عراب الاستيطان وغسل أدمغة الطلبة اليهود
تسابق حكومة (نتنياهو) المتطرفة ساعات الزمن في طرح عطاءات مشاريع ومخططات استيطانية كبيرة تهدف إلى سرقة أرضنا، ووئد المشروع الوطني بإقامة دولتنا المستقلة على كامل التراب الفلسطيني.
وتتسارع في هذه الأيام وتيرة أعمال البناء في الوحدات الاستيطانية في القدس المحتلة والضفة الغربية، حيث تعمل حكومة (نتنياهو) على تبني مشاريع استيطانية كبرى تهدف للربط بين المستوطنات الصغيرة لتكوين مجمعات استيطانية كبيرة، كما تولي (إسرائيل) أهمية بالغة لبناء أكبر عدد من الوحدات الاستيطانية في كل عام وتنفق عليها ميزانيات مالية طائلة.
وبحسب آخر الدراسات الحديثة الخاصة بالاستيطان فإن حكومة الكيان تنفق سنويا قرابة (2,3) مليار شيكل (إسرائيلي) لأعمال تطوير البنى التحتية للمستوطنات، وتقدر الدراسات أن مجموع ما أنفق على الاستيطان حوالي (50 مليار) شيكل عدا ما أنفقته الشركات الخاصة والأفراد والمؤسسات الصهيونية لدعم الاستيطان على أرض فلسطين.
ويعمل المستوطنين الصهاينة على البحث على الأماكن الإستراتيجية والهامة في الضفة والقدس المحتلة، وحسب المصادر الإعلامية فقد سيطر الصهاينة مؤخرا على أرض كنيسة " بيت البركة " الواقعة في مخيم العروب شمال الخليل، واستطاع المستوطنين توفير دعم مالي عبر أحد الأثرياء اليهود في أمريكا لشراء أرض الكنيسة، حيث قام الملياردير اليهودي- الأمريكي (آرفين موسكوفيتش) الذي يطلق عليه (عراب الاستيطان) بشرائها، وهي بحسب المعلومات المتوفرة لدى كاتب هذه السطور- عبارة عن قطعة أرض مهجورة كانت تعود ملكيتها لإحدى الكنائس البروتستانتية في الخليل، فيما صادق وزير الدفاع الصهيوني (موشيه يعلون) على ترميم كنيسة (بيت البركة) وذلك تمهيدا لبناء مستوطنة على مساحة 40 دونم، تربط بين المجمع الاستيطاني (جوش عتصيون) ومدينة الخليل.
إذن الغول الاستيطان يتمدد ويتوسع في الضفة المحتلة، ضمن مخططات السيطرة الكاملة على أهم المناطق الإستراتيجية، وتطويق الضفة بالكتل الاستيطانية، ولدى الحكومة الصهيونية مخططات تهويدية للكثير من المناطق الهامة في مدينة خليل الرحمن الفلسطينية، أما في القدس المحتلة ففي كل ساعة تتواصل أعمال الاستيطان؛ وقامت سلطات الاحتلال حديثا بحسب بيان صادر عن دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير- بمصادرة (615) دونما من أراضي قرية الولجة الواقعة جنوبي مدينة القدس، وذلك تماشيا مع المخطط المصادق عليه لإقامة حديقة وطنية ستعمل على ابتلاع أراضي المواطنين في القرية، بهدف إنشاء طرق وممرات للمشاة وطرق للدراجات الهوائية ومساحات عامة مفتوحة ورياضية لصالح زوار الحديقة (الإسرائيلية) التي ستضم ساحات معدة كمواقف للسيارات بالإضافة إلى إقامة بعض المباني العامة من أبرزها مبنى للاستخدام السياحي يراد تشيده على قطعة أرض تصل مساحتها (50) دونم؛ وقد وصفت دائرة شؤون القدس أن مخطط إقامة الحديقة الوطنية على أراضي قرية الولجة يأتي جزء من مخطط كبير يطلق عليه حدائق (عيمك رفائيم) وهو من اكبر المخططات الإسرائيلية، ويقع الجزء الأكبر منه جنوبي القدس الغربية داخل الخط الأخضر وتصل مساحته إلى(5600) دونما.
