اعتقال ألمانيا للصحفي أحمد منصور بناء على طلب متزعم الانقلاب المغتصب للسلطة كشف عن زيف ديمقراطيتها

كان الاعتقاد السائد أن دولة ألمانيا قد طوت صفحة الفترة النازية ،وقطعت صلتها بتاريخها الأسود عندما اختارت المسار الديمقراطي الذي يحترم حقوق الإنسان إلا أن ما وقع بالأمس في إحدى مطاراتها كشف القناع عن زيف ديمقراطيتها حيث قامت شرطتها باعتقال الصحفي المصري أحمد منصور الذي يشرف على برامج  في  قناة الجزيرة القطرية منها شاهد على العصر ، وبلا حدود . والمعروف عن هذا الصحفي أنه يعارض الانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية في مصر ، وأنه يتناول في برامجه قضايا تهم الأوضاع السياسية في العالم العربي بجرأة  غير مسبوقة في الإعلام العربي . وكان آخر ما قدم في برنامجه بلا حدود لقاء مع أحد الخبراء الألمان الذين يقدمون استشاراتهم للنظام الألماني ، وقد انتقد لقاء المستشارة الألمانية مع متزعم الانقلاب في مصر، الشيء الذي اضطر الخبير الألماني إلى الاعتراف بزلة المستشارة ،كما أنه كشف عن قيام السياسة الألمانية على أساس المصالح لا على أساس المبادىء وعلى رأسها الديمقراطية التي يتبجح بها الألمان . وبهذه الحادثة  يتأكد مرة أخرى أن الديمقراطيات الغربية عبارة عن شعارات فارغة،  وأنها مجرد استهلاك إعلامي ليس غير ، وأن حقيقة السياسة الغربية  هي المصالح  التي لا  مبادىء ولا أخلاق لها .  ولا يستبعد أن يكون النظام الألماني، وهو تابع للنظام الأمريكي وللأنظمة الغربية السائرة في فلكه بحكم هزيمته في الحرب العالمية الثانية قد ساهم بشكل أو بآخر في طبخ الانقلاب العسكري في مصر من أجل حرمان الشعب المصري من تجربة ديمقراطية فتية خلصته من نظام الحكم العسكري المستبد لعقود بعد حصوله على استقلاله . ويبلغ نفاق الأنظمة  الغرب  ذروته  عندما تصدر بلاغات إعلامية تدين الأحكام الجائرة الصادرة عن القضاء المصري المأجور الذي صار دمية في  يد متزعم الانقلاب  ، وفي المقابل تضفي الشرعية عليه، وتستقبله استقبال الزعماء الشرعيين ، وتسانده ، وتمده بالمعونات العسكرية بما فيها  الأسلحة بذريعة محاربته للإرهاب الذي يعني في الحقيقة قمع ثورة يناير التي ثارت ضد الحكم العسكري  الذي كان يرعى مصالح الغرب  في المنطقة وعلى رأسها  التمكين للكيان الصهيوني المحتل للأرض العربية وتحقيق أمنه وسلامه . وترى الأنظمة الغربية  في ما تسميه الإسلام السياسي إرهابا، لهذا دبرت الانقلاب العسكري في مصر ضد حزب الحرية والعدالة  التابع لجماعة الإخوان المسلمين، علما بأن هذه الجماعة منذ نشأتها لم تتبن العنف أبدا  ، ولا زال قادتها وهم وراء القضبان يدعون أنصارهم إلى تجنب الاستجابة لاستفزاز عنف الانقلابيين، وذلك لفضح عنفهم واستبدادهم ولإحراج الأنظمة الغربية والإقليمية  التي ساندت أو دبرت الانقلاب على الشرعية والديمقراطية .ولا شك أن آخر حلقة في برنامج بلا حدود قد مس النظام الألماني  في الصميم حين تناول قضية ابتزاز الكيان الصهيوني  له  فيما يعرف بقضية المحارق أو الهولوكوست ، وحين تناول دور الألمان المحدود في السياسة العالمية والتبعية للولايات المتحدة  .ولا شك أن ما أثير في هذا البرنامج خصوصا استقبال المستشارة لمتزعم الانقلاب  كان صفعة قوية  لها ، وربما  يكون السر وراء توقيف  الصحفي أحمد منصور هو هذا الأمر خصوصا وأنه  صرح لقناته يوم أمس أنه يحمل معه وثيقة  تبرر من خلالها شرطة الأنتربول ساحته من أية متابعة جنائية بتاريخ  بعد تاريخ  وثيقة اعتقاله التي تقدم بها النظام المصري . ولقد اعتبر أحمد منصور أنه من المؤسف أن يستجيب النظام الألماني لمتزعم الانقلاب في مصر الذي تلطخت يده بدماء مئات المصريين، والذي لا يقل  دموية عن دموية النظام النازي ،وهو نظام يخجل منه الألمان  ،ولا عن دموية الكيان الصهيوني المبتز لهم . ومن غير المستبعد أن يكون الكيان الصهيوني  وراء  مؤامرة اعتقال الصحفي المصري لأنه لا يدخر جهدا ولا وسعا في فضح عدوانية ودموية هذا الكيان الغاصب المحتل . وفي الوقت الذي كان شرطة الألمان تعتقل  الصحفي المصري كان الكيان الصهيوني يدبر عملية إفلات  أحد قادته الدمويين من الاعتقال في إحدى مطارات بريطانيا وهو في الجو ، والويل  والثبور وعواقب الأمور لأي جهاز شرطة في العالم  تسول له نفسه مجرد التفكير في اعتقال عنصر من العناصر الإجرامية في الكيان الصهيوني لأنهم شعب الله  المختار وأبناؤه وأحباؤه الذين يحق لهم أن يعيثوا في الأرض فسادا ولا يسألون عما يفعلون .  ولقد سخر محامي الصحفي المصري،  وهو ألماني من التهم الملفقة له في مذكرة الاعتقال ، وهي الاغتصاب،  والسرقة،  والاختطاف  . ومعروف عن هذا الصحفي أنه أبعد ما يكون عن هذه التهم ، وأنه إنسان متدين . وهذا يعني أنها تهم يتم التمويه بها على التهمة الحقيقية التي هي فضح  جريمة الانقلاب على الشرعية والديمقراطية ، وفضح مشاركة أو سكوت أنظمة غربية وعربية في هذه الجريمة بشكل أو بآخر . ولن يسكت  أبدا باطل الاعتقال  مهما صال  ومهما بلغ صوت الحق  مهما استضعف . وعلى كل صحفي حر في العالم أن يدين بشدة اعتقال هذا الصحفي بناء على مذكرة فاقدة للمصداقية  وللشرعية وهي من طرف مجرم حرب كان من المفروض  أن يكون تحت طائلة العدالة في كل محاكم العالم وهوالذي عبر عن جبنه  من السفر إلى جنوب إفريقيا حيث صدرت مذكرة اعتقال في شأنه . ولقد كان على العدالة الألمانية أن توقفه ساعة وطئت قدمه أرض ألمانيا عوض استقباله بالبساط الأحمر بالرغم من موجة الاحتجاج  العارمة  زيارته  في أوساط أحرار الشعب الألماني  الذي عانى من ويلات الاستبداد النازي .