البرميل والطفل

د. محمد أحمد الزعبي

بينما كنت أنظر إلى آلاف السوريين من أبناء جلدتي من النساء والأطفال والشباب  ، هذا المساء عبر التلفاز ، وهم  يصارعون الجوع والعطش والموت  والخوف والتعب ، كيما يصلوا إلى بلد أوربي غربي ، يودعون بوصولهم إليه ذلك الجوع والعطش  والخوف  , والتعب والموت تحت الأنقاض وبراميل بشار الأسد المتفجرة ، وصواريخه الفراغية ،  ومشاهدتهم  أطفالهم وهم يلفظون أنفاسهم في أحضانهم ، أقول : تمنيت وأنا أشاهد هذه المآسي الإنسانية التي يعاني منها أبناء بلدي ، أن أكون شاعراً مثل أحمد مطر كيما أكتب قصيدة عنوانها " البرميل والطفل "  لكي أقول فيها شعراً  لانثراً مايلي :  

1. إن  السبب الأساسي لرحيل / هجرة  أبناء بلدي الحبيب سوريا نحو أوروبا الغربية ، بهذه الأعداد الهائلة هو تدمير بيوتهم ، وقتل أطفالهم بالجملة  وبالمفرق بواسطة  براميل بشار الأسد  وصواريخه وطائراته  وشبيحته ، وأيضاً أنصاره  الطائفيين الذين  وفدوا إلى سوريا من إيران ولبنان  وغيرهما  لكي يقاتلوا معه تحت زعم طائفي كاذب  هو الدفاع عن مقام الست زينب  (!!) . 

2. يقول الشاعر العربي : 

                    إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا         ألا تفارقهم  فالراحلون هم   

والسؤال المطروح هنا : ترى من هو القادر على منع  هذه الآلاف المؤلفة من السوريين من الرحيل عن بلدهم إلى أوروبا الغربية  ؟. من هو القادر على وقف هذه   " التغريبة السورية " ، ولكن الخالية  هذه المرّة من " أبو زيد الهلالي " و" ذئاب ابن غانم " و " ألزناتي خليفة " ، والتي أبطالها ( التغريبة السورية ) حسب مشاهدتي لها  هذه الليلة على شاشات التلفاز ، هم أولئك الأمهات اللواتي  كنّ يحتضن أطفالهن الذين لا تزيد أعمارهم عن ثلاث سنوات ، ليعبرن  بهم من تحت الأسلاك الشائكة في إحدى الدول الأوربية الفقيرة ، إلى إحدى الدول الأوربية الغربية الآمنة والغنية ؟.

إن من يستطيع منع هذه الآلاف المؤلفة من السوريين  من الرحيل / الهجرة إلى أوروبا الغربية ، هو  عمليّاً من يستطيع أن يمنع بشار الاسد من  الاستمرار في تدمير بيوتهم وقتل أطفالهم  ، ويمنع  أيضاً قوات قاسم سليماني وحسن نصر الله من البقاء على الأرض السورية  ، فمن هو ذلك الذي يستطيع ذلك ، ولكنه لايفعل يا ترى  ؟ (!!) . إنه ببساطة وعفوية سيادة الرئيس أوباما( أبو الخطوط الحمر) ، الذي  بات شعار المجتمع الدولي  من مجازر بشار الأسد  في ظل رئاسته  وحمايته ( لاأرى ، لاأسمع ، لاأتكلم !! ). 

3. نعم لقد سكت الجميع ( المجتمع الدولي ) عن قتل أطفالنا واغتصاب نسائنا وتدمير مدننا وقرانا من قبل نظام بشار الأسد ، ولكن طائر العنقاء سيظل يصيح في آذانهم صباح مساء ، ليقول لهم بلسان ذلك الطفل الذي لاتفارقه صورة ذلك البرميل الذي دمر بيته ودمر معه حياته وحياة أهله :  " الساكت عن الحق شيطان أخرس " ، فلا نامت أعين الجبناء.

وسوم: العدد 631