ويرى كاتب السطور أن برنامج حكومة (نتنياهو) داعم بشكل كبير لسرقة الأراضي الفلسطينية والسيطرة عليها، وبناء عدد من الوحدات الاستيطانية، خاصة أن (نتنياهو) يعد من أكثر رؤوساء الوزراء الصهاينة دعما للاستيطان، حيث تضم حكومته المتطرفة أربعة وزراء مستوطنين وكذلك نائب وزير الدفاع، كما سلم (نتنياهو) أحد قادة المستوطنين المتطرف (زئيف إلكين) حقيبة وزارة شؤون القدس وهو قيادي في حزب (الليكود)، كما أن حزب الليكود الصهيوني الذي يرأسه (نتنياهو) يعد تاريخيا الداعم الأول للاستيطان في المناطق الفلسطينية المأهولة بالسكان والمدن الفلسطينية الكبيرة منذ سبعينات القرن الماضي.
إذن بناء الوحدات الاستيطانية من أكثر الأمور خطورة على أرضنا الفلسطينية، ويهدف إلى خلق واقع جغرافي وديمغرافي جديد وشرعنة الاستيطان، والخطورة في ذلك أن أعداد المستوطنين بازدياد حيث بلغ عددهم هذا العام حسب الإحصائيات الحديثة حوالي (615) ألف مستوطن يعيشون في (185) مستوطنة بالإضافة إلى (220) عشوائية، وأنهم يشكلون ما نسبته (21%) من سكن الضفة المحتلة والقدس.
الأمر الآخر الذي يصب في نفس أهداف السيطرة والتوسع الصهيوني، واستهداف الأماكن الأثرية الفلسطينية، وتهويدها وتزييف تاريخها، قرار وزير السياحة الصهيوني(يريف لفين) إلزام طلبة المدارس اليهودية الدينية بزيارة الأماكن الفلسطينية التاريخية المقدسة، ضمن مخطط يهدف لغسل أدمغة طلاب المدارس، وتزييف الحقائق والتاريخ؛ ووفقا للخطة التي عرضها الوزير المتطرف (ليفين) فإنه يتوجب إلزام كل طالب يهودي بزيارة عشرة مواقع خلال سنين تعليمه، ضمن خطة وزارية أشمل للتعرّف على (التراث والتاريخ اليهودي) حسب زعمهم والتي يمكن من خلالها بحسب وجهة النظر الصهيونية تقوية الارتباط ، وتجذير المفهوم بأن هذه الدولة هي دولة (الشعب اليهودي)، و يقع في مقدمة هذه المواقع المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، وبلدة سلوان – جنوب المسجد الأقصى، ومنطقة حائط البراق والأنفاق أسفل المسجد الأقصى، بالإضافة مواقع أثرية فلسطينية أخرى على أن يتمّ تأهيل مرشدين مختصين من الوزارة الإسرائيلية يرافقون الطلبة في الجولات التعليمية المذكورة.
ولازال (الإسرائيليون) يواصلون حربهم على التاريخ والآثار الفلسطينية، وفي مقدمتها المقدسات الفلسطينية التي تواجه معركة التهويد والتهديد للتاريخ والحضارة والإنسان والمكان، لذا فإن التحديات التي تواجهننا كبيرة في معركتنا وصراعنا مع الاحتلال؛ ولابد من الإعداد جيدا لمواجهة التحديات وحمايته من خطر الاحتلال الداهم والهادف للسيطرة على الأرض الفلسطينية والتاريخ والحضارة الشامخة.
إلى الملتقى ،،
قلم/ غسان مصطفى الشامي