شفقة ولاعطف، بل هن موضع الاكبار والاجلال والاعتزاز..!!
ولكن مع الأسف مثل هذا الشراب غير سائغ في أفواه اعتادت على مضغ المرار.
لا أحد في مجتمع بائس يائس، يريد أن يتكلم في الجِد فأمرُ الجِد مرُّ المذاق، غير مضمون العاقبة، وليس له موج يرفع، ولا جمهور يدفع!!
ويظل واحدهم يحدث الشباب عن أحكام الجواري والسراري، وأن الإسلام أباح..
يغذون بذلك أحلام يقظتهم، والهاء في ضمير "يقظتهم" ويأملون.. يأملون أنه ستعود لهم، ولا يحذرون ويتقون الله أنها قد تعود عليهم!!
ماء الغلو هذا يسقى به زرع، يستغلظ عليه شباب أول ما تمكنهم النهزة، يخطفون بنات الناس، ويسمونهن سبايا، ويغتصبونهن كما علموهم ثم يسألونني أنى هذا؟؟
أمر على كثير من سياقات الهراش، وأعلم أن حسبي فيها قول ربي في أمر الذين يخوضون (فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ)
يا باغي الخير أقبل وباغي الشر أقصر.
وسوم: العدد 1041