يا رب تنجح يا روءه !!
يا رب تنجح يا روءه !!
علاء الدين حمدى
ـ لا أدرى سببا واحدا معقولا للحملة الشرسة التى يشنها البعض على الوزير الفنان فاروق حسنى وزير ثقافة مصر المحروسة بسبب مسعاه الحميد للفوز بمنصب أمين عام منظمة اليونسكو ! ومهاجمته بكل هذه الضراوة والغل وبطريقة غير وطنية تستوى تماما مع ما يفعله يهود العالم نحوه ! الى الدرجة التى تفرض على عقلاء هذه الأمة ضرورة التدخل السريع لوقف هذه الحملة المسعورة ، بل وتوجيه تهمة الخيانة العظمى لأؤلئك المهاجمين المعوقين لتطلعات أمتهم وأحلام وطنهم المشروعة نحو غد أكثر إشراقا وتنويرا ، بمحاولاتهم الدائبة غير البريئة لمنع ما سيناله هذا الوطن الغالى ، إذا ما نجح الرجل فى مسعاه ، من ارتقاء ونهضة فكرية وثقافية نادرا ما تتكرر فى ظل حكومات الحزب الجاثم !
ـ لم يع المهاجمون أن فوز الرجل بالمنصب الأممى الرفيع إنما يمثل فرصة ذهبية حقيقية لمستقبل أجيالنا القادمة وتطلعاتها الفكرية ، فرصة ذهبية لأنها ستجبر الحزب الجاثم إما على إلغاء وزارة الثقافة من بعده ! وإما على اختيار وزير جديد ، بعد 22 عاما أفناها الوزير الفنان من زهرة عمره فى "تثقيف" هذا الشعب الجاحد الناكر للجميل ، نتج عنها إبداع راق ، وثقافة رائعة ، وذوق رفيع ، ونهضة فكرية ملموسة تظهر فى كل مكان وعلى كل لسان لا يراها إلا " المخلصون " لتراب هذا الوطن الجميل ، وجهد وافر كبير لحماية تراثنا وأثارنا التى أصبحت ، وياله من فخر ، متوافرة بالكثرة التى جعلتها تمثل الآن جزء أساسيا من ديكور أغلب البيوت الغربية ، بعد أن كانت تقبع مكسوة بالتراب داخل قباء مصرية سيئة غير مطابقة للمواصفات يطلق عليها مجازا اسم متاحف ! ورغم ذلك يدعى الجاحدون أنها سرقت أو أهديت ! ويا له من ظلم وافتراء وعدم إدراك ! وغير ذلك الكثير الذى لا يمكن أن يحصيه مقال من بضعة أسطر ، مما بدأه الرجل ولم يدخر جهدا لتحقيقه منذ أن " تبوأ " مقعده فى الوزارة ، ليظل راسخا رسوخ الأطواد والجبال ، تتبدل الشخوص والأشكال من حوله وهو " متبوء " على مقعده ، خالدا كخلود الأهرامات ، شامخا كمسلات أجداده ، ثابتا كأبى الهول ، مستقرا دون تبديل أو تغيير ، ليتحول الى أسطورة حية من أساطير التاريخ المصرى ، ورمزا لأبدية حزبه الجاثم أجيالا وراء أجيال استطاعت وزارته وكتيبته المقاتلة من أجل ثقافة أفضل لهذا الشعب المتفرعن النمرود المجبول على الاعتراض ، أن تفعل به ما لم يفعله مسئولو الثقافة الأولون من عهد " مينا " موحد القطرين ! ، من تعزيز لفكر " الروشنة " وثقافة "الكول" وباقى مصطلحات اللغة الثقافية الراقية المتحضرة التى تستخدمها الأجيال المصرية الصاعدة الواعدة من عمر الثلاثين فأقل نتيجة تشبعها واستيعابها الجيد الذكى للفكر الثقافى " الفاروقى " ، وغير ذلك مما لا ينكره إلا كل مغرض جاحد يحمل فى يده معولا لهدم كل رمز جميل فى هذا البلد !
