الذي يصرّ على رأيه السياسي ،

عبد الله القحطاني

مكابرة وعناداً ، يريد وجه مَن !؟

عبد الله القحطاني

·        في أيّ حوار سياسي ، هادف جادّ .. تختلف الآراء ، وتتباين وجهات النظر، بين أشخاص من فريق واحد ، أو بين أفراد من أطراف مختلفة ، متحالفة أو متعاونة ، أو ذات مصالح متقاطعة ! والأصل أن كل شخص ، يطرح رأيه الذي يراه صواباً ، حرصاً على الوصول إلى النتيجة المطلوبة ، من الحوار، وهي: خدمة الهدف الواحد للمتحاورين ، أو خدمة المصلحة المشتركة لهم !

·        يؤدّي الحوار، أحياناً ، إلى نتائج واضحة ، محدّدة ، يظهر الصواب فيها ، لدى أحد المتحاورين .. وهنا ، تتباين مواقف المحاورين الآخرين :

1)    بعضهم يشعر بالارتياح ، للوصول إلى نتيجة واضحة ، مفيدة ، من الحوار.. وإلى رأي مشترك ، أو موقف مشترك ، بعد الجهد والوقت ، اللذَين بذلا في الحوار ، والمناقشة ، وتطارح الآراء المختلفة .. وهذا هو شأن الأكثرية العاقلة ، غالباً !

2)     بعضهم يحسّ بالضيق والحرج ، لأسباب نفسية ، أو خلقية ، خاصّة به ، منها : الحسد ، والإعجاب بالنفس والرأي ، وحسن الظن بالمؤهّلات الشخصية ، والخجل من ظهور الصواب في كلام غيره ، والخطأ في كلامه ..! فيبدأ هذا الصنف من المحاورين ، باللفّ والدوران ، والمكابرة والعناد ، وتمييع الصواب لدى غيره ، والتأكيد على مالديه ، هو، من أفكار جوهرية ..! وغير ذلك من الأساليب ، التي تضيع وقت المتحاورين ، وتضعهم في دوّامة من الجزئيات والتفصيلات ، وفنون الفصاحة ، أو البلاغة ، التي يصرّ المخطئ ، على إتحاف الحاضرين بها !

3)    حين ينكِر بعض المتحاورين ، على المخطئ المكابر، سلوكَه ، في معاملة محاوريه ، بعد أن ظهر خطؤه ، جلياً.. وظهر الصواب واضحاً ، لدى غيره .. ويسأله بعضهم ،  عن الهدف ، من وراء هذه المكابرة ، أو هذا العناد .. سرعان ما يحتجّ ، بأنه لا يريد الانتصار لرأيه ، بل لأجل الحقيقة ، أو حرصاً على المصلحة العامّة ، أو من أجل مصلحة الوطن ، أو يريد وجه الله .. إذا كان الحوار بين أناس ، يحرصون على رضى الله !

4)    وهنا قد تؤثّر عاطفة الرجل ، أو فصاحته ، في نفوس بعض الحاضرين .. فيؤيّدونه ، إشفاقاً عليه ، أو تأثّراً بفصاحته ، أو حرصاً على عدم إغضابه ..! فينقسم المحاورون قسمين ، أو ثلاثة .. بعضهم يحرص على الصواب ، الذي ظهر في الحوار، كسباً للوقت ، وابتغاء للمصلحة التي يريدون تحقيقها ! وبعضهم يؤازر المخطئ المكابر، للأسباب المذكورة ، أو لأسباب أخرى ، منها : الثقة المطلقة بسلامة تفكيره .. ومنها: وجود دالّة خاصّة ، له ، عليهم .. أو وجود مصلحة مشتركة ، أوغير ذلك ! وربّما وقف بعضهم على الحياد ، متحيّراً ، لأنه لا يحبّ أن ينحاز إلى أحد الفريقين ، حرصاً على الموضوعية ، في نظره ! أو حرصاً على عدم إغضاب أحدهما ، أو لأنه صار يشكّ بالصواب الذي اقتنع به في البداية ، تأثّراً ببلاغة المخطئ ، أو بعاطفته الحارّة .. أو خوفاً من أن يتّخذ المخطئ ، موقفاً سلبياً مؤذياً ، أو مربكاً ، للجميع !

5)    وهنا تدخل المؤهّلات الخاصّة ، للرأس الذي يقود فريق المتحاورين ، أو يدير جلسة الحوار.. ليحسم الأمر، بما لديه من وعي وإخلاص ، وحرص على جهود الآخرين وأوقاتهم ، من الهدر .. وحرصاً على المصلحة ، التي يتحاورون لتحيقها ، أو الهدف الذي يتحاورون للوصول إليه ..! حتى لو اضطرّ أن يبيّن للمتحاورين ، الوجه الحقيقي ، الذي يريده المخطئ ، وهو وجه نفسه ، أو وجه هواه وكبره ، أو وجه حسده ، أو وجه إحساسه بالضآلة ؛ لأن الصواب جاء على لسان غيره ..!

6)    ولا بدّ من التفرقة ، هنا ، بين خصمين يتناقشان حول مصالح مختلفة ، وكل منهما يسعى إلى التغلّب على خصمه ، وإقامة الحجّة عليه ، وإثبات الحقّ الذي يراه ، له ، عند الطرف الأخر.. وبين الحالة التي تحدّثنا عنها ، آنفاً ، والتي يدور الحوار فيها، بين أطراف فريق واحد ، أو بين أفراد فريقين ، متحالفين لتحقيق مصلحة واحدة !  

وسبحان القائل : ومَن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتيَ خيراً كثيراً !