حوار عن الطب والطب البديل 4
حوار عن الطب والطب البديل
جزء رابع"أخير"
د
. حمزة رستناويجلال مراد – حمزة رستناوي
اقتباس من جلال
"وفي هذا المقام يحضرني كتاب لعالم النفس الشهير فرويد وقد كان عنوان الكتاب الأصلي ” مسألة مزاولة التحليل النفسي لغير المختصين ” غير أن الكتاب ترجم تحت اسم ” حياتي والتحليل النفسي ” من قبل الدكتور جورج طرابيشي حيث وجه اتهام لأحد تلامذة فرويد في فرنسا، تهمة مزاولة العمل العلاجي النفسي دون أن يكون حاصلاً على إجازة الطب البشري ، وقد أرسل فرويد المخطوط للمحكمة لكي يبين لهم أن التحليل النفسي لا يحتاج معرفة بالأمور البيولوجية أو الفزيولوجية ، بقدر حاجته للإلمام بالأساطير ” الميثولوجيا ” وعلم اللغة والرمز ، ومبادئ التحليل النفسي والأدب . وأورد فرويد في مقدمة الكتاب رأي لأرسطو مفاده إن البناء هو الذي يبني والمثال هو الذي يصنع التماثيل والطبيب هو الذي يعالج ."
انتهى الاقتباس.
تعليق حمزة:
المحلل النفسي ليس بالضرورة أن يكون طبيب, هناك اختصاص علم النفس السريري"معالج نفسي" عمله مختلف و مكمّل للطبيب النفسي.
و لكن ليست كل الأمراض النفسية أو حتى معظمها هي مجال عمل المعالج النفسي
هذا يتعلق بتشخيص المرض و من ثم اختيار الوسيلة المناسبة , و حاليا فائدة التحليل النفسي أكبر في حقول الأدب و الثقافة أكثر من الأمراض النفسية, و دوره في تراجع بشكل عام, لصالح العلاج الدوائي و الاستعرافي و الاجتماعي .
علم الطب ليس ضد التحليل النفسي بل هو إحدى وسائل العلاج و يقيّم بناء على أسس تجريبية و إحصائية .
&
اقتباس من جلال:
"الأسباب الموجبة للمرض هم ثلاث أسباب فقط ؟
الحقيقة أنه هناك أيضاً سبب آخر وهو السبب الماهوي ، ولكن هذا السبب لا يرتبط بالزمن كباقي الأسباب !! بل هو موجوداً باستقلال عن الزمن، ووجوده وجوداً معنوياً، وهذا السبب هو أصل السبب الوظيفي العضوي ومحدده !!
إن المعلم الذي يمكن أن نركن إليه في هذا الباب من الأسباب هو أرسطو ، فعلى الرغم من أن أرسطو قد قام بتشريح ما يقارب ثمانية آلاف حيوان إلا أن أرسطو قد وجد أن ما يشكل المادة هو الصورة . وما الصورة إلا الماهية المعنوية للأشياء .
ولنبسط الأمر إن عدنا للمهندس الذي يصوب أعمال العمال وقلنا له لماذا قلت للعامل الفلاني أن يرفع الدعامة بمقدار خمسة سانتي متر ، فإنه سيشير إلى المخطط ويقول : “هكذا هو المخطط” .
إذاً إن ما نفذ وما سينفذ لاحقاً في الواقع إنما سينفذ استناداً إلى صورة ومخطط .
إن الأهمية التي يقدمها لنا السبب الماهوي هي أنه يرصد لنا مستقبل المرض وأبعاده وحيثياته ، والأعضاء التي سيستخدمها لإنجاز صورته وماهيته ومخططه .
وهنا تبدو الأعضاء وكأنها أداة طيعة ومنفذه لفكرة موجودة في الوجود اللامادي – المعنوي . ومن معرفتنا للماهية الأساسية للمرض فإننا نستطيع معرفة المواد التي سيستخدمها والمسار الذي سيسلكه . ونستطيع القول أن السبب الوظيفي ما هو إلا جزء محدد من أجزاء السبب الماهوي ، وهو ذلك الجزء الذي يتعلق بالمادة المعينة والمحددة ، ولكنه غير قادر على إدراك المرونة التي يمكن أن يحقق المرض نفسه فيها عبر المواد المختلفة ، فعلى سبيل المثال إن كانت هناك فكرة عند أحدهم أن يبني بيت مكون من غرفة وحمام ومطبخ ، ولم يجد مادة الخرسانة ، فقد يبنيه بالخشب ، أو قد يستخدم مادة أخرى إن لم يجد الخشب فقد يستخدم الطين المجفف أو البلاستيك …الخ
وهكذا فإن المرض إن وجد أن عضو من الأعضاء.لا يستجيب لمخططه فإنه يستخدم أعضاء أخرى ، ليعبر عن نفسه ، ولذلك فإن المعالجين في السبب الوظيفي يصنفون الأمراض حسب التبدي العضوي ، أم المعالجون الذين يأخذون بالسبب الماهوي فإنهم يقسمون الأمراض وفق لطبيعتها الماهوية . تلك الطبيعة التي يمكن أن تتجلى بأعضاء متعددة ."
انتهى الاقتباس
تعليق حمزة
العرض الذي قدّمته للسبب الماهوي ملتبس
تتكلم عن سبب ما هوي للأمراض و الأمثلة التي قدّمتها كلها غير طبية "عن الدعامات و المطبخ ؟!
تقول:
" السبب الماهوي ، ولكن هذا السبب لا يرتبط بالزمن كباقي الأسباب !! بل هو موجوداً باستقلال عن الزمن، ووجوده وجوداً معنوياً، وهذا السبب هو أصل السبب الوظيفي العضوي ومحدده !!"
