سردة عيد
هل تعلمون أننا ظللنا أيام الوحدة وأنا أعي ذلك وأذكره نصوم أو نعيد في الإقليم الشمالي مختلفين عن الإقليم الجنوبي..!! والسبب أن الإقليم الشمالي كان فيه علماء رجال…
لا تخف من قولي جماعة النسوية، ففي الشام نقول عن المرأة القوية، أخت الرجال، وينتخي الواحد منهم بأخته فيقول: وأنا أخو فلانة..
جاء الرمضان الأول بعد الوحدة، وثبتت عند القاضي الشرعي الأول في حلب الشيخ عبد الوهاب التونجي رحمه الله تعالى ورفع مقامه في عليين، ثبتت عنده رؤية الهلال، فاتصل بدمشق يخبرهم ثبوت الرؤية عنده، وأنه يجب إعلان بدأ الصيام، فقيل له بعد مراجعة، إنهم ينتظرون القرار من الإقليم الجنوبي!!
فأجابهم إن المحكمة الشرعية في حلب ستعلن عن بدء شهر الصيام…
ولعل جمال عبد الناصر خشي من إحداث بلبلة في الجمهورية المتحدة فسكت على مضض!!
هي ثلاث سنوات عشناها معا، وجل ما أذكره أننا ظللنا نصوم مختلفين عن الإقليم الجنوبي، ونفطر مختلفين؛ وأظنه منذ ذلك التاريخ بدأت عملية تسييس الأهلة..
وبعض أهل الفتوى تفننوا بالتخريج على اختلاف المطالع!! وأي اختلاف بين مصر والشام والعراق والحجاز…!!
في أيام النفاق الإعلامي ظللنا إذا أمطرت علينا في يوم فرح أو حزن نقول السماء تشاركنا!!
لدقيق تمسك القضاة الشرعيين في الشام، ولعله في غيره أيضا، بالرؤية الشرعية، تظل تخبرنا والدتي رحمها الله تعالى عن يوم عيدوا فيه، في حلب عند الظهر..
وخرج رجال على الناس يطوفون الأحياء بالطبول ويطالبون الناس بالإفطار
تقول وأفطرنا وأفطر الناس وكان يوم عيد
ويقولون عن فصل الدين عن الدولة.. وحتى الأهلة سيسوها!!
الأهلة التي جعلها الله مواقيت للناس..
أدركت الشيخ القاضي عبد الوهاب ألتونجي رحمه الله تعالى، ولو رأيتم رقته ونعومته ولطفه، وطالما خلل أصابع يده في شعر رأسي الأشقر، ولكنه ومع تلك النعومة كان صلبا مثل الألماس..
وهذا التشبيه الجميل استفدته من كتاب الروح لابن القيم، وبعض الناس يستنكرونه له، وأنا أثبت لكم أنه له وأهديكم هدية أعتبرها هدية عيد:
صحيح الكتاب في فصوله الأولى يعتبر حكاية منامات الصالحين، وقد تكون ممن لا تروقه هذه الحكايات، ولكنك لو أبحرت إلى آخر الكتاب، ستجد فصلا جميلا يقوّم بعشرين كتابا!!
عنوانه: "فصل في الفروق"، يبدع فيه ابن القيم رحمه الله تعالى، في نصب لسان الميزان لأخلاق الإنسان
وفي إحدى هذه الفقرات يتحدث عن ضعف القلب وقسوة القلب، وصلابة القلب..!!
الإنسان صاحب القلب الضعيف: لو رأى قطرة دم يغشى عليه، وهذا ليس بشيء، ويتلو ابن القيم كذا (فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم)، (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ)، ويقول وليس كذلك قلب المسلم، ثم يضيف قلب المسلم رقيق شفاف صلب مثل الألماس..
لعلي شوقتكم لتقرؤوا الفصل كاملا من كتاب الروح لابن القيم، ستجدونه على الشبكة، لا تبالوا بقول العاذلين، ليقرأ الكتاب فهو نفيس، خاصة الذين يمارسون منكم عمليات التربية والتوجيه
أردت أن أقل وكل عام وأمة الدعوة إلى الخير بخير… أهلا بهلال الفطر.. أهلا بيوم الجائزة..
وسوم: العدد 1122