محاكمة شعور
ياسمين رباح الشرفا
هذه مشاركتي الأولى هنا بمشيئة الله ، أتمنى ألّا يتم عرض سوى اسمي ( ياسمين رباح الشرفا ) عند نشر الخاطرة .. ولكم كل الشكر مقدما
شعور ؟؟
قمة المرار أن نضطر قهراً إلى خنق شعورٍ لإرضاء منطق .. لماذا لا يفهم القلب لغة العقل ولا يقتنع بها ؟ لماذا يصارع دوماً سائر أنحاء الجسد فتصرعه ويصرعها .. تنهكه وينهكها .. لماذا العداء بينهم ؟ لماذا ؟ لماذا الخروج عن القانون ؟ لماذا ؟
ما هو الشعور ؟؟ أعلامةُ روح ؟ أم إشاراتٌ عصبية وهرمونات تتحكم بها منطقة اللاوعي في الدماغ ؟ ما هو الشعور ؟
كيف يمكن للمشاعر أن تسيطر على المادة ؟ كيف يخضع الجسد لها فيمرض ويسهر ويموت ويحيا .. كيف ؟ كيف يخر العظيم طريحاً بفعل ما لا يُرى ؟ كيف ؟
أواه .. من يتحكم بمن ؟ هل المشاعر تتحكم بالجسد ؟ أم أن الدماغ يحكم الشعور ؟ أم أنها معركة ينتصر فيها الطرف الأقوى ؟ يقولون إنّ الدماغ يتحكم بالمشاعر ولكن من منطقة اللاوعي .. واللاإرادة .. فمن ذا الذي يعي ويريد ؟ هو نسيج عصبي فكيف يتحكم بنا هو دون إرادتنا ؟ من أين له بقرار ؟ .. سبحان الله .
قلب ..
عضلةٌ صغيرةٌ مدفونةٌ في ظلمة الجسد ، تثور ، تمور ، تنتفض ، تحترق ، لماذا ؟
لماذا لم يكن القلبُ كغيره .. نسيجا عضليا مجردا من الشعور ؟ لماذا ؟
هل القلب يحتكر المشاعر ؟ لماذا هو من دون سائر الجسد ؟ أسياسة غزو ؟ ألأنّ الدم الذي يضخه ينتقل إلى كل خلية فيحمل ما فيه إليها ؟ أم لأنّ معدل نبضاته وقوة ضخه يتحكم الجسد بها بناء على الحالة الشعورية .. من يؤثر بالآخر ؟ من ؟
لهب ..
كيف تحرقنا المشاعر دون نار؟ كيف نحترق وما سوانا برد ؟ أوليست الحرارة تنتقل عند تماس الأجسام حتى تتساوى ؟؟ كيف يحترق الصدر في وقتٍ يرتعش فيه الجسد مقرورا ؟ كيف ؟ ما طبيعة الضرام ؟ من أين له بحطب ؟ أويطفئه ماء ؟ رباه ..
حرب ؟؟
إن حاولنا قتل مشاعرنا .. تختفي قليلا .. ولكنها فجأة تباغتنا لتظهر .. أتخدعنا ؟ ما بها ؟ إن أرادت البقاء فلِمَ عنا تتوارى ؟ ألكي تكف عنها محاولاتنا المستمرة لقتلها ؟ ولماذا تظهر فجأة ؟ أهي تراكماتٌ تدفعها إلى السطح ؟ أم أنها سياسة حرب .. المباغَتة ..
هي معركة إذن .. أطرافها العقل والعصب والدم.. والشعور .. قائمةٌ ما قام الدهر أو.. أو ربما الدهر يميتها .. هل تُقتل مع الدهر ؟ أتحيا من جديد ؟ كيف تموت مع تعاقب الحياة ؟ أتنتهي بطول قهرها وكتمها وحرقها ؟ أيُضعف الدهر الطرف القوي فيُهزم ؟ يشيخ ؟ والعقل يبقى ؟ عجيب .. كيف يمحو الدهر المشاعر ؟ لماذا ؟
شرر ..
