سورية... ثم إيران
محمد إقبال
خبير استراتيجي إيراني
تؤكد جميع المعطيات ان عملية اسقاط النظام السوري ورغم طول أمدها هي قادمة لا محالة وستحصل بشكل مبكر جدا خلافا لكل التوقعات والتكهنات.
الخطط التي تقدمها الديكتاتورية الارهابية لولاية الفقيه الحاكمة في إيران ومن ضمنها الخطة التي تضمنت 6 مواد وقدمتها يوم 16 ديسمبر الجاري ليس الا محاولة بائسة ويائسة جدا منها لايجاد طوق نجاة لانقاذ بشار الأسد والحفاظ على مصالحها في سورية.
وفي تقرير بثته وكالة أنباء "أسوشيتدبرس" يوم 17 ديسمبر توضح خطة النظام الإيراني قائلة: هذه هي بشكل دقيق لحظة الانفصال بين إيران وحليفها بشار الاسد. غير أن الديبلوماسية المصابة بالفشل لطهران قبلت في نهاية هذا الاسبوع بأنه قد آن أوان رحيل الرئيس السوري.
وتأتي هذه الدعوة البائسة للديكتاتورية الحاكمة في إيران في وقت كانت تبث فيه وسائل الاعلام التابعة للملالي مساء يوم قبله وباستمرار العنتريات الفارغة التي يطلقها الحرسي صالحي وزير خارجية النظام بقوله ان النظام الايراني لا يسمح بأن يتم تطبيق مشروع الدول الغربية لاسقاط الرئيس السوري بشار الأسد من خلال التدخل العسكري المباشر وعبر ارسال الاسلحة والعناصر المسلحة; وأن ايران لا تسمح بسقوط الأسد (العالم وصحيفة "جوان" المحسوبة على قوات الحرس الثوري ¯ 16 ديسمبر).
غير أنه لم يمض سوى يوم على تصريحات صالحي لنجده في اليوم التالي يسارع في تصريحات جديدة ليقول في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء "ايرنا" الحكومية الإيرانية لو افترضنا أن هذه الدول ستحقق أهدافها, فكيف بامكانهم أن يحتفظوا بأهدافهم على ضوء الدماء التي اريقت "..." وأن عمليات التدمير والقتل التي تجري في سورية تفوق التصور!
الواقع أن الانجازات المتواصلة التي يحققها الجيش السوري الحر قد جعلت سقوط الطاغية في سورية في الأفق القريب, ولم يبق أمام نظام الأسد اي حيلة للاستمرار في مهاتراته وكذلك الحال بالنسبة الى نظام ولاية الفقيه الذي دخل بكل ثقله وجهده في الحرب ضد الشعب السوري.
خامنئي من جانبه كان قد أكد في أوقات سابقة ولأكثر من مرة وفي جلسات سرية مع قادة النظام على ضرورة دعم نظام الأسد بكل الامكانيات والى آخر المطاف, وكان محمد على جعفري قائد قوات الحرس يفتخر بشكل رسمي وعلني يوم 16 سبتمبر الماضي باثارة الحروب الاجرامية من قبل نظام الملالي في سورية. كما كان قادة النظام يعلنون جهارا نهارا ان بسقوط الأسد سيضيق الخناق على النظام. وافتتاحيات الصحف المحسوبة على نظام الولي الفقيه تعترف في ادبياتها الخاصة هذا المعنى, وبدلا من أن تقول ان بعد الاسد سيصل دور إيران تتحدث عن توسيع حدود الاعداء أمنياً واستخباراتياً الى عتبة حدود الجمهورية الاسلامية.
وسبق للمقاومة الإيرانية أن كشفت وفق التقارير الواردة من داخل الحرس الثوري الارهابي في إيران عن ان مساء الجمعة 7 ديسمبر الحالي سقطت قذائف هاون عدة بالقرب من مكتب خامنئي في منطقة السيدة زينب حيث أثار هذا الحدث مخاوف شديدة بين قادة قوات "القدس" الارهابية.
ويفيد تقرير رفعه المدعو "سيد مجتبي حسيني" ممثل خامنئي في سورية المستقر حاليا في منطقة السيدة زينب الى طهران بأنه قد اصيب بذعر بالغ جراء تقدم المعارضين وفرض الحصار على المعابر والمناطق القريبة من هذه المنطقة, كما أن عملاء النظام الايراني أعربوا عن مخاوفهم من شدة الاشتباكات في دمشق وبالقرب من الحدود اللبنانية.
بعد اسقاط الطاغية السوري, فان جميع الانظار ستتوجه إلى إيران التي حينها ستفقد "عمقها الستراتيجي"المتمثل بالنظام السوري والذي كانت تستخدمه لتصدير رجعيتها وارهابها إلى بلدان المنطقة والعالم.
نعم, الان يعتبر النظام السوري في طريقه الى السقوط كتحصيل حاصل عاجلا غير اجل, الامر الذي يؤشر الى مرحلة اخرى مقبلة, وهي تمهيد الطريق الى مرحلة ما بعد الاسد اي اسقاط النظام الحاكم في إيران. والشارع الايراني جاهز ومستعد لاطلاق الشرارة في ظل النقمة الشعبية الكبيرة ضد هذا النظام الذي يعيش أزمات مستعصية تحيط به من كل جانب.
إن تغيير النظام هذا سيحصل بيد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. وعلى هذا الاساس فمن الضروري أن تحصل منذ الآن تغييرات سياسية جدية وجذرية من قبل الدول الأخرى وخصوصا البلدان العربية الشقيقة تجاه إيران, لتتواكب هذه التغييرات السياسية مع مصالح ومطامح الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية وعمودها الفقري منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية من أجل اسقاط الملالي وتحقيق الديمقراطية في إيران, وأن تعترف هذه البلدان بشكل خاص بالمجلس الوطني للمقاومة الإيراني كبديل شرعي لهذا النظام.