أديان العالم والسلام

صالح خريسات

في تاريخنا المعاصر، برز العديد من الساسة، ورجال الفكر، وعلماء الدين، ممن يدعون إلى السلام العالمي. كما وجدت منظمات عديدة، وقامت دعوات خيرة، تعمل من أجل السلام

في مختلف أصقاع العالم، شرقيها وغربيها ، نذكر على سبيل المثال : المهاتما غاندي، الذي أبى أن يستعمل العنف، في كفاحه ضد الاستعمار البريطاني، والبابا يوحنا الثالث والعشرين ، الذي أصدر مرسوماً بابوياً بعنوان " السلام على الأرض "، والمنظمات الدولية: مثل منظمة الأمم المتحدة ، والمنظمات التابعة لها، ومنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومنظمة العمل الدولي ، ومنظمة الأغذية العالمية ، ومنظمة الصحة العالمية ، وجمعيات الأمم المتحدة، مثل : جمعيات حقوق الإنسان ، وجمعيات دينية، وعلمية كثيرة، مثل " أديان العالم والسلام ، أكاديمية الأساتذة من أجل السلام ، جمعية أنصار السلام " .

 إن كل المعاهدات المبرمة بين الدول، تنص في جلاء ووضوح، على الالتزام باحترام الديانات، وتسهيل مزاولة الطقوس الدينية ، ونلاحظ التشجيع الكامل بين الدول، على القيام بمناسك الحج، بالنسبة للمسلمين ، وعلى الوصول إلى القدس، بالنسبة لليهود والمسيحيين .

 وفي تاريخنا المعاصر، نجد اعتماد بعض الدول الإسلامية على المسيحيين، للقيام بمهمة السفارة لدى الجهات الأجنبية الأخرى، والعكس صحيح أحياناً، حين نرى بعض المسلمين، يسفر للدول المسيحية لدى الطرف الآخر. وقد وجدنا أن أي اتفاقية بين دولتين، تتم تحت الضغط أو الإكراه ، ينبغي أن تعتبر لاغية، ومن هنا حرصت الدول، على أن تظل معاً على مائدة الحوار المستمر بينها ، لصالح الأمن والسلام ، بالرغم مما قد يحصل أحياناً، بين دولتين من مشاكل مختلفة .

 من أجل ذلك، رسخت في المجتمع الدولي، فكرة الدعوة إلى الحوار، كطريق مثلى للتغلب على المشاكل . وهناك من المبادئ التي عرفتها الدول اليوم ، مبدأ الالتجاء إلى المحاكم الدولية ، وطلب الرأي العام، وحول موضوع ما من المواضيع ، ونحن نعلم أن المادة الثامنة والثلاثين، من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية اليوم، تنص على تطبيق الاتفاقيات الدولية العامة والخاصة، كما تطبق الأعراف الدولية، ومبادئ القانون العامة، التي أقرتها الأمم، وأحكام المحاكم، فيما سبق من الزمن .

 إن في صدر المبادئ التي تضمنها القانون الدولي العام ، مبدأ المسؤولية الشخصية ، أي أن الذي يستحق أن يتابع عند اقتراف المخالفة، هو الشخص نفسه الذي اقترف تلك المخالفة، وليس جاره، أو قريبه، أو الدولة التي ينتسب إليها، على ما كان شائعاً في العصور الوسطى، لدى بعض الجهات. إن وجود القوانين، التي تدعو إلى التزام الأطراف، بالعمل على احترام المسؤولية الشخصية ، يوفر على المنطقة الدخول في متاهات متابعة أطراف أخرى ، وهذا من شأنه، أن يزيد في تعقيد القضايا ، واستعصاء الوصول إلى حل بشأنها .

 هكذا تعزز أيضاً جانب القانون العام، بنصوص أخرى، تجعل مبدأ المسؤولية الشخصية، أمراً غير قابل للنقاش، ولا للتأويل ، ونحن نعلم جيداً، أن هذا المبدأ كان في صدر ما اهتمت به تعاليم الإسلام ،ونص عليه في القرآن الكريم . إن القانون الدولي العام، ظل ملتزماً بهذا المبدأ، بكل صراحة، باستثناء حالة واحدة، هي أن يتبين أن الدولة، تتواطأ مع صاحب المخالفة ،فيما ارتكب من أعمال . فهنا فقط ، يسمح للمعتدى عليه ، أن يتابع الدولة التي ينتسب إليها الشخص، الذي ارتكب المخالفة، أو خرق القانون العام .