كلمات منمقة غير منسقة
كلمات منمقة غير منسقة
د.عثمان قدري مكانسي
[email protected]
تواردت على
ذاكرتي كلمات كانت مخزنة في حفيرات الزمن حين حاولت أمس الإخلاد إلى النوم بعد رشح
– سعال وعطاس كان سببهما الجو البارد الذي لازم مدينة عمان الأردنية أربعينيات
الشتاء القاسي هذا - لازمني أسبوعاً ، فذكرني بأبيات المتنبي في وصف الحمّى التي
حفظناها أيام دراستنا في المرحلة الثانوية ، وكنت أيامها أعاني من مرض التيفوئيد (
التيفوس ) ، فقلت : يأبى المتنبي أن يطرح معاناته إلا بشكل عملي يتحسسه القارئ
لقصيدته بقوة ، فلا ينساها ، وإن طال به العمر لأنه عايشها عملياً ، ومن عاين تأكد
، ومن ذاق عرف .
تواردت هذه
الكلمات شعراً ونثراً ، حِكَماً وعظات ، دون تنسيق ولا ترتيب ، فأحببت أن أقدمها
كما جاءتني دون رتوش ولا تلميع وترتيب .... كما أحفظها في الذاكرة ، وقد آنستني تلك
السويعة ، ولعلها تؤنس القارئ إن شاء الله تعالى حين يراها بين يديه بيد أنني لا
أتذكر قائل أبيات أُوردُها ولا صاحب قصة أسردُها :
1-
أحدهم ينفعل حين يأتيه البشير قائلاً : إن الله تعالى رزقك مولوداً ذَكراً بعد أن
سبقته أخوات له ثلاث ، فيقول هذه الأبيات الجميلة المعبرة عن شديد فرحه وبالغ
سعادته :
2-
وهذا رجل شهم يأبى فعل المنكرات وإيذاء الناس – وهو قادر أن يفعلها – خوفاً من الله
تعالى أولاً والرغبة بالتحلّي بالحياء والخلق الجميل ثانياً :
3-
ولعل أحدهم أراد أن يستشير أحد العارفين في رجلين يريد التأكد من أخلاقهما
ليشاركهما في تجارته أو يتخذهما صاحبين ، فجاءه الجواب الفصل : (هما
كالخمر والميسر ، إثمهما أكبر من نفعهما ) . والحقيقة أن الناس ليسوا شراً
محضاً ولا خيراً محضاً . فمن غلب شرُّه خيرَه كان شيطاناً ، ومن غلب خيرُه شرَّه
كان ملاكاً .
4-
أما الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك فقد نظر إلى نفسه في المرأة – وكان شاباً
حين آلت الخلافة إليه – فأصابه الفخر والخيلاء إذ قال : " أنا الملك الشابّ " .
والله تعالى
يقرر هذا المبدأ الذي قهر به عباده " إنك ميت وإنهم ميتون
" ولو دام الأمر لغيره ما وصل إليه . ولْنتصوّر كلمة " ذائقة " في قوله
تعالى " كل نفس ذائقة الموت " . إن التذوق "
معاينة ومعاناة " .
5-
وأتذكر قول بشار بن برد :
6-
وخطر ببالي بيتان من الشعر يقول فيهما الشاعر بلسان الفقير الجائع :
والدنيا دار
ابتلاء ، ولا يظنّنّ أحد أن من ملك في الدنيا مقرب من ربه ، وأن الفقير مهان محتقر
! فلو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شَربة ماء ، وقد
كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم أحيني
مسكيناً وأمتني مسكيناً ، واحشرني في زمرة المساكين " ويقول صلى الله عليه
وسلم راغباً في الزهد ، معرضاً عن الدنيا " اللهم اجعل
رزق آلِ محمد قوتاً "كما كان الأنبياء صلوات الله عليهم يعيشون كفافاً حتى
الأغنياء منهم كسليمان ويوسف .
7-
وتذكرت قول أحدهم وقد كان ولده وخادمه متعادلَين في السوء والعقوق :
8-
وهذا عاشق يتأثر سلباً وإيجاباً لحالة محبوبه، يمرض لمرضه ويشفى بشفائه ، يقول
مصوراً تعلقه الشديد بحبيبه :
فهل تصدقونه
وتتفاعلون معه ؟ أو أراكم تضحكون منه وتتندرون على قوله ؟! أو تقولون :
للناس فيما يعشقون مذاهب ... ؟
ورد الـبـشير مبشراً بقدومه
واللهِ لـو قنع البشير بمهجتي
لو قال : هبني ناظريك لقلتُها
وكأنني يعقوب من فرحي بهفملئت من قول البشير سروراً
أعـطـيته ورأيتُ ذاك يسيراً
خـذ ناظريّ فما سألتَ كثيراً
إذ عاد من شم القميص بصيراً