تاريخ سورية
13
الأحزاب السياسية ما قبل الاستقلال
" 4 "
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
هذه الحلقة الرابعة والأخيرة من تاريخ الأحزاب السياسية ما قبل الاستقلال ، وقد عملت جهدي أن أكون مُنصفاً لها ، مُستعيناً بالمراجع حيناً وبالنتائج أحياناً أُخرى ، فلا يُكتفى أن نرفع الشعارات دون مُحاولة تطبيقها ، أو رمي الفشل على الدوام على عناصر لا نستطيع الاقتناع بها ، ولقد عمل حزب البعث منذ تأسيسه في الأُمّة السورية عمل المعول الذي هدم كل بُنيان سياسي واجتماعي ترابطي وديني – وهنا حديثي فقط عن سورية والى فترة ماقبل الإنقلاب الأول وبحسب ماورد في المراجع - ومثله الحزب الشيوعي البكداشي السوفيتي العميل الذي لم يُثبت ولاءه يوما للوطن ، وما عدا هذين الحزبين كانت تعترضهما عثرات وسقطات ، نجاحات وإخفاقات ، ولكن على العموم لم يكونوا راغبين بالإساءة ، فلا يهمنا دين أحد أو مُعتقده في العمل الوطني ، بل يهمنا ما يُقدمه للوطن ، وعندنا الرجل العادل من أي ملةٍ مُقدم على الفاسد حتى وإن كان أخي من أُمي وأبي ، ولكن في نفس الوقت على الأحزاب والجمعيات والشخصيات أن تحترم الأديان وعقائد الناس وتسعى إلى تسهيل أمورهم الدينية ، وتسن القوانين بما لا يتعارض مع عقيدة الأُمّة ، فلقد أثبت فارس الخوري المسيحي الزعيم الوطني تعايشه مع كل المكونات السورية دون أن يكون لأحد عليه من حرج في تولي المسئوليات الكبار ، وكذلك جميل مردم وسلطان الأطرش الذي قاد الثورة السورية الكبرى والكثير من القيادات من كل الطوائف والعرقيات ، عندما عملت معاً ، وجنباً الى جنب دون غضاضة في تعايش قل نظيره بين فئات الشعب في ظل أجواء الحرية
وأما حزب البعث العربي الاشتراكي : وأنا هنا أُريد أن أُفرق بين مبادئ حزب البعث الأصلية بين النظرية والتطبيق ، بين الرجال الذين عملوا بإخلاص لمبادئهم وهم كُثر وبين من خانوا قضيتهم ، بين من اقتنع بمبادئه الرنّانة وخُدع بها وبين الذين تاجروا بها ، وإننا كحزب نحترم وجوده ونحترم رجاله المخلصين ، كما وأنّ عليه احترام وجودنا ، وأن على أعضائه مسؤولية الانقلاب الذي يدعو الحزب إليها لتغيير أوضاعه ، كما وأننا لا نُطالب بتغيره بل بتنفيذ شعاراته وبنوده ، ومن المفترض على مؤتمراته القيادية والقطرية وو... أن تنتفض وإلا سيبقى كالوباء يقتل نفسه ومعه غيره كما ضحت بقياداته الوطنية المُبعدة، ونحن ندعو إلى الثورة فيه كما تلقينا مثل هذه الدعوات من العديد من أعضائه لتصحيح مساره ، وإلا سيكون مصيره إلى الدعوة لاجتثاثه كما حصل في العراق ، وهو ما لا نتمناه لأي حزب كان وحتى لحزب البعث الذي ذقنا من وراءه الأمرين ، بل ندعوا الى اصلاحه وإعادة تقيمه وترميمه ليتماشى مع الحالة الوطنية الحرة ومشاعر الجماهير ورغباتها وتطلعاتها
فهو في أساس تأسيسه منظمة سياسية قومية شعبية اشتراكية انقلابية تأسست عام 1940 على يد ميشيل عفلق عميد الحزب وصلاح البيطار أمين الحزب العام وفيما بعد بانضمام أكرم الحوراني
