دور الأفراد في ريادة المجتمع و الأمة
قبل كتابتي هذه الأسطر وضعت نصب عيني حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : «مثل المؤمنين في توادِّهم وتعاطُفهم وتراحمهم؛ مَثَلُ الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ، تَدَاعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى» (رواه مسلم [2586])
ويقول صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» (رواه البخاري [481]، ومسلم [2585]).
أخالها أحاديث توجه اهتمام الأفراد في المجتمع إلى الاهتمام بقضايا الأمة و همومها ، توجه اهتمام الأفراد و طاقتهم للمساهمة في بناء نهضة أوطانهم ، و هي في اعتقادي مسؤولية اجتماعية و أخلاقية من الفرد اتجاه وطنه و أمته ، حيث يطوع الفرد خبراته و طاقته مع الفريق الذي يباشر مهام العمل النهضوي ، يدفع أقساطه و أسهمه المضروب مع غيره مشاركة و دعما .
و لعل من أخص خصائص هذه الأمة تميزها بمبدإ متفرد خصه الله تميزا و تشريفا لهذه الأمة في قوله تعالى:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
[ سورة آل عمران : 110]
بهذا التشريف حق لأبناء هذه الأمة أن يحتلوا الصدارة و الريادة في جميع الرتب و المراتب ،في جميع مراتب الريادة ، و أخال هذا الشرف ، قمة مراتب التكريم ، حين يكون الفرد خادما و عمالا و حراسا لمشروع نهضة أمته و إعلاء شأنها .
و كي تستفيد الأمة من عطاءات أفرادها لابد من رسم جملة من الأهداف لتجيبد مشروع النهضة و التنمية أوجزها في هذه النقاط المختصرة :
- تحقيق سمات الفرد الصالح صاحب الشخصية المتميزة المتكاملة ، و التي تكون منتوج منظومة تربوية رائدة ، أسمى غايتها صناعة الإنسان الصالح ، الذي يصنع النهضة ، و يكون ودلعها و حاميها من السقوط .
- تحقيق عنصر التكامل بين أدوار الفرد من ناحية و مجهودات الجهات الدافعة رسمية سواء كانت رسمية أو أهلية ( مجتمع مدني ) .
حيث تجتمع تلك اللبنات في وجهة واحدة و قصد واحد ، مقصده تقديم خدمات نفعية ينتفع بها المجتمع و تكون حصانة آمنا للدولة و الأمة .
- حسن استغلال كل الإيرادات بشرية و مادية، و دفعها في شكل مشاريع نهضة شاملة، تنطلق جميعها نحو اتجاه واحد، تتجه نحو مسار تلك المشاريع نحو مشاريع النفع العام، الذي يعم خيره على جميع مكونات المجتمع و المؤسسات.
و في الأخير أتصور أن تحقيق الريادة مرهون بظهور تلك المشاريع النفعية على المحك ، لا حبرا على ورق ، و يتوقف دور الأفراد في المجتمع ، و أن تستوعب المؤسسات الراغية مشروع النهضة كل الطاقات و توجهتها نحو الأهداف المرسومة وفق خطوات مدروسة ، تستشرف المستقبل ، تعالج التحديات المستقبلية بالتحكم في المعرفة و العلوم ، وكذا التحصن بقيم الأصالة التي بها تحمى هوية المجتمع ، و التمسك بقيم العدالة التي تحفظ حقوق الإنسان في العيش الكريم و الكرامة الإنسانية .
وسوم: العدد 1046