هل يُنقص منها البعد ؟ أم هل يزيد ؟ أم هل يزيد اشتعالها بداية ثم يطفئها ؟ وهل يميتها القرب مللا أم يلوّنها ويحييها ؟ كيف تنمو ؟ كيف تموت ؟ كيف تبقى ؟ كيف تُبقي ؟ كيف تحيا ؟ كيف تُحيي ؟ وكيف تميت ؟ أواه .
أنحن جلادٌ أم ضحية ؟ أم الاثنان معاً ؟ كيف تبدأ المشاعر ؟ أتبدأ طفلا نرعاه فيكبر .. أم أنها كائن غريبٌ يجتاح بصمتٍ لا نشعر به ، وحين يردينا ويضعفنا .. يظهر ؟ كيف تبدأ ؟ إن كانت طفلاً سينضج ليرهقنا طغيانا وكفرا .. فالموت له ولنا أرحم .. عسى الله أن يبدلنا خيرا منه زكاةً وأقرب رحما .. وإن كانت كائنا غريبا .. فليتهم يصنعون له مضادا حيويا .. أعتقده سيغزو الأرض من المشرق إلى المغرب .. ويريح الكون من طاعون المشاعر الذي يقتل الأحياء في أجسادهم ، أواه .
هروب ..
كيف تجرفنا المشاعر بعيدا عن الحياة والواقع ؟ ألذلك نستعذبها ؟ لنهرب من مرّ الحقيقة ؟ ولكن .. كلما أغفلنا واقعنا ازداد مرارة بانشغالنا عنه ودارت الدنيا من حولنا وتركتنا وحدنا مع المشاعر التي لا تقود سوى إلى اللاوجود .. وعند الاستيقاظ .. تكون المرارة قد زادت أضعافا مضاعفة .. فلم الهروب ؟ هي وسيلة انتحار لا هروب .. هي مسكنٌ لا يزيل المرض ، وإنما يخفف الشعور بأعراضه حينا ويفاقم حدته .. هل المنطق يدعونا للتداوي بما يقتل ؟ لا .. ما هو الأفضل ؟ تجرع مر الحقيقة أم الهروب عنها إلى دنيا اللاواقع وتخدير الإحساس بالألم ؟ هل علينا معايشة الألم ؟ لا .. ولكن العلاج لا يكون بهروب ، وإنما بمواجهة ما يواجهنا بشجاعة .. ومحاولة التغلب عليه .. فإن غُلِبنا .. فيكفينا شرفُ المحاولة .. ويكفينا أنّا لم نسقط في شباك الانتحار ..
مَن يهرب مِن مَن ؟ مَن ؟ أنهرب من الحياة بالمشاعر ؟ أم نهرب من المشاعر بالتشاغل عنها بالحياة ؟ من يبدأ بالهرب ؟ من ؟ ربما البداية تكون بالهروب من الحياة بالمشاعر .. وحين تصبح مرارة المشاعر أمرُّ من مرارةِ الحياة ذاتها نفضل اختيار أهون المرين .. مر الحياة على مر الشعور .. أهذا ما يحدث ؟ ويحي.
والمنطق ؟؟
لماذا نُجبر على خنق المشاعر ؟ لماذا لا يكون الأمر سهلا ؟ لماذا ؟ خلق الله القلب ليشعر .. ولكن ..
إن كان ما نشعر به سيفسد القلب ويرديه فلنقتله في مهده قبل أن يقتلنا .. وإن كان نورا قد تسلل إلى الشعور دون شعور .. فليحيا معنا بصمتٍ أبدي أو ليرحل .. فهو أبداً لن يقودنا إلى ما يغضب خلّاق القلب .. وملّاك الشعور .
الله يقلب القلوب ، ويبعث فيها المشاعر ، فلا ذنب لنا بالشعور ، ولكن الذنب .. كل الذنب يكون في مجاراة المشاعر ، وإمداد نارها بالحطب ، فليغب عن الدنيا الحطب ، ولْتُخمد النار ولْيُحرق اللهب ، حتى يحكم الله ، والله خير الحاكمين .