وهو حزب تأسس في دمشق بأفكار مُستوردة مع بداية الأربعينات الذي كان يعمل تحت اسم " حركة الإحياء العربي ، ليتغير اسمه إلى " الحزب العربي القومي " عام 1941 ليصير فيما بعد باسم" البعث العربي عام 1943" الذي أسسه فيما مضى زكي الأرسوزي في دمشق عام 1940 ، عندما انضمت قواعد الحزبين - البعث العربي و العربي القومي – في حزب واحد وأدّى ذلك الى انزعاج الأرسوزي وانسحابه من الحياة الحزبية ، وهذا الحزب في أساس قيامه على خلفية الثقافة التغريبية التي اكتسبها مؤسسيه ميشيل عفلق وزميله صلاح البيطار أثناء دراستهما في فرنسا من عام 1929 الى 1934 اللذان تأثرا بالفكر الاشتراكي الفرنسي ، ونالا دعم الشيوعيين الفرنسيين بشكل مُفرط ، وهؤلاء من أيدوا بقاء الانتداب على سورية عام 1936 عندما كان الوطنيون يبذلون قُصارى جهدهم للتخلص منه ، هؤلاء الفرنسيين المُستعمرين الذين شاركوا الروس والإنكليز على تقسيم الأرض الإسلامية وتمزيقها وقضم أجزائها بأبعاد دينية صليبية تحت دعاوي تمدين سورية والسوريين فقسموها الى ست دول ، واستولو على الوقف الإسلامي دون غيره ليعبثوا به ، وشرعنوا للحالة الطائفية بقوانين وفرقوا على أساسه بين المواطنين السوريين ، كما فعل بوش عند تدميره للعراق تحت مُسمّى نشر الديمقراطية فقسمها مبدأياً الى ثلاث دول وكذلك على أساس طائفي لترسيخ الفرقة ومن ثُم التناحر والإختلاف ، والتي وصفها الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله " بمهزلة المهازل في عهد العلمانيين "
وهما لا يُنكرا فضل مناهلهما – عفلق والبيطار- الأساس وهو الحزب الشيوعي ، فأنشأ عند عودتهما الى سورية عام 1935 صحيفة الطليعة ، ليؤسسا للبعث عبر رفعهما الشعارات البرّاقة التي لم تكن بأكثر من جوفاء ، وقد ثبت ذلك من وراء ممارسات الحزب العملية التي فُهم منها بقصد الوصول للسلطة والتسلق والتملق والعبث في الساحة السياسية والترابط الإجتماعي عبر النيل من الرموز الوطنية وخلق الصراعات البينية على قاعدة فرق تسد بين المدينة والقرية ، وبين الأديان والأعراق والطوائف ‘ مُشتركا معهم فيما بعد أكرم الحوراني، وقد وُصف حزب البعث بالفوضوي والهدّام كما وصفته الصحف بعد تأسيسه ومُعادي للدين الإسلامي ، كونه يرى في نفسه إمكانية إحلال أفكاره المُختلطة مابين التراكمية الشيوعية والمعادية للدين الإسلامي مكان تعاليم الإسلام السمحاء التي بقيت راعية لكل الأديان والأفكار على مدار قرون قد خلت ، حتى أنّ زكي الأرسوزي نادى بالعودة الى العصر الجاهلي قبل الإسلام ، وسمّاه بالعصر الذهبي والبطولي ، فتبنى البعث بفكرته من الإسلام ما كان جاهلياً فقط ، ولم يأتي دستوره آنذاك على ذكر الإسلام بشيء ، سوى أفكار طرحها عفلق كقصاصات رفعا للإحراج ،بل لم يحمل وصفاً للعاملين في مجال الدعوة إلا بالرجعية وكيل الاتهامات الباطلة بالعمالة التي لم يتسم بها إلا هو ، بعدما رُفعت السرية عن الكثير من الوثائق ، وكان همّه الوحيد في تلك الفترة تفتيت الجبهة الوطنية وبث الفرقة فيها وبين الناس ، وهو بعيد عن الإصلاح والبناء الذي يدعو له ولا يفعل شيء تجاهه
