عواقب القص واللصق
لقد تركت العصابة الأسدية البائدة مؤسسات الدولة تئن وتترنح تحت وطأة الفساد ، فالقضاء أصبح مرتعا للرشوى، والتعليم سلعة تباع وتشرى، والخزينة باتت خوى...
أما المؤسسة الدينية وأصحابها من المؤمنين والمؤمنات ، فقد استبدلوا لباس الظلم بعباءة الإيمان .
*الذين آمنوا ولم يلبسواإيمانهم بظلم*
فأفتى الحسون بشرعية البراميل المتفجرة ، ولاحق فلول الهاربين منها، ناصحا الحكومات الغربية أنهم عصابات إرهابية مدمرة .
وسكب البوطي الدمع الهتون عند مزار سفاح حماة والمشارقة ، واصفا إياه بالرجل الصالح والقدوة المنمقة .
والقبيسيات هللن وكبرن وأشرقت وجوههن بالبشر والامتنان ، في حضرة المخلَص المؤمن حكيم العرب ، حكيم الزمان . هكذا وصفن الرئيس ، فأعطاهن الأمان !
واعتنق البعض المذهب الشيعي وعانقه عناقا حميما، فإيران تعطي من يواليها،عطاء كريما.
وانطلق المشايخ من أصحاب العمائم يهتفون ، ياعزيز يا جبار ، و ياعزيز يا بشار! .
أما عبد الستار السيد ، فقد كشف الله عنه ستره بعد أن فضح أمره ، بسرقة المليارات من الدولارات ، من أموال الأوقاف والعقارات.
والحقيقة أنه لابد من القول أن هذه الفئة الضالة المضلة، تحمل فقها وعلما ، ولكنها للأسف لم تنل من حملها إلا الثقل ، وسهت عن أن شرط الإيمان هوالعمل.
مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا*
و لعلها استخدمت ما أوتيت من علم لاقتطاع ما يلاؤمها من الآيات ،بينما غضت الطرف عن سواها من البينات ، وفي القرآن * أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض*
وأصحاب الإيمان هنا ،أو ممن تطلق عليهم هذه التسمية جزافا، لجأوا إلى تقنية القص واللصق أو مايسمى
Cut and paste
فراقت لهم االآية *أطيعوا أولي الأمر منكم * وعمواوصموا عن كل آيات الأمر بالعدل والإحسان ونصرة الحق والإيمان.
وهناك من أتقن لعبة القص واللصق هذه من غير المؤمنين ، فبرز الغرب للعالم بسحنة الفاضل الأمين ، وجاء بالشرائع والدساتير، ولكنه برع في ازدواجية المعايير.
ونادى بالديمقراطية وتعهد باعطاء حقوق الأنسان، على اختلاف الأعراق والألوان ، ولكن كانت وعوده محض كذب و نفاق وبهتان.
وعندما كانت الأقلية تمطر الأكثرية بالسارين ،أشاح الغرب بوجهه، وأعلن أني قلق حزين!
وبعد الثورة بأيام قليلة ، هرع مندوب فرنسا إلى أمه المسيحية ، في سورية ، ليطمئن عليها ترى هل مازالت حية ، باعتبار أنها من الأقلية ؟
و فرنسا ومنذ أقل من عام هزئت بالمسيح و بالعشاء الأخير، وقدمت للأولمبياد يهودية مثلية على أنها القدوة المثالية في الدولة العلمانية .
وهكذا فإن من عواقب القطع واللصق أن يفقد المرء المصداقية و تكشف سوأته أمام البرية
و للآية بقية
*أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون*
عاقبة الذين اقتطعوا ولصقوا من المؤمنين عذاب عظيم في الآخرة، وخزي ومذلة في الحياة الدنيا ، وأي مذلة وأي هوان أشد عندما يفر أهل العلم وأنصاف الإيمان تحت جنح الظلام.
إن التجربة السورية تجربة فريدة عجيبة ، خرجت من محنة عصيبة تعلمت منها درسا لن تنساه، أن الغرب ليس بالقدوة ، وأن دستورهاونماؤها وبناؤها ومستقبلها لن يقوم إلا بسواعد أبنائها من أهل العلم والعدل والتقوى..
وسوم: العدد 1114