الصومال يضع قدمه على الطريق الصحيح

محمد صالح الشمّري

الصومال يضع قدمه على الطريق الصحيح..

فأعينوه..

محمد صالح الشمّري

في 31/1/2009م تم الإعلان عن الفشل الذريع لعملية تطويع الصومال التي اقترفتها القوات الإثيوبية بدعم كامل وتغطية دولية ومالية وعسكرية.. الخ من أمريكا- بوش.. كردٍّ على النجاحات البارزة التي أحرزتها (المحاكم الإسلامية) التي جلبت الأمن للمواطن الصومالي ذلك الأمن الذي افتقده دفعة واحدة ولمدة تقارب العقدين عندما أُطيح بحكومة الرئيس محمد سياد بري عام 1991م..

فقد التقط المواطن الصومالي، في معظم أراضي الصومال، أنفاسه في الفترة التي سيطرت فيها المحاكم الإسلامية وأمن الناس على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم وكادت تدور عجلة حياتهم دورتها الطبيعية مثل خلق الله كلهم مما أعطى انطباعاً بدأ يتجذر في نفوس الصوماليين وجيرانهم في القرن الأفريقي بأن الشريعة الإسلامية التي تطبقها المحاكم الإسلامية هي الدواء الناجع للمعضلة الصومالية التي أعيت كل الأطراف والدول التي دست أنفها في هذا البلد المنكوب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي فرت من الصومال فراراً ذليلاً بعد أن تناقلت وسائل الإعلام في العالم كله منظر العسكري الأمريكي الذي كان صبيان الصومال يجرونه في شوارع مقديشو ويلهون بجثته ويمثلون بها - وهو منظر لا تقره شريعة ولا يرضى به ضمير سليم- ومن يومها جرب كل فضولي حظه في مختبر الصومال وكان الجميع يخرجون منه مهزومين مثخنين بالجراح يجرجرون أذيال هزائم نكراء.. وآخرهم القوات الإثيوبية التي أظهرت من العنتريات في بداية تدخلها الأخرق الأهوج ما تنوء به الراسيات.. ثم خرجت ذليلة كسيرة مستعينة بمن دخلت أصلاً لإبادتهم.. مرغمة على الاستعانة بهم حتى تسحب قواتها المنهكة الضائعة التي لا تدري لماذا تحارب ومن تقاتل وما هو الهدف الذي تموت من أجله..

وفي 31/1/2009 استلم شيخ شريف رئاسة هذا البلد المنهك الذي يفتقر إلى كل شيء يميّز كيان الدول: فلا بنى تحتية ولا شوارع ولا مؤسسات ولا قوانين ولا أعراف ولا.. ولا.. فلا تزدهر فيه سوى الرؤوس التي تقود ميليشيات أو تجمعات تتكاثر كما يتكاثر الفطر وتنقسم على نفسها في كل لحظة.. وعندما كان هذا المقال يدفع للطباعة كان في الصومال ( 13 ) حركة رئيسية.. ولا نستبعد أن تزداد هذه الحركات واحدة أخرى عندما يتم نشره!!!

وهذه الحركات هي: ( جماعة التجمع الإسلامي- جماعة الشباب المجاهدين- المحاكم الإسلامية - التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال- جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة السلفية- حركة الإصلاح في القرن الإفريقي- الجبهة الإسلامية الصومالية- الحزب الإسلامي- ربطة العلماء الصوماليين- التكفير والهجرة في الصومال- جماعة التبليغ والدعوة- تنظيم أهل السنة والجماعة- الطرق الصوفية وأبرزها الطريقة القادرية وفروعها.. )

وبدلاً من أن تقوم هذه الحركات بدعم الشيخ شريف - الذي يشير سجله إلى استقامة ونظافة يد وقدرة إدارية ظهرت إبان فترة حكم المحاكم الإسلامية.. نقول بدلاً من دعم شيخ شريف.. فقد أحجم بعضهم عن الاعتراف بشرعيته وأعلنوا الحرب عليه وهذه الفصائل التي اقترفت هذا الموقف هي: حركة شباب المجاهدين، و قسم من المحاكم الإسلامية اسمه (جناح أسمرة)، وسلطة مدينة كيسمايو، والجبهة الإسلامية، ومعسكر عانولي.. وقد شكلت هذه الفصائل تحالفاً أطلقت عليه اسم: (الحزب الإسلامي)..

وإنه مما يميت القلب من كمد أن هذه الفصائل كلها إسلامية وكلها مطالبة بوضع يدها بيد الرئيس الجديد وهو واحد منهم عانى مما عانوا منه وقاسمهم كل المواجع التي تعرض لها وطنهم وأهلهم.. يعرفونه من قبل ومطلعون على سابقته الطيبة في فترة حكم المحاكم الإسلامية.. الخ وعوضاً عن دعمه وتأييده ومساندته.. قلبوا له ظهر المجن وناصبوه العداء وشهروا السلاح بوجهه..

ولكنه تحلى بالصبر لم يتنكر لوشائج الأخوة التي تربطه بهم وتربطهم به وفتح أبواب التفاهم والحوار والمصالحة على مصاريعها.. ورحب، فوراً، بالوساطة القيّمة والشجاعة والمسؤولة من قبل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي بادر إلى إرسال وفد إلى العاصمة الصومالية رغم كل ما يكتنف ذلك من مخاطر في أجواء الفتنة والسلاح مشرع والأيدي على الزناد فتحرك بحكمة بين الرئيس وبين الفصائل المناوئة فتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتعهدٍ واضح بتطبيق الشريعة السمحاء.. وحقن دماء المسلمين بعد أن منّ الله بتأييده فدحر جحافل الظلم والعدوان وأذلها حتى رضخت صاغرة بتسليم مقاليد الحكم لأهله الذين - على المحك وأرض الواقع- قد أثبتوا جدارة والتزاماً وحكمة بسطت الأمن والاستقرار عندما وسد الأمر إليها.. وهي قادرة اليوم بعون الله، على تطبيق ذلك ثانية إذا تضافرت الجهود وتشابكت الأيادي وعادت البنادق إلى أغمادها وشمرت السواعد السمر للبناء والإعمار في كل الميادين.. فكل الميادين خربة في الصومال وكلها بحاجة إلى الإعمار من نقطة الصفر.. بل وبعضها ما دون الصفر لأن إزالة ملايين الأطنان من الركام الذي خلفته سنوات الحرب الغبراء جعل الأمور دون الصفر بكثير وبالتالي فهي بحاجة إلى جهود مضنية.. قد يكون الشيخ شريف وبطانته الصالحة مؤهلين لذلك ولكن إمكانياتهم وطاقاتهم لن تكون كافية لوحدها بالتأكيد فمثلما بادر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مشكوراً مأجوراً، في جهود المصالحة.. كذلك يترتب على جميع الجهات والمؤسسات والمنظمات والأحزاب والشخصيات الإسلامية في كل مكان يذكر فيه اسم الله.. أن تقوم بواجبها أيضاً في دعم هذا الوليد الذي يبشر بكل خير.. إذا تم دعمه وتعهده من قبل الخيّرين في هذه الأمة الخيرية: كنتم خير أمة أخرجت للناس.. فلا يعفى من الواجب أحدٌ من أهل التوحيد في مساندة هذه العصبة المؤمنة على النهوض ببلدها وإعطاء الآخرين نموذجاً ومثلاً وتجربة إيمانية سليمة.. وعلى رأس هذا الدعم: مخ العبادة الذي يستطيعه كل أحد ونفعه ظاهر التحقيق.. فهل يكون المسلمون على مستوى التحدي ويقولون: لبيك اللهم لبيك..