التماس رضى العرب،
بمعاداة الإسلاميين
أهو حكر على الحكومات ، أم ثمّة فئات أخرى !؟
عبد الله القحطاني
مواقف الحكومات ، من الإسلاميين ، في كثير من بلدان العالم الإسلامي ، واضحة ، لاتحتاج إلى شرح أو تفصيل !
وأساليب التفنّن في هذه المواقف ، وتوظيفِها ، بأشكال مختلفة ، وصور متعدّدة .. كثيرة متنوّعة ، تتشابه ، أحياناً ، هنا وهناك ، وتختلف أحياناً ، باختلاف الظروف ، بين الدول والحكومات ، والشعوب ، والحركات الإسلامية ، أنفسها !
أكثر مايكون التفنّن والتوظيف ، إنّما يكونان في علاقات الحكومات المذكورة ، بقوى الغرب، من صناع الرأي والقرار !
1) من أساليب التفنّن والتوظيف ، في مخاطبة الغرب ، ما يلي :
· نظام حكمنا ، في دولتنا ، هو أفضل الأنظمة ، للغرب ومصالحه ! والبديل عنه : هو الحركات الإسلامية المتطرّفة ، أو الإسلام السياسي ! وهو مخيف لنا ، في بلادنا ، ولكم ، في بلادكم وبلادنا ! لأن هذا البديل الإسلامي ، عدوّ حقيقي لكم ، يهدّد مواطنيكم ومؤسّساتكم ، في بلادكم .. ويهدّد مصالحكم ، في بلادنا ! فساعدونا على قمعه ، ومحاربته ، وتحجيمه.. في بلادنا ! ولا تكثروا من الحديث عن الديموقراطية وحقوق الإنسان ؛ لأن المستفيد الأول ، من هذا الحديث ، هو هذا الإسلام السياسي ، بشتّى صوره ، وطرائق تفكيره !
· نحن وأنتم معاً ، في خندق واحد ، ضدّ الإرهاب الإسلامي .. وكل إسلام سياسي ، هو إرهابي ، بالضرورة .. يهدّد مصالحنا ومصالحكم ؛ لاسيّما إذا أتحتم له فرصة ، لاستلام السلطة في بلادنا !
· نحن أناس علمانيون ، نحبّ حضارتكم الزاهية ، ونتّخذها قدوة لنا .. حتى لو اختلفنا سياسياً ، مع بعض الحكومات ، في مراحل معيّنة ، في بعض دولكم ، في الغرب ! أمّا الإسلاميون ، فهم خطر عليكم ؛ لأنهم لايؤمنون بحضارتكم ، ولايقيمون لها وزناً؛ بل يرونها حضارة فاسدة ، معادية لدينهم وأخلاقهم ، والقيم التي يؤمنون بها ! وهم ، من هذه الزاوية ، أعداء لنا ؛ لأنهم يسعون ، جاهدين ، لفرض معتقداتهم ، وقيمهم الدينية ، المتخلّفة ، علينا .. ونحن نرفضها ، بشدّة ، ونحاربها ، ليلَ نهار.. وأنتم ترون ما فعلنا بهم ، حتّى الآن !
2) هذه بعض الصور المألوفة المكرورة ، من صور مخاطبة بعض الحكومات ، للغرب ، بسائر دولة ! وهي مجرّد نماذج ، يمكن عرض العشرات من أمثالها ! فهل لدى قوى المعارضات السياسية ، أساليب مشابهة ، في مخاطبة الغرب ، وإخافته من الإسلاميين ، أو من الإسلام السياسي !؟
لقد أثبت الواقع الحيّ ، أن بعض القوى السياسية ، المعارضة لأنظمة الحكم ، لا تقل شراسة ، في معاداتها للإسلاميين .. عن الحكومات المتربّعة على صدور الشعوب ! ولو أتيحت الفرصة ، لهذه القوى ، في استلام السلطة .. فقد تكون أشدّ عنفاً وشراسة ، في محاربة الإسلاميين ، والسعي لا ستئصال شأفتهم .. بصرف النظر عن أيّ منهج ديموقراطي ، يتبنّاه هؤلاء الإسلاميون .. وبصرف النظر عن أيّ تعهّد ، أو التزام ، مِن قِبلهم ، بالمنهج الديموقراطي !
وربّما كان من الطرائف ، أن بعض هذه القوى ، المعارضة للحكومات .. داخلة في تحالفات مع الإسلاميين ، لإسقاط الحكومات المستبدّة ، وإعطاء القرارات للشعوب ، لتختار مَن يحكمها !
وبدَهي أن هذا المنهج في التفكير، لدى بعض القوى العلمانية ، المعارضة للحكومات .. مدمّر لكل مسعى ، تسعاه هذه القوى ، لإسقاط أنظمة الاستبداد .. مهما ادّعت الجدّية ، في معارضتها لهذه الأنظمة ، وفي السعي لإسقاطها !
كما أن هذا المنهج في التفكير، يتطابق ، تماماً ، مع منهج الحكومات المستبدّة ، في مخاطبة الغرب ، والمراهنة على دعمه ! إلاّ أنها تغفل عن مثَل معروف ، لايغيب عن أذهان ساسة الغرب ، وهو : عصفور باليد ، خير من عشرة على الشجرة ! وألسنة حالهم تقول : (الحكومات العلمانية ، القائمة اليوم ، تحقّق أهدافنا ، بصورة مضمونة مستقرّة .. فلمَ نضحّي بها ، لنضعكم في كراسيها .. حتّى لو توهّمنا ، بأنكم أطوع لنا منها !؟ ومَن يضمنكم ، لنا ، حين تتسلّمون السلطات في بلادكم !؟) .
وبهذا ، تخسر القوى العلمانية المعارضة ، رهاناتها كلها :
رهانها على دعم الغرب لها ، بديلاً عن الحكومات القائمة !
ورهانها على شعوبها ، التي لاترى فيها ، إلاّ بديلاً سيّـئاً ، للأنظمة القائمة !
هذا ، عدا عن إثارة نقمة حكّامها ، وتعريض أنفسها لغضبهم ..
فقد تساوت مع الحكّام ، في الحقد على الإسلاميين .. فصار حقدها داعماً للحكّام ، الذين تسعى إلى الإطاحة بهم !
وقد تساوت مع الحكّام ، في الخوف من الإسلاميين ! بَيدَ أن الحكّام ، لديهم مايخافون عليه ، وهو كراسي حكمهم ، وهي سلطة حقيقية ! أمّا هذه القوى ، فما تخاف عليه ، هو سلطة تتوهّمها في أحلامها ، وتتوهّم أن الإسلاميين ، سوف يستأثرون بها ؛ فيما لو أتيحت لهم الفرصة لذلك . فسبحان الله !