وهو يرى نفسه كما جاء في خطاب عفلق 1957 أنّ وجود الاستعمار في سورية كنتيجة للموجودات من المكونات السياسية والاجتماعية ، وبمعنى بأن لا يكون زوال الاستعمار إلا بوجود البعث – المُتفهم لأفكارهم الاشتراكية المُرتبطة بأرض المنشأ – عن عفلق في سبيل البعث صفحة 207، وهو يركب كل موجة وإن كانت مُتناقضة مع مبادئه وشعاراته ، فهو يدعوا إلى الوحدة ، وهو أول من يزرع الشقاق بين الأطراف السياسية ويتهمها بالعمالة والرجعية ، واعتباره الكتلة الوطنية ومن بعدها الحزب الوطني والشعب حصون للرجعية ، وهو من انقلب على الوحدة مع مصر ، وكذلك يدعو إلى الحرية ، وهو أول من أيد وبارك ودعم الانقلاب العسكري الأول للجنرال حسني الزعيم وطالب بمُحاكمة العهد الوطني وسماه بالبائد ، وكذلك أيد جميع الإنقلابات العسكرية من بعده ، والاشتراكية التي وصلت شراكتها إلى كل بيت سوري في مقدار الظلم والتجويع وتوزيع المُعاناة ، فلم يكد بيت في سورية إلا وأخذ نصيبه من هذه الشراكة التي تتوسع يوماً بعد يوم وتتنوع أساليبها وأفانينها تحت المُسميات والشعارات البراقة ، عدا عن ذلك ما لحق الرفاق المؤسسين عفلق والبيطار والحوراني وكبار القيادات من التصفيات والقتل والإبعاد ، حتى أنّ معظمهم قضى وارتحل إلى الله في السجون أو على أرض المنافي ، ولم يُسمح بنقل رُفاتهم الى أرض الوطن ، فميشيل عفلق نُبش قبره في بغداد وصُلب وأُحرق وعُبث بجسده من كل أجزاءه ، والحوراني دُفن على حدود دمشق في الأردن ، والبيطار قُتل غدراً في باريس ، وهو يُراوغ كما يُراوغ الثعلب في أساليبه للوصول ، حتى سُمي أحد رموزه بثعلب الشرق الأوسط لخبث أدواته وأساليب مكره كما ورد على لسان السياسيين السوريين
ولا مانع أن نعرض أفكار البعث كما وردت في أدبياته، فهو يدعو إلى الوحدة العربية ويبشر بالفكر القومي. ويوصف حزب البعث على أنه مزيج من الاشتراكية، والقومية العربية " بينما هو خليط من الأفكار الشيوعية والرؤى الشمولية كما وصفته صحف الأربعينيات ".وفي تناقض واضح تبنى المبدأ السياسي وهو في نفس الوقت يعمل أيضاً على أساس الانقلاب الشعبي ضد الحاكم الظالم أو العميل أو من يواكب الاستعمار . " فأين نجد هذا الانقلاب على الفاسدين سوى التهليل والتصفيق ؟ "
وقد اصطدمت قوميته المُزايدية مع الحكومات العربية المختلفة في أماكن وجود الحزب. ويرفع الحزب شعار "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" أما أهدافه فهي "وحدة، حرية، اشتراكية". وترمز "الوحدة" إلى اتحاد الأقطار العربية "– فماذا تحقق منها سوى المزيد من الشرذمة ؟ "، و"الحرية" من القيود الأوروبية وتحرر الأقطار العربية منها –" ولما لا يكون من السوفيتية أيضاً والشيوعية والاحتضان الفرنسي الأمريكي ؟.
وميشيل عفلق ومعه صلاح البيطار وأكرم الحوراني وقيادات حزبية أُخرى " اللذين غيروا الكثير من أفكارهم فيما بعد " وهم ينحدروا من الطبقة المتعلمة المتوسطة في دمشق. فبعد عودتهم من دراستهم في باريس إلى دمشق عام 1933، بدءوا بالتبشير بأفكارهم في وسط الطلاب والشباب وعملوا على نشرها بين الشباب من طلبة المدارس والجامعات، إلا أن تجمعهم لم يتحول إلى حركة سياسية إلا في بداية الأربعينات حين شكل عفلق و البيطار جماعة سياسية منظمة باسم الإحياء العربي التي أصدرت بيانها الأول في شباط عام 1941.
. وابتداء من حزيران 1943 أصبحت بيانات الحركة تحمل اسم "البعث العربي". ومن الأعضاء المؤسسين ابن مدينة دير الزور المحامي جلال السيد.