ما هو السبب الذي لا يرتبط بالزمن ؟ هل ثمة وجود لكينونة بمعزل عن البعد الزمني؟
و كيف حكمت أنه- أي السبب الماهوي- أصل السبب الوظيفي العضوي؟!
عرض ملتبس غير برهاني؟؟!
-حقيقة أنا كطبيب لم أفهم ماذا تقصد بالتالي:
" إذاً إن ما نفذ وما سينفذ لاحقاً في الواقع إنما سينفذ استناداً إلى صورة ومخطط .إن الأهمية التي يقدمها لنا السبب الماهوي هي أنه يرصد لنا مستقبل المرض وأبعاده وحيثياته ، والأعضاء التي سيستخدمها لإنجاز صورته وماهيته ومخططه .وهنا تبدو الأعضاء وكأنها أداة طيعة ومنفذه لفكرة موجودة في الوجود اللامادي – المعنوي .
هذا كلام خارج منهجية العلوم بما فيها الطب , هو ميتافيزيقيا؟!
هو كلام قابل للجدل بلا نهاية, يتمدد أفقيا بعكس الطب كعلم ينبني نتيجة الخبرات المتراكمة و قابل للتقييم بناء على أسس موضوعية؟
تقول:
" ولذلك فإن المعالجين في السبب الوظيفي يصنفون الأمراض حسب التبدي العضوي ، أم المعالجون الذين يأخذون بالسبب الماهوي فإنهم يقسمون الأمراض وفق لطبيعتها الماهوية"
هلا عرّفتنا بالمعالجين الذين يأخذون بالسبب الماهوي على وجه التحديد و انجازاتهم في العلاج من خلال نماذج تطبيقية , و تجارب مُحكّمة موثقة .؟
&
اقتباس من جلال:
"ولكن هل هذه الأسباب الأربع التي ذكرتها هي فعلاً أسباب أم مجرد ظواهر ؟
إن ماهية السبب تقتضي أن عدم وجود السبب يؤدي إلى عدم وجود النتيجة أو الظاهرة ، بينما الأمر الذي هو ليس سبب لا يؤدي عدم وجوده إلى انتفاء النتيجة ولكنه فقط يؤدي إلى تغير في صفات النتيجة .
ونستطيع تشبيه الأمر مثل دارة كهربائية تمر بأربع نقاط وهم الأسباب سالفة الذكر والمرض باللمبة التي تضيء . إن قطع الدارة الكهربائية في أي نقطة من النقاط الأربع التالية:انقطاع التيار عن اللمبة وبالتالي انطفائها .
وفي مثالنا عن المهندس فإننا نستطيع أن نورد المتتالية التالية :
1- إن لم يكن هناك حاجة لبناء المنزل أي سبب دافع لم يكن المنزل قيد البناء.
2- إن لم يكن هناك غاية من بناء المنزل أي سبب ساحب لم يكن المنزل قيد البناء.
3- إن لم يكن هناك صورة ومخطط للمنزل أي سبب ماهوي ، لم يكن للمنزل أن يأخذ شكله ويكون قيد البناء .
4- إن لم يكن هناك مواد أبداً أي سبب وظيسفي – عضوي ، لم يكن المنزل قيد البناء .وكذلك هو الأمر بالنسبة للمرض . إن ما يتمخض عنه كل سبب على حدى يؤدي إلى مدارس متعددة في العلاج ، وربما إن أسعفتنا الحكمة في بيان أسباب جوهرية أخرى لنشوء الظواهر والأمراض سينفتح أبواب متعددة أيضاً لمدارس طبية متعددة . ولكن ما حصل إن باب الاجتهاد أقفل أمام الجديد واكتفينا بمدرسة أبقراط وتلامذته ، وأعتقد أن الأمر له أسباب غير علمية تماماً . إذا أن الإيمان بالذات والثقة بها يقودنا إلى المزيد من التفتح والإبداع ." انتهى الاقتباس
*
تعليق حمزة:
مفهوم "السبب الماهوي" و علاقته بالمرض : اختزالي غير دقيق
فالمرض ظاهرة معقدة , هناك عوامل متعددة و معقدة تتعلق بالمسبب و حالة عضوية جسم الانسان و المناعة و آليات المقاومة و عوامل مؤهبة ..الخ
و دائما هناك احتمالية للمرض.
و تصوّر سبب ماهوي >>>> مرض غير دقيق؟!
كيف أُقفِل باب الاجتهاد أمام مدرسة أبقراط و تلامذته؟
التصور الذي تقدّمة لم يتوّضح لي بشكل كاف
معظم أمثلتك جاءت من خارج موضوع الحوار و هو الطب
أمثلتك تمثيلية تصلح للتفلسف و توضيح أمر آخر, و ليس الطب
و الأمثلة الطبية القليلة التي قدّمتها كانت غير دقيقة
علم الطب هو علم يقوم على التجربة و الملاحظة و التصحيح و الإضافة.
و التعصب لأي نظرية أو رأي هو ليس من ثمة العلوم و منه الطب.
فأي إجراء أو فكرة تثبت فائدتها في تخفيف معاناة البشر و تقليل نسبة الوفيات , علم الطب يرحب بها و يتقبلها مادامت مستوفية لشرط البحث العلمي , و بما ينفع الناس
العلاج الطبي حاليا هو علاج تكاملي: طب وقائي- علاج عوامل الخطورة- جراحي-دوائي-فيزيائي-غذائي تأهيلي ..الخ
لذلك لا أرى مبرر من الناحية العلمية - كطبيب - لمهاجمة علم الطب الحديث
بل الانضمام لمسيرته بما حققته و ما سوف تحققه من تطوير لحياة الإنسان و الإنسانية.
حمزة