كلام في جوف الليل
عندما يقول أحدنا حيال قضايا الأمة الكبرى، كالذي يجري على أرض الشام، والشام من العريش حتى حلب، لا أملك غير الدعاء؛ هل يكون صادقا مع ربه، أو مع الناس، أو مع نفسه.. أعيدوا الحسابات، نجد أننا نقدر، ونقدر، ونقدر…وهذا ليس استخفافا بالدعاء..
بالأمس..
تابعت أكثر من مؤتمر صحفي لرجال من أمتنا، مع ضيفهم المتغطرس.
وها أنا أعلن إشفاقي عليهم، وأسفي لما كان من الذلة يتلبسهم؛ الأبعد كان يتبجح أنه مع عدوهم.. وهم لا يجدون إلا أن يتداروا حذرا ولوذا بكلمات واهنة عرجاء، نحن ضد قتل المدنيين!! من ألبسنا تهمة قتلة المدنيين، أراد أن يشغلنا بالتبري منها، يحفرون لنا الحفرة، ثم نتوهم أننا وقعنا فيها..
لم يقل أحد من ربعنا هؤلاء: نحن مع الأقصى والقدس وفلسطين ونحن ضد الاحتلال والعدوان والغطرسة..
وهؤلاء الذين ما زالوا يقتلون الفلسطينيين، رجالهم ونساءهم وأطفالهم، ويقتل لأجلهم السوريون في كل يوم، رجالهم ونساؤهم وأطفالهم، هم أولى بالأخذ على أيديهم..
الفلسطينيون لم تتحرك من أجلهم البوارج، والفلسطينيون لم تفتح لأجلهم الترسانات، والفلسطينيون لم تفبرك لإدانتهم الأخبار..
والفلسطينييون لا يملكون الطائرات، والا يشنون الغارات على المدنيين، في منازلهم الآمنة، ولم يعطوا إنذارا لأعدائهم بالرحيل.. عن الأرض التي احتلوها..!!
لم نسمع بيانا فلسطينيا يطالب هؤلاء المحتلين بالرحيل، لا شمالا ولا جنوبا، بل رأيناهم بالصوت والصورة، يحملون أطفالهم، وشهد بجميل فعالهم نساء عدوهم..
خطاب الذلة لا يليق بعربي ولا بمسلم، ولا يليق بصاحب حق!!
بين الكلمة وعقب البندقية!!
وكتب أحدهم كلاما، لا أعلم من هو، يقول فيه إن الكلام مهما بلغ لا يبلغ عقب البندقية!! ووجدت من استحسنه فطيره.. على طريقة بعض الأقوام هذه الأيام..
يقول صاحب المقال: إن الكلام لا يبلغ عقب البندقية!! وي !! وي!!
وأين كل أسلحة العالم من كلام الله!!
بل وأين كل أسلحة العالم من كلمة الحق يلقى بها صاحبها في وجه ظالم!!
لا أدري هل يعلم صاحب هذا الكلام أنه يرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلامَه، وهو الذي قال: "أعظم الجهاد كلمة". ولم يقل سيف ولا بندقية..
"أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"
اللهم إنك تعلم أن لك عبادا يحتسبون كلماتهم عندك، متعلقين بوعد نبيك، فلا تخيب رجاءهم!
درسٌ جميل تعلمته بالأمس من الرئيس رجب طيب أردوغان..
استمعت إلى الرئيس أردوغان بالأمس يقول: إنه حين يستمع إلى أقوال بعض الناس يصغي ثم يبتسم!!
ونحن يا سيادة الرئيس.. نحن أبناء الشام، والشام من العريش حتى القامشلي، أصبحنا في بعض الأحيان نصغي إلى أحاديث بعض الناس، وينظر بعضنا إلى بعض ثم نبتسم..
وفي أحيان كثيرة يا سيادة الرئيس، نصغي ثم نبكي!!
عندما كنا أعلمَ وأحلمَ وأعزَ وأبقى..
عندما جاؤونا يرسمون الصليب على صدورهم أحمر بلون الدم..
وعندما جاؤونا مدفوعين من بطرس الناسك، ومن البابا أوربان..
وقالوا عن أنفسهم: إنهم صليبيون!! رددنا قولهم، وقلنا لهم أنتم فرنجة، وفرزناهم حسب دوافعهم و أهوائهم ومصالحهم ..
ويوم وقع بأيدينا "صليب الصلبوت" صليبهم الأعظم، لا كسرنا.. ولا حرقنا.. وإنما رددناه عليهم، حسب ما يقتضيه العقل..
واليوم نسمع الناس كيف يتسربلون؟!!
أيها الناس اعقلوا عن الله. فربنا حي قيوم مريد قدير عليم عزيز حكيم
اللهم ألهمنا رشدنا وأعذنا من شرور أنفسنا
زوّل عنا الظالمين.. والخادلين والمتخاذلين..
يقول خطيب مسجدنا الباكستاني في كل أسبوع "ولا تجعلنا منهم"..
وسوم: العدد 1054