هل يستطيع القائم بأمر حكومة لبنان أن يعلن وقف النار اللبنانية ضد أطفال ونساء القصير وحمص وحلب وإدلب

هل يستطيع القائم بأمر حكومة لبنان أن يعلن وقف النار اللبنانية ضد أطفال ونساء القصير وحمص وحلب وإدلب.. أم أن بايدن وماكرون لم يأذنوا بعد

واستمعت إلى كلمة السيد الميقاتي تعليقا على القرار الأمريكي الفرنسي بوقف النار ضد حزب الله..

إن رؤيتنا الحقيقة لأبعاد ما جرى، ويجري في لبنان منذ اجتياحه من قبل ما سمي بقوات الردع العربية، وحتى اليوم، ربما تستحق أن تبسط في غير هذا المقام…

وعلى الرغم من إدراكنا الدقيق المدعم بالأدلة الحقيقية للأعمال الممسرحة، التي يلعبها الممثلون كبارا وصغارا أمام أعيننا، فإن من الحق أن لا نمعن في هذا المقام، الذي نستقبل فيه القرار الفوقي بوقف الناز، في التتبع والتحليل، ولا تعليق الأوسمة، أو إصدار الإدانات..

ويبقى لبنان بالنسبة إلينا نحن السوريين، بأرضه وناسه ويومه وغده، الامتدادَ الحضاري والثقافي والجغرافي والديمغرافي لأمسنا ويومنا وغدنا…

ويوم كان البعض يخادع نفسه، بالحديث عن "لبنان الكبير" فإننا كنا وما زلنا نتحدث عن الشام الكبير، وعن الشاطئ الشرقي الموحد للبحر المتوسط من أعلاه حتى أقصاه..

وندعو اللهم بارك لنا في شامنا..

ونبقى مهما حصل ننظر إلى لبنان بعين المحب المشفق الناصح، والذي لا يريد لأهله - وإن جاروا- كل خير وبر!!

ومن هذا المنطلق، فإننا نعلن تأييدنا وترحيبنا بالقرار الفوقي، الذي فَرض وقف إطلاق النار في لبنان، بغض النظر عن المستفيد والمتضرر منه. فليس المقام مقام تشفي، ولا مقام تعنت، ولا مقام نتساءل فيه:ولماذا في لبنان وليس في غزة بعد أربع مائة يوم من القتل والتدمير في غزة المقاومة الصابرة المحتسبة!! ولا عن السر الحقيقي وراء دور ماكرون ونحن الذين زرعنا وحصدنا وطحنا وخبزنا.. بل نقول لأهلنا في غزة: لكم الله أيها الإخوة المخذولون المضيعون…

ليس المقام مقامّ أن نتفحص، ولا مقامَ أن نتساءل: وماذا قبضنا من عناوين محور المقاومة والممانعة، وماذا قبضنا من حقائقه وليس من دعاواه!!

ونعود إلى لبنان، كل لبنان، نهنئ كل اللبنانيين بقرار وقف القتل، ووقف التدمير، ووقف الحرب، دون أن ندخل في التفاصيل، أو نناقش الأبعاد والمدخلات والمخرجات..!!

ونريد في هذا الموقف كعابري سبيل، أن نعود إلى كلمة رئيس حكومة التصريف، الرئيس ميقاتي، الذي سمعناه منذ قليل، يقول إن عمر الأزمة في لبنان استمرت لعدة شهور..فنقول: ارفع حاجبيك عن عينيك قليلا أيها الرئيس وتشوّف ..وأرخ أذنيك، لعلك تسمع أو ترى..

افعل ذلك لعلك تدرك أن عمر الأزمة في لبنان، الذي أخرج من الحضارة ومن الثقافة والذي قطعت أرحامه، والذي ظل بعض المتسلطين عليه، يصرخ أو يجعر فيه من فوق رؤوس كل مؤسساته وممثليه الشرعيين، نحن قرارنا من قم، وفطورنا وغداؤنا وعشاؤنا من قم، وقرارنا منها أيضا!! فظل لبنان خلال نصف قرن، بلا مجلس تارة، وبلا رئيس أخرى، وفي ظل حكومة تصريف الأعمال ثالثة..