ـ هاجموه لأنه دعى " مزيكاتى" إسرائيلى لدار الأوبرا المصرية ، ثم اتضح بعد ذلك أنه أخ " شقيق " قادم من الأرض المحتلة بل ويحمل الجنسية الفلسطينية أيضا ! ثم لما خاب اتهامهم وطاش سهمهم ، هاجموه لأنه اعتذر بكلمات نادمة رقيقة عن سابق إساءته إلى الثقافة اليهودية ، للدرجة التى أتبع اعتذاره عمليا بالسماح بنشر ما يسمى بروايات الأدب الاسرائيلى باللغة العربية وطبعها على حساب هذا الشعب المعترض ، ولم يدركوا أنه كلام " كده وكده " وشغل " بولوتيكا " ، لأن العالم كله يعرف أنه لا يوجد ما يسمى بالثقافة اليهودية طوال التاريخ ! ولم يلحظوا أن اليهود رغم ذلك ما زالوا يرفضونه مهما فعل ، كما صرح "سالمون كورن" القيادى بالمركز الأعلى ليهود ألمانيا قائلا ( إذا كان السيد فاروق يملك تفكيرا " أخلاقيا "، فعليه أن " يخجل " من تصريحاته ولا يترشح لهذا المنصب لأننا نرفض ترشيحه لليونسكو حتى بعد اعتذاره عن تصريحاته ضد السامية ) ، بمعنى أن اليهود الخبثاء لا يريدونه فى اليونسكو مهما فعل ، وهى مؤامرة دنيئة كعادتهم مقصودها أن يظل "متبوئا" لكرسى العرش الثقافى المصرى ، وبالتالى يبقى تأثيره وتأثير كتيبته الواعية منصبا على الشعب المصرى وحده ! عدوهم الأول والحقيقى ! ويا له من سلاح !
ـ وبعيدا عن هذا الهجوم المغرض الذى لا يصب فى صالح البلاد كما ذكرت ، فقد توقفت عند نقطة مهمة وردت فى سياق الاعتذار الرقيق المهذب للوزير الفنان هى قوله ( أن بعض المواقف التي اتخذها في الماضي "أمليت" عليه نتيجة السخط لمصير شعب بأكمله ، الفلسطينيين ، محروم من أرضه وحقوقه ) فيا ترى من الذى "أملى" عليه هذه المواقف فى الماضى ؟ ضميره أم النظام ؟ أيا كان المُملى فالأكيد أنه ليست "الجالية" المصرية التى تستضيفها حكومات الحزب الجاثم على أرض المحروسة والتى ليس لها أن تُملى أو تأمل الى مدى يزيد عن رغيف العيش ! ثم ماذا استجد من تغيير فى " المواقف " اوجب عليهه الاعتذار ؟
ـ وبدون هزار ، ورغم أن الحسنة الوحيدة للرجل ، فى رأيى ، طوال مدة استوزاره كانت موقفه المضاد للتطبيع مع العدو ووقوفه كحائط صد قوى لأى محاولة اختراق للثقافة المصرية يقوم بها الصهاينة بأيديهم أو بمساعدة طابورهم الخامس داخل المحروسة ، رغم انه وزير فى نظام بينه وبينهم ما يسمى معاهدة سلام ، وهى نقطة حقيقية بالفعل تحسب فى حق الرجل واستمرت حتى قبيل ترشحه لليونسكو .
ـ ورغم أنه لم يرتكن الى أنه مرشح " أم الدنيا " التى تمثل وحدها بحضاراتها المختلفة وثقافاتها المتعددة ما يزيد عن ثلث حجم اهتمامات وأنشطة هيئة اليونسكو ، وأن بدونها ربما لن توجد هذه الهيئة ضمن منظمات الأمم المتحدة أصلا !
ـ ورغم أن الأولى به والأكرم للبلد العريق مهد الأديان والحضارة والثقافات الذى يمثله ، كان أن يعلن سيادته مثلا عن مشروع محدد مقنع لتطوير الهيئة إن فاز برئاستها ، بدلا من اختصار طريق النجاح فى الامتحان " اليونسكى" عن طريق "برشامة" إسرائيل ! ربما ظنا منه أن انتخابات الهيئة لا تختلف كثيرا عن انتخابات حزبه الجاثم أو امتحانات الشهادة الإعدادية !
ـ رغم كل ذلك .. فاننى أدعو الله تعالى ليل نهار وبكل إخلاص وصدق ، أن ينجح الوزير الفنان فى الامتحان ، رغم أنف كل الحاقدين ، وأن يعبر بحر الظلمات ويضع على رأسه تاج الجزيرة ويعتلى عرش اليونسكو ، وذلك لسببين ليس لهما ثالث :
أولهما أن يدرك العالم المثقف قوة احتمال هذا الشعب الأصيل ونبل معدنه وصبره على المكاره ورضاه بالقضاء والقدر وتكيفه مع كل الظروف التى تمر به وأن يلمس بنفسه عمليا حجم الثقافة التى " تجرعها " هذا الشعب الجميل طوال هذا العهد الميمون .
وثانيهما ، حتى يتولى الوزارة شاب نابه واعد مثقف لديه الرغبة والقدرة على التغيير ، بدماء جديدة وحيوية وهمة ونشاط ، أظنه سيكون رجل المهام الصعبة .. وزير الوزارات .. عم الشباب .. الدكتور يوسف بطرس غالى !
ضمير مستتر:
مِنْ يِبْغَضَكْ لم يحبك
ولو طَعَمْتُو الحلاوه
السن للسن ضاحك
والقلب كله عداوه