تغيير شكل... علم.. وعلماء

بقيت مبهوتا وأنا أستمع… إلى صاحب علم، ليس من قومنا، يحدثنا حديثا لم نسمعه من قبل، عن علماء من قومنا…

يحدثنا بغير لغة المجمل التي تعودنا، فيخبرنا بلغة المبين والمفصل بعض الذي قصرت شخصيا في الإحاطة به ولعلنا…

في فيديو خاص عن بعض علماء الحضارة الإسلامية، سمعت علما جعلني أطأطئ رأسي خجلا من نفسي.. واعترافا لمن بهرني، والبهر حالة تردد النفس متسارعا من عجب ومن خوف..

في فيديو قصير مترجم ذكر العالِم بحضارتنا، المحيط بعلومها أكثر منا، بضعةً من علماء المسلمين، لن أقول علماء الإسلام، حتى لا أدخل في نزاع مع أحد. عندما علمونا عن الدجاج في الصف الثاني الابتدائي، كتبوا لنا عنه وما زلت أحفظ العبارة: أنه نزاع للشر، وأنا لست ديكا أبحث عن الهراش مع الديكة.. بل أمشي الحائط… الحائط، وأقول يا ساتر..

وقولي يا ساتر في غير موضعها فيه حكم وقول…

منذ عقود كنت أسكن بيتا في الدور الثاني، وكانت لنا جارتان في الدور الأول، وكانتا كثيرا ما تقفان على الأبواب للدردشة.. فحين أصل أبدأ بالنداء يا الله.. يا الله.. حتى تؤيان إلى خدرهما، فأمر..، وكنت منهمكا في قراءة الحاشية لابن عابدين؛ فقرأته يحرّج في ذلك ويشدد، ويعتبره استعمالا لاسم الجلالة في غير ما وضع له، ويلحق بذلك أمورا منها مناداة البائع على سلعته بقوله: يا جبار… يارزاق..!!

المهم أردت أن أخبركم أنني غير نزاع للشر، وأنني سأكتفي بوصف العلماء بأنهم مسلمون، ولن أقول عنهم علماء الإسلام… وسأفترض بوصفي لهم أنهم مثل الأعراب الذين قيل لهم قولوا أسلمنا..

في فيديو مبهر جميل، لم أحط بعلمه من قبل يذكر عالم بريطاني ثلة من العلماء المسلمين مثل الفارابي والبيروني وابن سينا والخوارزمي وابن الهيثم وابن البيطار والرازي وابن النفيس…

ويعرف كل واحد منهم بسطر، ثم يبهرك، ليس باختصاص كل واحد في ميدان العلوم، فهذا تعلمناه في المدرسة الثانوية… بل يبهرك أو يبهرني بإخباري بالإنجاز العلمي الذي حققه هذا العالم في تاريخ العلم الإنساني…

يقول لك كان العلماء يعتقدون فجاء ابن سينا الطبيب فصحح، كانت النظرية السائدة فجاء ابن الهيثم فاستدرك، والبيروني أضاف كذا، وابن النفيس سبق إلى كذا، والغزالي أضاف إلى نظرية المعرفة..

بهذا الفيديو القصير يهدم هذا الرجل المنصف ادعاء الكثير من الغربيين أن المسلمين كانوا مجرد جسرا ونقلة، ويؤكد أنهم كانوا حلقة وثيقة من حلقات الإبداع العلمي في تراكمية الحضارة الإنسانية..

أعادني إلى هذا الفيديو محاولتي القاصرة لتتبع نتائج جائزة نوبل للعلوم -الطب والفيزياء والكيمياء- لهذا العام، فنحن في موسمها، لا تزوِ بوجهك عني.. وانظر أين صار القوم.. وكيف حضروا وغبنا…

في تاريخ حضارتنا عنوان يتردد عن علوم قالوا عنها، منذ عشرة قرون، فتأمل يا رعاك الله، علوم نضجت واحترقت. وماذا نفعل بها على السفود بعد الاحتراق..

وها هنا علوم غضة بضة يمسك الآخرون عن طريقها بنواصينا..

وما زلت آمل أن نكف وأن نعف وأن نبادر…

يرسل لي عن الدعاء المستجاب، وأضيف الدعاء المستجاب ليس ببناء ألفاظه، بل بقلب الأشعث الأغبر ذي الطمرين المدفوع بالأبواب الذي يقسم على الله… فيبر الله قسمه، كنه وادع الله بما شئت!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1100