وِعاءُ الفِكر

مصطفى حمزة

[email protected]

  قبلَ بضعة أيام أصبتُ بآلام في البطن مرعبة ، فقضيتُ عدة ساعات بدأتْ من الفجر في قسم الحوادث في المشفى . أجريت لي فحوصات وصورة أشعة وتحاليل مختلفة، والحمد لله كانت النتائج مُطَمئنِة ، وكان التشخيص " التهاب في المعدة " .

سألني الطبيب العربيّ المُعالِج إن كنتُ أشكو من مرض سابق فأخبرته قائلاً : عندي قرحة قديمة في القولون السيني ، القرحة من نوع مخلب قطّ ، وذات منشأ زُحاري .

نظرتُ إليه ، كان يُحدّق بي وكأنني أتكلم سنسكريتي ! .قال لي لم أفهم من كل كلامك إلا كلمتي : قُرحة، والقولون ، شنو السيني ، وشنو مخلب قط ، وشنو زحاري ؟!!!

قلتُ له : هكذا أحفظ مرضي .. بالعربي .

قال مازحًا : أنتم – السوريين - تُصَعّبونها علينا !! كيف تدرسون الطب بالعربي ؟! ثم بحث في اللاب توب أمامَه وأظهر الجهاز الهضمي .. فدللته على موضع قرحتي :

- أترى ؟ هذا القولون الصاعد ، وهذا المعترض ،وهذا النازل .. هنا موضع قُرحتي ، وأشرت إليها بإصبعي فحدّق بي مندهشًا مرة أخرى :  شنو الصاعد وشنو المعترض وشنو النازل ؟!! وراح يُعيد التسميات التي ذكرتُها له باللغة الإنكليزية ...

تذكرتُ كتاب : ( قصّة قرحتين ) ، وقد قرأته من عُقود ، للأستاذ الدكتور الدمشقي الشهير ( منذر الدقاق )، عبقريّ الطب المتخصصِ بجهاز الهضم ، لقد كتب قصّتهما بعلمٍ غزير ، وبلاغة عربيّةٍ رائعة ..وكمْ غرفتُ منه من معرفة !

اللغة وِعاءُ الفكر، لا يحفظه سليمًا كاملاً إلاّها

سلّمكم الله من كل مرض.