يرد في بعض المصادر أن لزكي الأرسوزي من لواء الاسكندرون دور في تأسيس حزب البعث، إلا أن كل الشواهد التاريخية تدل على ان الأرسوزي لم يكن له اي دور أو أية علاقة في تأسيس حزب البعث العربي، و هو و إن كان من دعاة القومية العربية، إلا أن فكره يختلف جذريا عن فكر البعث، حيث أنه "لا يدخل الاشتراكية في فلسفته السياسية، و هو أقرب إلى التفكير النازي" كما يقول جلال السيد في كتابه "حزب البعث العربي".
خاضت حركة البعث الانتخابات العامة في سوريا عام 1943 للإعلان عن مبادئها على أوسع نطاق، ورشح ميشيل عفلق نفسه في بيان حمل أول وأقدم شعارات الحزب: "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة". وكان الأستاذان عفلق والبيطار قد استقالا من مهنة التدريس قبل ذلك بعام ليتفرغا للعمل الحزبي، وافتتحا أول مكتب للحزب في دمشق سنة 1945، و في هذا التاريخ تم أول حفل لأداء القسم في حياة الحزب و لم يكن عدد أعضائه يومذاك يتجاوز الأربعمائة. وفي تموز عام 1946 صدرت جريدة البعث اليومية.
تم تأسيس حزب البعث بصورة رسمية عندما انعقد مؤتمره الأول في دمشق في 7 نيسان 1947 و أنتخب ميشيل عفلق عميدا له. في سنة 1952، ثم اندمج حزب البعث مع الحزب العربي الاشتراكي الذي كان يرأسه أكرم الحوراني في حزب واحد أصبح اسمه "حزب البعث العربي الاشتراكي" كحزب قومي علماني لمواجهة الأحزاب الإسلامية والوطنية
أزمة حزب البعث العربي الاشتراكي:
وكون الحزب يعتمد في إيديولوجيته على شعار توحيد جميع الدول العربية في دولة واحدة وبتبني المنهج الاشتراكي فيتطلب ذلك منه تطبيق هذه الإيديولوجية. وقد عانى الحزب من ثلاث مشاكل هزت كيانه ومصداقيته، الأولى عدم وجود منهج وبرنامج عمل علمي واضح المعالم يمكن تنفيذ أفكاره على الأرض فبقي أسير أهدافه التي بقيت شعارات لم تجد من ينفذها على بساطتها ويسر تحقيقها. والثانية تسلط أشخاص غير مؤمنين بفكر الحزب على قياداته التنظيمية والرسمية بعد توليه السلطة لأكثر من مرة وفي أكثر من دولة عربية. والثالثة تبنيه لأسلوب تنظيم الأحزاب الشيوعية، أشبه بالتنظيمات الاستخبارية منها إلى التنظيمات السياسية، معتمدةً على أكبر قدر من الاستقطاب الحزبي لمنتمي الحزب دون الاهتمام بنوع العناصر وتأثيرها الاجتماعي، مما شجع المغامرين والانتهازيين بتحقيق المطامح الشخصية وعلى أحداث انشقاقات مستمرة في الحزب منذ نشأته
( "موقف الأحزاب الوطنية من حزب البعث : كانت نظرة عدائية كارهة له ولمعظم رموزه الذين لعبوا في الساحة الوطنية وعبثوا بها، حتى وصفت الصحف ميشيل عفلق بالموهوم ، وأنه بدأ حياته في الحزب الشيوعي وهو لا يزال تلميذا فيه وتلقى أكبر دعمه منه ، وانه شبّ على أفكاره الفوضوية وترعرع في أحضانه مدة طويلة ، ثُم حاول التغلب على خالد بكداش للوصول إلى رئاسة الحزب فلم يُفلح ، في نفس الوقت الذي يدعي بأن أساس منشأه وطني وهو ينفي هذه التهم عن نفسه ، كما وقد وصفوا البعث لعبارته بالانقلابي بأنه هدام وفوضوي وبعيد عن الإصلاح والبناء ، وعند وقوع انقلاب الدكتاتور حسني الزعيم قام ميشيل عفلق وقيادة البعث