المأساة الإنسانية في ظل ازدواجية التعامل
المجتمع الإنساني لم يعد يفقه مدلول الإنسانية ، حين ذابت المعاني في القاموس ، تشوهت مدلولها ، فأضحى التفريق بين الأجناس و الأضداد صعب المنال، أصبح التفريق صعب بين الجلاد والضحية ، ما عاد الفهم يستوعب حين نحاكي بين التهجير و الإبعاد و السلب و النهب في لغة تنافق المعاني .
أصبح القاموس يآخي بين مستعمر و مستضمر، يآخي بينهم بينما المعنى مختلف ، حينها تحبس الأنفاس في الزوايا الحادة ، حين نساوي بين أعزل يقاوم للدفع الضيم و لقهر والجوع. ، وبين جاني معتد يدوس على الرقاب ، يعدم الأنفاس بلا قيد ، يحاكم المظلوم بقوانين عرفية ، وهي معايير معكوسة في قوانين التعامل الإنساني.
فالحقوق الإنسانية ترفض التمييز بين المكونات المختلفة بمغيار الجنس والعرق والدين ، فالإبادة محرمة بكل أشكالها ، وانتهاك كرامة الإنسان محرمة بكل أشكالها ، والتطهير العرقي محرم بكل أشكاله ، فمبدأ المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية واحد يمنع التعامل بازدواجية ، وجميعها في عرف التعامل الإنساني مرفوضة .
فكيف يعقل أن يحاضر فصيل من المجتمع الإنساني ويجوع ويقتل ، وتهدم معابده ودوره ومدارسه ومستشفياته، ويقتل شيوخه وأطفاله و نساؤه ! أتساءل كيف تسمح لهم إنسانيتهم التعامل بهذه الازدواجية المحرمة في جميع المواثيق والقوانين والأعراف الدولية ، أن هذا التعامل فيه شرخ وخروج واضح.
إن المعايير التي تحفى بالحيوان وتعدم حق الإنسان ، في نظري إنسانية عرجاء ، وأن المعايير التي تفضل المرآة عن الرجل أو العكس معايير عرجاء غير سوية ، وأن المعايير التي تحاكم المظهر والزي و الصورة والجسم بل تحكام عادات وقيم مجتمع ما ، بدعوى التقدم أو التخلف ، حقيق أن تعاد تصويب نظراتها وأفهامها ، لأنها ببساطة تكيل بمكيلين مختلفين .
وأن تغيير هذه الازدواجية في التعامل ، يبدأ حين ينتشر الوعي بهذه المخاطر ، ببناء منظومة قيمية سليمة ، تنتصر فيها روح الإنسانية ، فتكون هذه المعاني قيم يحيا بها الجميع ، ثم تحصن هذه القيم بقوانين صارمة تنتصر للمظلوم أيا كان جنسه أو انتماؤه ، وأن ينتصر المجتمع الإنساني للقضايا العادلة بالدعم و المساندة و التأييد والمناصرة ،وهذا واجب إنساني يفرض أن يدعمه الأحرار في المجتمع الإنساني.
وسوم: العدد 1074