المفتي وإدارة جامعة القاهرة يسعون في تخريب بيوت الله!
ما ذكره مفتي الإعدامات شوقي علام بخصوص غلق مساجد جامعة القاهرة أمام وجوه الطلاب والطالبات، بناء على استفتاء وُجِّه له من إدارة الجامعة، وأن بناء مسجد جامع وحيد في الجامعة يحقق مقاصد الشريعة في تحصيل المثوبة والأجر بالسعي للمساجد، ويحصن المساجد من نشر الفكر المتطرف، هو كلام لا علاقة له بالشرع ولا مقاصده..
بل إن إجازة هذا الأمر هو ضد مقاصد الشريعة، فلو تم غلق مساجد الجامعة جميعا، وتم توحيد الصلاة في مسجد واحد، لتعطلت مصالح الطلاب في الذهاب والإياب، وكذلك مصالح الأساتذة، ولانقضى الوقت في الذهاب والإياب لهذا المسجد، وبخاصة أن جامعة القاهرة واسعة المسافات، وسوف يستغرق الطالب أو الطالبة والأساتذة المصلون ثلث ساعة على الأقل ذهابا وإيابا، وذلك لكل صلاة، وفي هذا من التشديد والتنطع وتعطيل مصالح التدريس والتعليم وشئون الموظفين، ما تنزهت عنه الشريعة السمحاء، لقول الله تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ". [سورة البقرة: 185]. وما رواه أبو داود بسنده عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه".
ثم هل يعقل أن مسجدا وحيدا يُبنى ويتسع لألف مصلٍّ فقط - كما جاء في تصريحات رئيس الجامعة - يكفي لجامعة يتعلم فيها "أكثر" من (150000) طالب وطالبة؟ لو افترضنا أن 5% فقط من طلاب الجامعة يقيمون الصلاة، فالعدد يكون أكثر من 7500 طالب وطالبة يصلون!!
قد نتفهم هذا في صلاة الجمعة باعتبارها صلاة جامعة من أهدافها جمع المسلمين في مكان واحد بما يمثل عيدا أسبوعيا للمسلمين، ويكون حينئذ أمرا جائزا تنظيمه لولي الأمر أو مسئول المكان، وهو ما لن يحدث؛ لأن يوم الجمعة لا عمل فيه بالجامعة أصلا.
ولا يدخل فيما ينتوون فعله الصلواتُ اليومية كما ذهب لذلك د. أحمد موافي، القائم بأعمال رئيس قسم الشريعة الإسلامية في كلية دار العلوم جامعة القاهرة؛ لما في ذلك من عسر ومشقة وتضييق على العباد جاءت الشريعة برفعه ودفعه.
إذا كان مفتي الإعدامات ورئيس جامعة القاهرة يريدان تحصين الجامعة من "أصحاب الفكر المتطرف" كما يزعمون، فيسعهم أن يكون في كل مسجدِ كليةٍ إمام ٌمن الأوقاف، يصلي بالطلبة ويمنع تصدُّر أصحاب الفكر المتطرف المزعوم، والذي لم يظهر فجأة بعد مرور أكثر من قرن على تأسيس الجامعة!!
إن ما سيقدم عليه رئيس جامعة القاهرة من إغلاق مساجد الجامعة وتوحيد الصلوات في مسجد وحيد بجامعةٍ تعدادُ طلابِها "أكثر" من 150000 طالب وطالبة، تحت غطاء فتوى باطلة من مفتي الإعدامات، لا علاقة له بشرع ولا مقاصد شرع، ولا علاقة له بتحصين المساجد من أصحاب الفكر المتطرف، وإنما هو يأتي في سياق الحرب على الهوية الإسلامية، ويقع صاحبه - سواء من أفتى ومن سينفذ - تحت طائلة قول الله تعالى: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ". [سورة البقرة: 114].
وسوم: العدد 623