بما فيهم السيد أكرم الحوراني الذي كان يتزعم الحزب العربي الاشتراكي والذي كان اسمه حزب الشباب بمباركة الخطوة بل وما كان سائداً بأنه على عاتق الحوراني اُلقيت المهام الغامضة كمستشار قانوني للحكم ، واتخذ من وزارة الدفاع مقراً له يُعد فيه البلاغات الأولى لحركة الانقلاب التي أسماها بالثورية ، واعتبر وحلفائه قيامها بإرادة الشعب ، بل وطالبوا الزعيم بمحاكمة العهد الوطني البائد وصنائعه كما أسموه في بيانهم ، بينما الزعيم الوطني فارس الخوري عندما رأى الانقلاب ومن أول أيامه لم يوجه الى الدكتاتور إلا كلمات .. سامحك الله فقد فتحت باباً يصعب على التاريخ إغلاقه
وكان موقف البعث فيما بعد من الحزب الشيوعي: كما صدر عن مكتب البعث عن الدكتور مدحت البيطار عام 1945 ، بأن هذا الحزب دعامة للشعوبية وداعية للأجنبي ولذلك فقد دعى إلى محاربته ووزع على الصحف السورية بياناً مطولاً بهذا الخصوص") ومع ذلك فهما يتفقا في خصومتهما للقوى الوطنية والإسلامية ، ويجتمعا في كثير من الأحيان رغم عدائهما الشديد ، في تناقض كبير للتعبير في الموقف المبدئي
الحزب الشيوعي :
هذا الحزب كما وصفه نظيره البعثي بأنه دعامة للشعوبية وداعية للأجنبي وأول تأسيسه كان باسم حزب الشعب اللبناني في 2810 1924 ، ومن أبرز مؤسسيه فؤاد الشمالي وهو مصري من أصل لبناني ويوسف إبراهيم وفريد طعمة وبطرس قشعمي وبرغر اليهودي وأُطلق عليه لقب أبناء عشرة لينين ، تأسس هذا الحزب على يد عناصر طائفية وعرقية من نفر من الشباب السوريين واللبنانيين عرب وأرمن ويهود وسواهما ، كانوا تعرفوا على الشيوعية في صفوف الحزب الشيوعي المصري وفي فلسطين أثناء حراك الصهاينة وفي المهاجر ، وقد تبنى هذا الحزب التعاليم الماركسية اللينينية ، واعتبر نفسه جزءاً من الحركة الشيوعية العالمية ، التي من أهم مؤشراتها الالتفاف حول الإتحاد السوفيتي ، وفي سنة 1925 جرت اتصالات بين حزب الأرمن البلشفيين "حزب عصبة سبارتكوس " بزعامة مادويان وحزب الشعب انتهت إلى حل الحزبين وتأسيس الحزب الشيوعي السوري اللبناني وألفوا لجنتهم المركزية وعلى رأسها اليهودي الروسي القادم من فلسطين أكوب بيتر ، واُنتخب سكرتيراً عاماً وأسموه بالرفيق شامي
وفي دمشق تأسست أول حلقة شيوعية على يد شاتيلا فانضم إليه آنذاك خالد بكداش
وفي الثلاثينيات اختفى بيتر وأبو زيام وبوغر من اليهود الذين كانوا يُشرفون على الحزب ليحل محلهم خالد بكداش الشاب الكردي ذو العشرين عاما بجدارة لحمل رايتهم وعلى رأس زعامة الحزب ، ومعه رفيق رضا وفرج الحلو اللذان استوليا على الحزب في ظروف غامضة وطرد المؤسسين قادة الحزب كيوسف يزبك وفؤاد الشمالي ، وظل هؤلاء يقودون الحزب إلى عهد الوحدة ويطورونه ، ليستفيد بكداش من كونه كردياً وفردا بارزا ومن إحدى الأسر الكبرى لإدخال أتباع له على أسس عرقية ودينية ، وخاصة في الأحياء الفقيرة عند الأكراد والفلاحين في دمشق ، ليمتد فيما بعد الى المدن الأخرى
