المرشد العام ينصف سيد قطب

المرشد العام ينصف سيد قطب

سيد قطب رحمه الله

د. صلاح الخالدي

تابعت بإعجاب وسرور «الحوار الإيجابي» الذي أجراه مراسل الجزيرة في مصر «حسين عبدالغني» مع المرشد العام الجديد للإخوان المسلمين في مصر، الدكتور «محمد بديع» يوم الجمعة الماضية. وازداد سروري وإعجابي بكلام الدكتور «بديع» وهو «ينصف» الرائد الشهيد «سيد قطب» حيث شهد شهادة «حق»، وهي شهادة قريب من سيد قطب ومتابع له، وخبير بفكره وحياته، كما أنها شهادة منصف صادق، تبوأ أعلى المراكز القيادية عند الإخوان المسلمين.

وأعترف بأن الناس مختلفون في نظرتهم لسيد قطب وفكره، ولا أعني موقف أعدائه منه، فهؤلاء عادوه وظلموه وآذوه وتآمروا عليه، وموقفهم مفهوم لأنهم أعداء له، وللحق الذي يمثله، ومعاداة العدو للحقّ وأهله ليست غريبة..

إنما الغريب هو اختلاف الإسلاميين في فكر سيد قطب، بل اختلاف «الإخوان المسلمين» فيه، وهو المفكر المجاهد الداعية، الذي ختم الله له حياته بالشهادة إن شاء الله، وهو «عامل» نشيط في تنظيم الإخوان المسلمين.

من الإخوان من ينفي كون سيد من الإخوان، ومن الإخوان من يعتبره «خارجاً» على منهج الإخوان، ومن الإخوان من يعتبره مخالفاً لفكر الإمام الشهيد «حسن البنا» رحمه الله، ومن الإخوان من يعتبره من دعاة التكفير والعزلة واتهام الآخرين من المسلمين - حكاماً ومحكومين - بأنهم جاهليون كفار، ومنهم من يعتبر فكره «فكر سجون»، وأنه «فكر سوداوي حاقد»، وأنه فكر «متكلِّس»!! لا يجوز أن يأخذ به الإخوان المسلمون، وأنه «الأب الروحي» لكل الجماعات التكفيرية الإرهابية المتطرفة، التي «شوهت» الجماعات الإسلامية..!!

لأجل هذا أعتبر أن شهادة الدكتور «محمد بديع» أكثر من رائعة وصادقة، في إنصاف هذا المفكر المفسر، الرائد الداعية، المجاهد الشهيد، رحمه الله..

نفى الدكتور بديع عن سيد قطب «تهمة» تكفير المسلمين، وقال إن عباراته حول التكفير كانت صحيحة، لا تخرج عن مقررات الإسلام، ولا عن فكر الإخوان، ولكنها كانت عبارات «أدبية فضفاضة» غير مضبوطة بدقة، لأن سيد صاغها بأسلوبه الأدبي الواسع الممتد، وقد يخطئ بعضهم في فهمها، ويخرج منها بنتائج خاطئة وخطيرة، وينسبها الى سيد قطب، والذنب ذنبه هو، وليس ذنب سيد قطب!

وطرح الأستاذ حسين عبدالغني على المرشد العام فكرة «تراجع» الإخوان عن فكر سيد، لأنه فكر خطير، وهو سبب كل الأحداث التي وقعت في مصر والعالم الإسلامي. وفكره مناقض لفكر حسن البنا، ويجب على الإخوان أن يلتزموا بفكر البنا ويتخلوا عن فكر سيد الدخيل!! فردّ الأستاذ المرشد بأنه لا خلاف بين فكر سيد وفكر البنا، وأنه لو كان سيد قطب حياً لما وسعه إلا «البراءة» من الذين أساءوا فهم كلامه، ونسبوا أخطاءهم له!!

وحول صلة سيد قطب بقيادة الإخوان ذكر المرشد العام أن سيد بقي حتى آخر لحظة من حياته مع الإخوان، وأخبر أنه قبيل استشهاد سيد التقى بالأخ الأستاذ «مأمون الهضيبي»
- المرشد العام السادس للإخوان - وقال له: بلِّغ والدك - الأستاذ حسن الهضيبي - مني السلام، وأخبره أنني ما زلت على العهد، لم أخالف ولم أغيِّر ولم أبدِّل.

وهذا معناه أن سيد قطب بقي حتى استشهاده عضواً عاملاً في تنظيم الإخوان، ويدين بالسمع والطاعة للمرشد العام الأستاذ حسن الهضيبي رحمه الله!

ولما قال حسين عبد الغني إن تفسير «في ظلال القرآن» متشدد، ويخالف «الوسطية» التي كان عليها الإمام الشهيد حسن البنا، ويجب على الإخوان التخلي عن تفسير الظلال.. رد المرشد العام على ذلك بأن سيد في "الظلال" كان «يواسي» جراح الإخوان المظلومين، ويمسح على آلامهم، ويرفع معنوياتهم..

ومن المعلوم أن الدكتور محمد بديع كان من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين، الذي كان يقوده سيد قطب، والمعروف باسم تنظيم عام (1965)، وأنه يعرف سيد قطب عن قرب.. ومن المعلوم أن سيد قطب قاد تنظيم الإخوان في تلك الفترة بإذن مباشر من المرشد العام الهضيبي رحمه الله، وأن قيادته للتنظيم كانت «شرعية» صحيحة، وقد دفع ثمنها بالشهادة عام 1966.

وقد «اعتز» المرشد العام بمحبته لسيد، وسمعته يقول في الحوار مع عبدالغني: «أعترف أنني أحب الأستاذ سيد قطب حباً جماً». وقال له: «كان الأستاذ سيد قطب أرق شخصية تعاملت معها، وأحسن إنسان رأيته». وقال: «إذا أردت أن تعرف سيد قطب فتعرف عليه من سلوكه وأخلاقه وتصرفاته، وليس مما فهمت أنت خطأ من كلامه». وقال: «لقد كان سيد في قمة الشاعرية وهو يؤلف كتابه الرائع: التصوير الفني في القرآن»..

وشهد المرشد العام لسيد بأنه ضد الإرهاب والتدمير والقتل والإفساد، وأشار إلى حقيقة موقفه من الأقباط، وقال بأنه عُيِّن في أسيوط عام 1965، في بداية حياته الوظيفية، فوجد فيها التعصب الشديد بين المسلمين والأقباط في أسيوط، ولما رجع إلى القاهرة في مايو «أيار» عام 1965 والتقى بسيد، وأخبره عن التعصب الشديد، نصحه سيد بأن يقول للمسلم المتعصب: هل دينك يأمرك أن تؤذي أخاك المسيحي!!

ونقل المرشد العام كلام الأمريكي «روجان» عن سيد قطب: «إن هذا الرجل تكرهه الحكومات الظالمة المستبدة، لأنه جاهدها جهاداً سلمياً»!

يا فضيلة المرشد العام: كل محبي سيد قطب يشكرونك شكراً جزيلاً على إنصافك الكبير لسيد قطب!!