عسى كلّ طيّب مِن قومنا .. لكن ..!

عبد الله القحطاني

عبد الله القحطاني

إنها مقولة عربية ، رائجة في كثير من القبائل العربية العريقة : عسى كل طيّب مِن عربنا !

 الأسرة تفخر بأبنائها الجيّدين ، على كل صعيد : علمياً كان ، أم اجتماعياً ، أم خلقياً ، أم أدبياً..!

 وكذلك العشيرة ، والقبيلة ..

  قال الفرزدق ، الشاعر، يفاخر خصمه جريراً :

     أولئك آبائي .. فجِئني بمِثـلهمْ           إذا جمَعتْنا ، ياجريرُ ، المَجامع

   ويندر أن نرى قبيلة عربية قديمة ، برز فيها رجل ذو شأن ، ولم تفخر به ، وتُباهِ به الآخرين ، من أصدقاء وأعداء ..!

الأمم الحيّة تفخر بعظمائها وأبطالها ، وأصحاب الشأن فيها ، من علماء وساسة ، وفلاسفة ومبدعين .. ونحو ذلك !

 ويندر أن توجد أمّة حيّة ، لم تفخر بعظمائها ، وتباه بهم الناس ، من أصدقاء وأعداء !

بعض الأحزاب ، في العصر الحديث ، تسلك سلوك القبائل ، في تمجيد عظمائها، والفخر بهم!  والأمر ، هنا ، ربّما كان أهمّ ، بكثير، ممّا هو في القبيلة أو العشيرة ! لأن الأحزاب قائمة على الاتنماء الفكري الطوعي .. وهي تحتاج إلى توسيع دوائر محازبيها ومؤيّديها .. وأفضل دعاية لها ، تتجلّى في كثرة العظماء ، من المنتمين إليها ، من مؤسّسين ، وأشخاص بارزين ، على مستوى الثقافة والفكر ، والخلق ، والمكانة العلمية أو الاجتماعية !

  السؤال الهامّ والخطير ، المطروح ، اليوم ، هو : ألا تفخر الشعوب بزعمائها الأحياء ، في حياتهم ، وبعد موتهم !؟

 وإذا كان الجواب بالإيجاب ، كما هو حاصل ، اليوم ، في كثير من دول العالم وشعوبه ، المتقدّمة منها ، والمتخلّفة ..

فكم من الشعوب الإسلامية ، اليوم ، من يستطيع أن  يفخر، فخراً حقيقياً ، بزعمائه !؟ ولا يقصَد ، هنا ، جوقات الإعلاميّين ، الدين يمجّدون ذوي السلطان ، صباحَ مساءَ ، في الصحافة ، والإذاعات ، والقنوات التلفزيونية .. يزيّنون أعمالهم القبيحة ، ويحوّلون ، بزائف الكلام ، هزائمهم البشعة ، إلى اتنصارات .. ودناءتهم وفسادهم طهارة ونبلاً !

 وإذا كانت أكثرية هذه الشعوب ، لا تستطيع أن تفخر بزعمائها .. بل ، ربّما ، بمعنى أدقّ : بحكّامها .. لأسباب كثيرة ، ربّما كان منها ، جحود الشعوب لفضل الحكّام ، وإنكارها لعبقرياتهم ، وبطولاتهم الخارقة ، وتضحياتهم الجسام ، في سبيل أوطانهم وشعوبهم ..

 إذا كانت أكثرية هذه الشعوب ، لاتستطيع أن تفخر ، فخراً حقيقياً ، بزعمائها..أفلا تحبّ ، كسائر البشر، أن تفخر بهم .. أو ، أن ترى بينهم ، مَن يستحقّ الفخر ، بصورة حقيقية ، غير زائفة !؟ أم أن هذه الشعوب الجاهلة ، لايعجبها العجب ، ولا الصيام في رجب .. لذا ، تهمل بطولات حكّامها ، وتصفّق لبطولات الحكّام من دول أخرى ، بعيدة عنها ، في فنزويلاّ، مثلاً، على مبدأ : زامرُ الحيّ لا يُطرب !