كفانا مهاترات فكلنا في الجزائر أبناء شعب واحد الجزء الأول
كلمة لا بد منها
كلام مدان وغير مقبول ، وخطيئة يجب التطهر منها . ذلك الكلام الذي ، نصادفه هنا وهناك ، ولا همَّ لأصحابه . سوى التبجح بالعنتريات الزائفة ، وإدارة المعارك الوهمية ، التي لا توجد إلا في مخيلتهم وعقولهم . التي اختطفتها وحجرت عليها ، أيديولوجيات مزيفة . عمادها العنصرية المقيتة والاقصاء ، المؤذن بدمار الأوطان وخراب المجتمعات . أصوات نشاز قادمة ، من أقبح أيام الجاهلية سوء . يتبنى أهلها سردية ، أبي جهل وأبي لهب . وإن لم يشتركوا معهما ، في العرق والدين واللغة .
نعم إننا كثيرا ما نسمع ، من بعض إخواننا في الوطن . وهم من القلة القليلة ، حتى أن البصر بالكاد يدركهم . بأنهم ليسوا ضد العرب في الجزائر ، فيرد عليهم الطرف المستهدف ، في خطابهم بأنهم هم كذلك ليسوا ضدهم . ترى عن أي عرب ، وعن أي بربر ( في الجزائر ) . يتحدث هؤلاء وهؤلاء ، هذا ما دفعنا لكتابة هذه الأسطر . علما أننا لا ننفى وجود ، البربر الأحرار في الجزائر ، أو وجود العرب الأشاوش . أو أننا سنقول الكلمة الفصل ، ونحل هذه المشكلة المفتعلة ، لإلهاء الجزائريين عن التحديات الحقيقية التي تواجههم . ولكننا سنحاول تفكيك ، هذه السردية القبيحة ، لما فيه صالح الجزائر . التي لن تنال من هذه المعركة الوهمية ، سوي نيران وويلات الحقد والكراهية . والبغضاء والاقصاء والإقصاء المضاد ، والخراب والدمار والتناحر والفتن . التي فيها هلاك وحرق ، الجزائر أرضا وشعبا . وحصادها لن يكون سوى ، العلقم المر والجراح والآلام والتوابيت . نعم لن يكون حصادها سوى بلقنة الجزائر ، وحفر ملايين القبور لأبناء هذا الوطن . حتى نقف جميعا على حقيقة حمقنا ، لأن حفر ملايين القبور . هو الأمر الوحيد الذي يرضى، تجار الفتن ممن يركبون ، موجة الجهوية والعنصرية المدمرة . وهذا ما يجب التصدي له بحزم ، من قبل أبناء الجزائر البربرة . مهما اختلفت ألسنتهم ، لأن الجزائر أمهم التي توحدهم جميعا . نعم إنه من حقنا الاختلاف كما نشاء ، ولكن عندما يتعلق الأمر بالجزائر . فإنه يتوجب علينا ، أن نتحدث جميعا لغة واحدة ، مفادها نموت نموت وتحيا الجزائر . بعيدا عن سردية ، الجهوية والعرقية البائسة . التي يقف وراءها أعداء ، الجزائر المحروسة بعيون ، أبنائها التي لا تنام . نعم لا يجب أن يكون هذا الطرف أو ذاك ، عن جهل منه أو عن إدراك ووعى . ونكاية فيمن اتخذهم زورا أعداء ، من إخوانه في الوطن . مجرد وسيلة وأداة لتنفيذ ، مشاريع القوى المتربصة . خدمة لأهدافها وأجنداتها ، التي ما عادت تخطئها العين . ولعل أبرز هؤلاء الكيان الصهيوني ، الذي لا تكل ولا تمل عزيمته وأجهزته . لضرب الوحدة الترابية للجزائر ، لأنه لا ضامن لاستمرار وجوده ، سوى ضعفنا وفرقتنا وتفرقنا .
إن تهديم أسوار الحقد والكراهية ، التي يريد البعض رفعها ، بين أبناء الشعب الجزائري الواحد . يتطلب الحسم بصورة نهائية ، في تلك المعادلة المرفوضة . القائلة بثنائية العرب في مقابل ، الأمازيع أو الأمازيع في مقابل العرب . ثنائية مرفوضة لأنه لا يوجد في الجزائر ، سوى شعب واحد وإن تعددت ألسنته . هذا التعدد الذي لا يمكن ، انكاره أو القفز عليه . لأن الجزائر ما كانت بدعا ، في هذا الأمر الذي يوجد في كل دول العالم . إلا عندنا نحن فهو أمر ، يراد منه أن يكون عامل تفرقة وهدم . بدلا من أن يكون عامل وحدة ، وبناء ووئام وانسجام ووفاق . إننا لا نفهم ها هي أوروبا ، قد تجاوزت ونست أحقادها وثاراتها العميقة ، التي مزقتها لعدة قرون وأجيال . إلا في الجزائر فهناك من يسعى ، لاختلاق عدوات وثارات وهمية . يريدها أن تكون بديلا ، عن أواصر الوحدة والأخوة . التي تربط أبناء الشعب الجزائري ، التي لم يعرف التاريخ سواها بهذه الأرض .
