أمّ عمرو ، بين الأدب والسياسة !
عبد الله القحطاني
* أمّ عمرو ، اسم معروف ، في الأدب ، يتكرّر في نماذج عدّة ، وفي سياقات مختلفة !
الشاعر جرير قال :
يا أمّ عمرو ، جزاكِ الله مغفرةً ردّي عليّ فؤاديْ ، مثـلما كانا
شاعر آخر قال :
لقد ذهبَ الحمار بأمّ عمرو فلا رجعتْ ، ولا رجع الحمار
ولا ، هنا ، دعائية ، وليست نافية .. أيْ : يدعو عليها وعلى حمارها ، بالغياب الأبدي ، عن عينيه ! ( بعضهم يروي : فما رجعت .. بصيغة الإخبارعن عدم عودتها .. على طريقة الإعلانات ، التي تنشر ، اليوم ، في الصحف ، بعنوان : خرجَ ولم يعد !) .
أحد معلّمي الصبيان ، سمع البيت الأول ، عن أمّ عمرو ، فأحبّها ، من خلال هذا البيت ، وهام بها شوقاً ! وبعد شهور ، سمع البيت الثاني ، فحزن عليها حزناً شديداً ، منساقاً وراء وهمه ، في حزنه لفقدها ، هنا .. كما انساق وراء وهمه ، في حبّها ، هناك !
· انتقال أمّ عمرو ، الرمز ، من الأدب إلى السياسة .. لا يربكها ، بالطبع ، بل قد يربك المتعاملين مع رمزها ، محبّين كانوا ، أم مبغضين !
· أمّ عمرو ، في السياسة ، قد تكون فكرة سياسية ، عند شخص ما .. وهدفاً أو طموحاً ، عند آخر! وقد تكون حزباً سياسياً ، عند فئة ما ، أو شخص ما .. وحِلفاً سياسياً ، عند فئة أخرى ، أو شخص آخر !
· وقد تكون أمّ عمرو ، معشوقة لشخص ، يتغزّل بها ، عن قرب ، أو عن بعد .. كما قد تكون مَزهوداً بها ، مرفوضة عند شخص آخر، فيدعو عليها، وعلى الدابّة التي تحملها ، بعدم العودة .. كيلا يراها أبداً !
· وقد تكون أم عمرو ، ذاتها ، وهماً متنوّعاً ، لدى شخص ما ، كذلك الوهم الذي تنوّع لدى معلّم الصبيان .. فتكون أمّ عمرو معشوقة عند أحد الساسة ، اليوم ، يتغزّل بها ، ثم تكون فقيدة ، في اليوم التالي ، يبكي عليها ، ويتفجّع !
· في كل الأحوال ، تظلّ أمّ عمرو ، رمزاً بديعاً ، في الأدب وفي السياسة .. مثلها ، في ذلك ، مثل ليلى، التي صارت رمزاً متنوّع الصور والنماذج ، يحسبها بعضهم مريضة ، فيتمنّى أن يكون طبيباً لها ، فيقول :
يقولون : ليلى في العراق مريضة فياليتني كنت الطبيب المداويا
كما يراها بعضهم ، طيفاً يصعب الإمساك به ، أو وهماً بعيد المنال ، فيقول :
وكلّ يدّعي وصلاً بليلى وليلى لا تُقرّ لهمْ بذاكا