حول استنكاف المعلمين والمدرسين في المدارس السورية !!
وإن لم تكتب في موضوع إشكالي فلا تكتب!!
فماذا إذن عن إضراب أو استنكاف المعلمين في المدارس السورية، ومن هو المتضرر الأول والثاني والثالث..؟؟
وإذ حكم علينا بالقول، فكيف نقول؟؟!!
وأستطيع أن أرسل كل يوم عشرات الرسائل في دعوة الناس إلى الصلاة على النبي، صلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وأعتقد أننا في عصر يجب أن نقرن فيه الصلاة على الآل بالصلاة على الصحب، ونتخوف من لفظة المنتجبين، ونؤكد الصلاة عليهم أجمعين؛ سدا للذريعة ودمغا لأصحاب الضلالة المبتدعين.
وأستطيع أن أكتب كل يوم عشر مقالات في حقائق مثل "الصدق زين والكذب شين"، أو أنشئ عشرة اقتباسات من كتب السنة، ومما قال أبو حامد الغزالي أو ابن القيم أو ابن قدامة أو الرافعي أو علي الطنطاوي..
أستطيع أن أفعل كل هذا ومع كل رسالة أرسل الورود وأتلقاها فلا أغبًر على أحد ولا يغبر أحد عليّ..
ولكنني أظن أنني لغير هذا انتدبت. فألوي وأحتسب..
وبينما كنت أول أمس أراجع الأخبار، مرّ بي تصريح دعيّ أسدي يقول فيه: سيتوجه غدا إلى المدارس ثلاثة ملايين طالب ونصف المليون…
خطر لي أن أسأله عن مصدر الإحصاء الجديد، إذا كان عدد سكان سورية قد عاد بفضل الانتصارات الأسدية إلى أقل من عشرة ملايين.
إحصاءات الأمم المتحدة: أن اللاجئين والنازحين، ثلاثة عشر مليونا، "إحصاء رسمي"
فكم تبقى من السكان على أرضهم وفي ديارهم.
الطرفة الأعجب أننا إذا اعتبرنا ادعاءات الدول المستقبلة للاجئين السوريين عن تعدادهم لديها؛ فسنصل إلى عدد يقارب خمسة وخمسين مليون سوري. أي ضعف عدد سكان سورية الأصليين.
منذ نحو سنة فقط كان وزير في دولة عرببة خليجية، يصرح أنهم يستقبلون ثلاثة مليون سوري مع نصف المليون!!
في حكاياتنا المجتمعية:
مر رجل مع صاحب له على مقبرة، فقال له: انظر .. انظر.. كل هؤلاء كانوا عبيدا لأبي!! فرد عليه صاحبه: لا يوجد من يرد عليك فيكذبك..
وهذا حال السوريين اليوم في كثير من بلدان وجودهم، مقابر فيها أجداث صمت
وكأنني وكأنك في مقبرة أبي نواس:
وَعَظتَكَ أَجداثٌ خُفُت
فيهِنَّ أَجســـــــــــــادٌ سُبُت
وَتَكَلَّمَـــــــت لَك بِالبِلى
مِنهُنَّ أَلسِــــــــــنَةُ صُمُت
وَأَرَتكَ قَبرَكَ في القُبـــــو
رِ وَأَنــــــــتَ حَيٌّ لَم تَمُت
على كلٍ ..
وزير أسدي كان يتباهى أن ثلاثة ملايين طالب وتلميذ سيتوجهون غدا الذي هو اليوم إلى المدرسة السورية!!
ثم ما لبثتُ أن تابعتُ في أخبار اليوم أن هناك موجة من التداعيات لأساتذة المدارس من مدرسين ومعلمين للاستنكاف عن اللحاق بأعمالهم..كنوع من الاحتجاج على الوضع المعيشي!!
ثم رأيت العديد من المعلقين من طارينا الذين يشيدون بهذا الموقف ويشجعون عليه..!!
ورأيت أن أكتب تعليقا هذا الكلام..
لا يتحدد لديّ موقف واضح من هذه الخطوة: مع أو ضد..
لا أعتقد أن استنكاف الأساتذة عن واجبهم تجاه التلاميذ، يحسب على طريقة المعادلة من الدرجة الأولى ذات المجهول الواحد… بل أعتقد أن المعادلة أكثر تعقيدا وتشعبا. والجكارة في الأسد لا ينبغي أن.. نتذكر المثل البلدي "جكارة في الطهارة" وهو هنا "جكارة في القذارة"
لا أريد أن أسبق بالقول فالأمر أكثر تعقيدا..
أنتظر من جميع السوريين الذين يلعبون لعبة البيضة والحجر، أن يصرفوا بعض وقتهم وفكرهم على مثل هذه القضايا..
لا أنكر أن بشار الأسد وزمرته سيتضرر كثيرا من انفراط عقد المؤسسة التعليمية؛ ولكنني أعلم أنه خرب المدن السورية والمستشفيات السورية والمدارس السورية ولم يبال..
وأعلم أن المتضرر الأول من انحلال المؤسسة التعليمية هو التلاميذ والطلاب السوريين. وهم طلابنا وتلاميذنا وعماد مستقبلنا!!
متعاطف حتى العظم مع المعلمين والمدرسين السوريين، ولكن عملهم إن ندبتهم جهة وطنية صالحة إليه؛ سيكون نوعا من المرابطة على الثغر..
لا أسمح لأحد أن ينسب إليّ أنني أبديت رأيا في هذه القضية، غير أني دعوت إلى التفكير الجاد العميق من أهله.. ليكون قرارنا ثوريا وطنيا في وقت معا…
معادلة الثورة ليست معادلة ماء مع منحدر…
أو كجلمود صخر حطه السيل من عل..
أسدُّ به ما قد أخلوا وضيعوا
وسوم: العدد 1048