ولكل ما سبق وجدنا أنفسنا ، مجبرين لا مخيرين في الرد . على تلك الأراجيف ، والرد لا يكون . إلا عبر تفكيك الأيديولوجيا ، التي تغذي سرديات ومقالات . بعض من توهموا بأنهم ، هم وحدهم من يحوز الحقيقة . رغم أنف الجغرافيا والتاريخ ، والحاضر والماضي والمستقبل ، والدماء التي تجرى في عروق هذا الشعب الطيب الأعراق . إن تلك الأصوات لن تسكت ، إلا إذا أقبرت السردية التي تقف خلف مقالاتهم . وهذا لا يتحقق إلا بالحفر ، قد المستطاع ووفق ما هو متوفر . من شواهد تبين أصول ، سكان المغرب العربي عامة والجزائز خاصة . سواء ممن يحسبون ، على البربر أو على العرب . بعيدا عن أي توظيف سيء ، ومغرض لهذين المصطلحين .
وهنا يجب التأكيد على أنها ، مجرد سردية مزيفة . مبنية على ملاحظة خاطئة ، تلك التي تدعى تقسيم الجزائر ، إلى مناطق ناطقة بالعربية وأخرى بالبربرية . نعم هذا ما هو موجود ، على أرض الواقع . ولكنه لا يعنى أن هناك تقابلا ، ( إثنيا ، عرقيا أو جنسيا ) في الجزائر . نتيجة التقدم المستمر للغة العربية ، واكتساحها للمناطق المحسوبة ، على المتغيرات البربرية . ولئن كانت المناطق المحسوبة ، على البربر لا تشكل عرقا واحدا في الجزائر . وفي عموم بلاد لمغرب العربي ، فكيف نقول بأن هناك ، ثائية عربي وبربري . علما أن هذه المسألة ، ( ثنائية العربي والبربري ) . لم تكن مطروحة قبل 1380 ، فالكل في الجزائر كان متصالحا ، مع هويته وهوية أخيه في الوطن . ولكن المستعمر الغاصب ، الذي ما هو إلا شيطانا . لا هدف له سوى تخريب الأوطان ، وضرب وحدتها الشعبية والترابية . هو من زرع هذه النبتة الخبيثة ، والجرثومة المقيتة في عقول . بعض أبناء هذا الوطن ، أو في بعض جهاته ، في إطار ما يعرف بسياسة فرق تسد . ونحن هنا لا نقصد ، منطقة محددة من الجزائر . وإنما وباء الجهوية الكريهة ، الرائحة والطعم والعنصرية العفنة . هما من حاول المستعمر زرعهما ، في كل أنحاء الجزائر . نعم إن معاول الهدم الفرنسية ، لم تكل ولم تمل طوال ، فترة احتلالها للجزائر . من السعي لتفتيت ، هذا الوطن وضرب وحدته . بل إن حماسها كان ، يتجدد باستمرار لأجل الوصول . إلى غايتها ألا وهي ، على سبيل المثال فصل منطقة بلاد زواوة . ( نقول هذا الكلام بعيدا عن كل ، ما من شأنه أن يطعن في وطنية . أبناء هذه المنطقة الشرفاء ، أو حتى مجرد التلميح . بما يفهم منه التشكيك ، في مدي حبهم وتعلقهم بهذا الوطن . ونحن لا نقول هذا ، الكلام تزلفا أو نفاقا . وإنما هذا ما نؤمن به ، وهو ما يلمسه كل زائر لهذه المنطقة . وإنما نحن نتحدث ، عن المشاريع الاستعمارية . حتى لا يساء فهمنا أو يوظف كلامنا ، من قبل المغرضين ودعاة الفتنة ) . نعود ونقول بأنه ليس خافيا على أحد منا ، بأن فرنسا عملت المستحيل . لتقضي على اللغة العربية ، ولتنشر مكانها الفرنسية ، في كل عموم أرض الجزائر ، وبلاد زواوة ( منطقة القبائل ) جزء منها . ثم جاء الماريشال توماس بيجو ، الذي كان أكثر وضوحا . فيما يخص ما سطرته فرنسا ، لهذه المنطقة حينما قال في العام 1840 : " بعد أن أخضعنا العرب يجب علينا نشر حضارتنا وقوانيننا في الوسط الأهلي البربري " . نعم لقد سعت فرنسا الاستعمارية ، ورمت بكل أدواتها وثقلها . لفصل منطقة بلاد زواوة ، عن الجسد الجزائري. كما هو حالها في كل مستعمراتها ، مستغلة حالة الوهن والضعف ، التي عرفها العالم العربي والإسلامي . ونضيف إليها حالة القطيعة ، التي أحدثتها بين الجزائريين والعالم العربي . نتيجة قطع كل وسائل ، التواصل بينهما بما فيها عامل اللغة ، واستثمرت في هذا الوضع لصالحها . ونتيجة لظروف خاصة ، ( الفرنسة والتنصير وتزوير التاريخ ) . وبعد أن هيأت الأرضية ، اللازمة ومهدت الطريق . أمام مشروعها الرامي إلى تجزئة الجزائر ، نجد بأن مخططاتها قد نجحت بعض الشيء . حتى أن بعض الأمازيغ ، وكما جاء في الصفحة السادسة . من كتاب أبي يعلي الزواوي ، ابن ولاية تيزي وزو والمعنون " بلاد زواوة " . قد أصبحوا يبحثون عن ، أرومة أوروبية ينتمون إليها .
وسوم: العدد 1048