ومر الحزب بين فترتي 1932-1936بتركيز عقائدي ونشاط ثقافي وإشراف خارجي عبر البولوني ويُدعى نخمان لتيفنسكي الذي كان يتنقل مابين فلسطين وسورية ولبنان يهيئ للاجتماعات ويُحلل الوضع ويختار الشباب الذين سيوفدهم إلى موسكو لتلقي التعاليم الماركسية في معهد الشيوعيين الشرقيين وأصدروا مجلة الطليعة لنشر الأفكار الشيوعية ، ودافعوا عن فرنسا بتسليمها لواء اسكندرون مُعتبرين ذلك موقفاً فردياً لا يُعبر عن جميع الفرنسيين ، في محاولة لتسخيف وتسفيه الشعب السوري
وفي 31121944 اجتمع ممثلي الحزب في كل من لبنان وسورية وكان عددهم 190 عضو ينوبون عن سبعة الآلاف شيوعي وقرروا فصل الحزب إلى حزبين سوري ولبناني وانتخاب لجنة مركزية تُشرف على الحزبين ، مُستهدفين في خطابهم الفلاح والقطاعات الفقيرة بشعارات الحرية ورفع مستوى البلاد الاقتصادي والمساواة والاستقلال ، وعندما تحررت سورية ولبنان من الانتداب الفرنسي ، تحولت تبعية هذا الحزب الشيوعي السوري واللبناني إلى الإتحاد السوفيتي مباشرة عن طريق سفارته ، وكان موقفه من القضية الفلسطينية مُهين ، إذ اعترف بوجود الكيان الصهيوني وأعلن مناصرته له كما صوت الإتحاد السوفيتي في الأمم المتحدة في 29111947 لصالحة إقامة دولة يهودية ثم اعترافه بدولة إسرائيل أيار 1948 ، واعتبر الحزب الشيوعي القوى المُناهضة لذلك بأنها رجعية ، فطورد على إثر ذلك وحُلّ الحزب في 121948 وعاد إلى نشاطه السري حتى عام 1954 ، واستطاع أن يدخل البرلمان بأول نائب له في هذا العام منذ تأسيسه، وقد سخر منه السوريين عندما أطلق على نفسه حزب الجلاء وهو في نفس الوقت لا يُرى على الخارطة السورية عدا عن أنه منبوذ حكومياً وشعبياً ، وظهور عمالته ودناسته واستفزازه لمشاعر الجماهير بتواطئه ومُناصرته للصهاينة في فلسطين ، والتهجم على الحكام العرب الذين رفضوا التقسيم ووقف القتال ضدهم وتبعيته للإتحاد السوفيتي ومصالحها ، وبيعه لتراب الوطن بالثمن البخس ، هذا عدا عن مجاهرته بتعديه على الأديان والذات الإلهية ، وقيامه بأعمال البلطجة ، وتهجمه على الأحزاب السورية واتهامها بالعمالة للاستعمار والإمبريالية ، والإخلال بالأمن وإثارة الشغب ، مما أدى ذلك إلى تصاعد لهجة العداء التي وصلت ذروتها عندما وقع الصدام العربي الإسرائيلي ووقوفه إلى جانب الأخير، مما أدى إلى ملاحقتهم جماهيرياً وحكومياً
وكان للحزب واجهات سياسية فيما يلي أهمها :
1- لجنة مكافحة النازية والفاشية في سورية ولبنان
2- أنصار السلام في سورية
3- عصبة الطلبة الديمقراطيين العرب
4- جمعية أصدقاء الاتحاد السوفيتي بدمشق
وكان للحزب واجهات حزبية
1- رابطة الكتاب السوريين وصارت تدعى برابطة الكتاب العرب
2- اتحاد الطلاب الديمقراطيين
3- اتحاد الفلاحين السوريين
4- مؤتمر العمال السوريين
5- جمعية حماية الأمومة والطفولة
وكل هذه الجمعيات أصبحت بحكم المُنحلة بعد قيام الوحدة مع مصر
وأما صحف الحزب : جريدة الإنسانية ، وجريدة صوت الشعب وجريدة النور والنداء والفجر ونضال الشعب والسلام ومجلة الطريق والثقافة الوطنية ونضال الجماهير
الحزب السوري القومي الاجتماعي أنشأه أنطون سعادة سريّاً في لبنان 16111932 و انكشف في 16 نوفمبر 1936 لسلطات الانتداب الفرنسية التي سجنت أعضاءه آنذاك.
