حضارة الطريق

د. حامد بن أحمد الرفاعي

د. حامد بن أحمد الرفاعي

يقول الله تعالى:"قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ"

ويقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ,مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا،قَالَ:فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجْلِسَ,فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ,فَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ..؟قَالَ:غَضُّ الْبَصَرِ،وَكَفُّ الأَذَى،وَرَدُّ السَّلامِ،وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ،وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ".

ويقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم:"الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً,فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ:لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ,وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ,وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ".

ويقول إمام البناء الحضاري في المسيرة البشرية..أمير البناء والأداء والتجديد والتطوير..الخليفة الراشد العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه:"لوعثرت بغلةٌ في العراق لسألني الله تعالى عنها لِمَ لَمْ تُمهد لها الطريق يا عمر ..؟".

النصوص السالفة الذكر وما يتسق معها من نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة..تقدم منظومة حضارية في إعلاء شأن الطريق والسبل وكل وسائل الاتصال والتواصل بين العباد..لكونها أسباب ملحة لتسهيل مهمة الخلائق بالنهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض وعمارتها واستثمار مكنوناتها..ومن أبرز دلالاتها في أهمية توفير الطرق ووسائل الاتصال والعناية بها ربط سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم العلاقة بين الإيمان وسلامة الطريق لقوله:"الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً,فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ:لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ,وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ"إماطة الأذى من الطريق بكل أنواعه وأشكاله المادية والمعنوية واجب ديني ومسلك وجداني متكامل ومتلازم مع لا إله إلا الله..لتكون السبل والطرق سالكة آمنة للمشي الإيجابي المنتج الراشد في الأرض..فالطريق مثل أي وسيلة من وسائل الحياة معرض للاستخدام الإيجابي والسلبي..ولتحصين الطرق وكل وسائل الاتصال من مخاطر الأداء السلبي والعبث والهلاك..جعل الإسلام التعامل مع الطريق مسألة إيمانية وجدانية سلوكية أخلاقية..وليس مسألة نفعية مادية ورفاهية فحسب..بل هي مسألة حضارية بنائية إبداعية متكاملة ومتلازمة مع الإيمان وسلامة العقل واستقامة الوجدان..وذلك لتحقيق مرضاة الله وتمجيده في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض..أجل فتمجيد الطريق من تمجيد الله تعالى في شرعة الإسلام ونهجه الحضاري الخالد..وبعد هلا أدرك الناس جلال فقه الطريق وأهميته ..؟فأعطوه حقه.