أزمة لبنان عمرها نصف قرن بل يزيد يا سيادة الرئيس!! وماذا نفعل إذا كان بعض الناس لا يرى ولا يسمع ولا يحس؟؟

هي نصف قرن من الاستحواز والتعويق والتعطيل والتسلط وليست بضعة أشهر يا سيادة رئيس حكومة "تصريف الأعمال" حكومة اللا حكومة..!!

في محطات كثيرة منها ما جرى في ٢٠٠٦ ومنها ما جرى في السابع من أيار، عاش لبنان أزمات من الهول والخوف والرعب..

وأنه لأشد هولا وخوفا ورعبا أن يكون رجل في مثل مقامكم أيها السيد المستفيد من تغييب القرار اللبناني، ولا يدرك أبعاد محنة لبنان، ومعالمها وحدودها. وبدايتها وفصولها.. وإلى يمكن أن يقود المشهدَ الجهلُ أو التجاهل!!

السيد رئيس حكومة رئيس تصريف الأعمال السيد ميقاتي: إنه لمن التبسيط المخل أن تجد في القصف الصهيوني الأثيم على لبنان، كل المشكلة…

أيها المكرم أحب أن أهديك هذه الهدية لعلك..ثم لعلك ولعلك: "العاقل لا يجزع من عداوة عدوه، وإنما يزلزله أن يحسب صديقا عدوه، وعدوا صديقه" كما فعلتم بأهلكم السوريين على امتداد خمسة عشر عاما!!

أيها المبجل بضعة عشر عاما وقد تحول لبنان، بفعل من تعلم، إلى بلد طارد للحضارة، وطارد للثقافة، وطارد للسياسة، ومصدرا ومصّدرا للميليشيات وللقتلة وللمجرمين وللمغتصبين وضد من؟؟ أخبرك يا سيادة الرئيس؟؟ وفي عهدة مَن؟؟ أؤشر لك يا سيادة اارئيس؟؟ وتظن ان أزمة لبنان عمرها شهور!!

أهمس في أذنك أيها المحترم مرة أخرى، في عالم الرق والعبودية والارتزاق، كل السادة يؤدبون عبيدهم، يضربونهم، يجوعونهم، يعرونهم وقد يصلمون آذانهم؛ ولكنهم نادرا ما يقتلونهم، فالصياد لا يقتل كلبه على أمل أنه يمكن أن يشليه!! وإن الكلب لا يعض ذنبه بل يلعقه للتلميع!!

أنا لا أزعم أن ما اقترفه مواطنون لبنانيون…في عهدتكم وعهدة من سبقكم يمكن أن يُنسى وأن يُغفر وأن يطويه الزمان..!!

ولكنني أصغيت إلى بيانك الوجيز وكنت أنتظر أن أسمع منك مثل هذا القول : لن يكون لبنان بعد اليوم مصدرا أو مصدّرا للقتلة والمجرمين، ولن يسمح لأي لبناني أن يبيع ولاءه خارج سيادة الدولة اللبنانية.. ولا أن يملك بندقية أجيرة أو مؤجرة!!

انتظرت أسمعك تقول: وسنكون في غدنا أحرص على مد حبال الوصل مع أشقائنا.. من حرصنا على وقف النار مع أعدائنا..!!

هل تجرؤ يا سيادة الرئيس أن تعلن من موقفك الذي أنت فيه على إعلان وقف النار اللبنانية ضد أطفال ونساء القصير وحمص وحلب وإدلب!! إن فعلت فأنت. القوي الأمين..!!

وسنظل نقول: ولا نريد للبنان وللبنانيين غير الخير .. وإن غدا لناظره قريب..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1104