وللأمانة التاريخية أستطيع أن أقول بأنه لا يُعرف في الوطن العربي حزباً تتالت عليه المصائب والنكبات في ذلك الحين ومحاولات التصفية كالحزب القومي السوري القومي الاجتماعي أو الحزب القومي كما هو شائع على الألسن ، فاتهم في لبنان بمحاولة قلب الحكم والتي على ضوءها فيما بعد أعدم أنطوان سعادة عندما لجأ لسورية وسلمه الزعيم وأُعدم رميا بالرصاص وكان لصاحب الدور الأكبر في التحريض على الحزب القومي لأكرم الحوراني وجماعته من الضباط البعثيين كما ورد عن الحزب والسياسيين ، لأن أكرم الحوراني كان يخشى من ازدياد نفوز الحزب القومي السوري في الجيش ، وهو الذي كان يريد أن يكون الجيش قلعته يتحصن بها ، ولا يسمح لأحد غيره وغير حزبه أن يقترب منها ، ولذلك نرى جريدة البعث بحينها أول من طالب بتصفية الحزب ، مما يبعث على الشكوك فيما بعد بفكرة المؤامرة من وراء اغتيال المالكي ، ربما يكون العسكريين البعثيين من قام بها وأُلصقت بالقومي السوري
وكما جاء في كتاب باتريك سيل الصراع على سورية صفحة 95 عن مفهوم الحزب للوحدة العضوية للمجتمع السوري : بأنها لا تستند إلى العرق أو الدم فضلاً عن عدم استنادها على العروبة والإسلام ، ولكنها تستند إلى التاريخ بدءاً بشعوب العصر الحجري !ً بالأكاديين والكنعانيين والكل دانيين والأشوريين والآراميين والعمريين والحثيين
بل أنّ أنطوان سعادة يُشير في كتابه نشوء الأمم الى أنّ المسيحية الشرقية – وينتمي هو إلى اليونان الأرثوذكس – هي هوية الأمة السورية ، التي لم تُحسن الدفاع عن نفسها أمام غزو الجزيريين أي العرب والمسلمين الفاتحين ، وربما كانت الرسالة الحقيقية للحزب إعادة الأمّة الى تلك الهوية ، أو اعادة هذه الهوية لها مرّة أُخرى
علم الحزب
مُلحق من اليوكيبيديا
عانى الحزب من النظام السياسي و الاجتماعي الطائفي المكرّس دستورياً في لبنان و الانقلابات العسكرية في سوريا مما أدى لاصطدامه على الدوام مع الطبقات السياسية الطائفية في لبنان و الحكم العسكري في سوريا.
أنطون سعادة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي
دخل الحزب في صراع مع السلطات في لبنان تحت الانتداب الفرنسي منذ إنشائه، و اعتبرته السلطات الفرنسية ثم اللبنانية حزباً غير شرعيّ. بعد اعتقال مؤسسه وأعضاءه ثلاث مرات بين عامي 1936 و 1938، سافر أنطون سعادة إلى أميركا الجنوبيةة متنقلاً بين البرازيل والأرجنتين لتسع سنوات نشر فيها عقيدته بين المغتربين السوريين-اللبنانيين هناك، وعاد إلى لبنان عام 1947 ليصطدم مع السلطات اللبنانية المستقلة حديثاً.
شاركت فصائل مسلحة للحزب في فلسطين في الثورات المتتالية حتى حرب 1948 ضد إنشاء إسرائيل.
اصطدم الحزب مع مجموعة من حزب الكتائب سوريا برغبة من حاكمها العسكري آنذاك حسني الزعيم الذي عاد فسلمه للسلطات اللبنانية يوم 6 يوليو/تموز 1949 فأعدمته رمياً بالرصاص بعد يومين. انتقل ثقل الحزب بعدها إلى سورية ليشارك بقوة في الحياة السياسية والبرلمانية حتى اغتيال نائب رئيس أركان الجيش السوري العقيد عدنان المالكي واتهام رقيب سوري قومي يدعى يونس عبد الرحيم بتنفيذ الجريمة عام 1955 حُظر الحزب على إثرها من ممارسة نشاطه رسمياً في سوريا حتى عام 2005. نتيجة هذا الاغتيال حصل انشقاق داخلي في الحزب قام به جورج عبد المسيح لعلاقته بالمؤامرة. استمر عبد المسيح يقود فصيلاً يحمل نفس اسم الحزب "جناح الانتفاضة" ويعتمد نفس العقيدة والدستور و تختلف فيه القيادة فقط، ولا يزال هذا الجناح ناشطاً حتى الآن.
للحزب نشاطات خارج سوريا الطبيعية، حيث له فروع كثيرة في المهجر حيث الجاليات السورية-اللبنانية، بينما يناصره القليل في الأردن وفلسطين و باقي أجزاء سوريا الطبيعية عدا عن سورية ولبنان.
[عدل] العقيدة
يعتبر أن "السوريين أمة تامة" و أن "القضية السورية قضية قومية قائمة بنفسها و مستقلة عن أية قضية أخرى" أهداف الحزب الأساسية تتمثل في النهوض بسوريا الطبيعية بكل المجالات و توحيدها لأنها تشكل وحدة جغرافية واحدة لها اسم تاريخي هو الهلال الخصيب. تشير عقيدة الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى أن العراق (حتى الكويت و الأحواز) و الشام (الجمهورية العربية السورية) و لبنان والأردن وفلسطين و أطراف جغرافية أخرى مثل سيناء و قبرص و كيليكيا و هضبة عينتاب هي وحدة جغرافية واحدة تضم أمة واحدة فُرِّقت بقرارات استعمارية.
وقد انتهج الحزب سياسة علمانية بتركيزه على فصل الدين عن الدولة و منع رجال الدين من التدخل في شؤون الدولة، وسياسة اجتماعية اقتصادية تضعه في يمين الوسط بمحاربته الإقطاع و دعوته لتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج لصيانة حق المجتمع و الدولة. و يعد الحزب القومي من أشد الأحزاب السورية و أقواها تنظيمياً.
وكان للحزب القومي السوري في سورية جريدة الجيل الجديد والبناء اللتان تصدران من دمشق ومجلة القيثارة من اللاذقية
بعض المراجع التي تم الاعتماد عليها في أبحاثي ومقالاتي عن تاريخ سورية
1- مذكرات ومنشورات ومقالات السياسيين السوريين
2- صحف ومجلات وجرائد سورية قديمة
3- مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية
4- موقع جماعة الإخوان المسلمين السوريين
5- مواقع في ألنت ويوكيبيديا وعبر الجو جل
6- صحف ومراجع لبنانية متعددة
7- الاحزاب السياسية في سورية السرية والعلنية لهاشم عثمان
8- الحكومات السورية في القرن العشرين لسعاد جمعة وحسن ظاظا
9- الصراع على سورية باتريك سيل
10- الأسد الصراع على الشرق الأوسط لباتريك سيل
11- صحوة الرجل المريض لموفق بن المرجة
12- تاريخ دمشق ومن حكمها خليل طيب
13- المحاكمات السياسية في سورية هاشم عثمان
14- عبد الرحمن الشهبندر حياته وجهاده لحسن الحكيم
15- الصراع على السلطة في سورية نيقولاوس فان دام
16- هؤلاء حكموا دمشق لسليمان المدني
17- كفاح الشعب العربي السوري لاحسان هنيدي
18- مصطفى السباعي الداعية المجدد للدكتور عدنان زرزور
19- الحياة الجزئية في سورية محمد حرب فرزات
20- الحكومة العربية في دمشق
21- النضال التحرري الوطني في لبنان
22- الثورة العربية الكبرى ثلاثة أجزاء لامين السعيد
23- الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية لإسحاق موسى
24- دمشق والقدس في العشرينات لعدنان مردم بك
25- الحكومة العربية في دمشق للدكتورة خيرية قاسمية
26- الوثائق التاريخية المتعلقة بالقضية السورية في العهدين العربي الفيصلي والانتداب الفرنسي حسن الحكيم رئيس وزراء سورية السابق
27- سورية من الاحتلال إلى الجلاء نجيب الارمنازي
28- تاريخ سورية المعاصر للدكتور غسان محمد رشاد حداد
29- تاريخ لبنان للدكتور علي معطي
30- سورية ولبنان وفلسطين تحت الحكم التركي ترجمة الدكتور يس جابر
31- كتيب لم أعثر على اسمه ولا مؤلفه وهو من النوع القيم يتكلم عن الأحزاب السياسية
32- مؤلفات ومراجع عن الخلافة العثمانية تتجاوز الخمسين ، وهذا فيما يخص بحث المخطط التفصيلي للسلاطين العثمانيين